وليد سند أيها الشاعر في رأسي، جرِّبْ الوقوعَ مرّةً أُخرى.. مارِسْ غوايتَكَ، اهجُر العالمَ قليلًا، واحرُفِ النَّجمةَ عن مَسارِها لترى كيف يَرتبكُ الليل. أيها المُسافر في رأسي لا وجهة لديك ولا بلاد تَمرُّ بي مُستَعجَلا لا تلتَفِتُ إلى الوراء، وتَترُكُ على جِدارِ ذاكرتي خيطًا من الغبار، وأثَرَ جناحٍ سَقَطَ وهو يُحاوِلُ الإفلات خارجَ جاذبيةِ هذا الوطن الوهم. أيها الحائرُ في رأسي، أراكَ أحيانًا تَقِفُ خلفَ نافذتي تكتبُ على الزجاجَ المبلول بقطرات الندى بأصابع مكسورة البابُ أمامك والنافذة خلفك السجناء فقط يحبون الشخبطة على الجدران، ما هي تهمتُك؟ أيها العاطلُ في رأسي لماذا تجلسُ قُبالَتَي وتقَلِّبُ كَفّيكَ مُتعَبًا؟ عندي ليلٌ واسِعٌ يستطيعُ أن يَبتَلِعكَ دون أن يتلعثَم، شماليةٌ أم جنوبيةٌ هذهِ التنهيدة؟ أيُّها الشاعر مرةً أخرى.. إن كنتَ ستسقُط، فارجِعْ إليّ بِقَدْرِ ما يَكفي لِكي أعرف: هل المَصائِدُ التي نَصِبْتَها لِي كانت شِعرًا؟ أم أنَّ القصيدة هي التأشيرة للعبور الافتراضي إلى خلف الجدار؟ يا صاحبي، مَن مِنّا نَصَب الفخَّ للآخر؟ هل كنتَ فريستي، أم كنتَ حُجَّتي على نفسي؟ لا أحد يعرفُ، فالقصيدةُ حين تفتحُ فمَها لا تُفرّقُ بين مَن يَكتب ومَن يُكتَبُ به. قِفْ أمامي كما يقفُ النادمُ أمام مِرآته، وقُل لي: حين سَقَطْتَ، هل هَوَيْتَ في داخلي أم هَويتُ أنا في داخلك؟ أيها الكائن في رأسي، من أنت؟