والآن انقلب الوضع فلقد اصبحت روسيا دولة جاذبة للمهاجرين, خاصة الصينيين حيث تشير السلطات المختصة بمراقبة الحدود الروسية الصينية إلي ان نحو مليون ونصف مليون مواطن صيني عبروا الحدود بشكل غير مشروع إلي منطقة اقصي الشرق الروسي. واذا كان هناك من يشكك في صحة هذا الرقم سواء بالزيادة أو النقصان فإن تدفق المهاجرين الصينيين إلي هذه المنطقة يثير المخاوف من عودة النفوذ الصيني إلي المنطقة, ونشوب نزاع اقليمي قد يهدد بتوتر العلاقات بين أكبر قوتين في آسيا, وهو الامر الذي يمكن ان يوصف بأنه قنبلة موقوتة علي الحدود. واذا كان من الصعب في الوقت الحالي, الجزم بعدد المهاجرين الصينيين في أقصي الشرق الروسي لانه لم تجر احصاءات في روسيا منذ عشرة أعوام تقريبا, إلا ان كل الدلائل تشير إلي ان اعدادا كبيرة من المهاجرين الصينيين يعبرون الحدود الروسية, وتتفاوت التقديرات تفاوتا هائلا فيقدر مركز كارينجي بموسكو عددهم بنحو250 ألف صيني, وتقول وزارة الداخلية الروسية ان عددهم يصل إلي مليوني مهاجرين,. وتشير تقديرات اخري إلي عددهم تجاوز5 ملايين مهاجر. وبصرف النظر عن هذه التقديرات المتفاوتة فإن الادارة الروسية الفيدرالية للهجرة حذرت من ان الصينيين قد يصبحون العرق الاكبر عددا في المنطقة في فترة تتراوح بين20 و30 عاما وهذا يتطلب عبور ما يقرب من300 ألف صيني الحدود سنويا. وهناك العديد من الاسباب التي تدعو إلي الاعتقاد بأن عدد المهاجرين الصينيين إلي اقصي الشرق الروسي قد يصل إلي هذا الرقم, اهمها ان هذه المنطقة تعتبر صمام الامان بالنسبة للصين, التي يبلغ عدد سكانها مليارا و200 مليون نسمة أي8 أضعاف سكان روسيا, ويقطن74 مليون روسي المنطقة بينما يسكن70 مليون صيني منطقة شمال شرق الصين المتاخمة لاقصي الشرق الروسي وتعتبر هذه المنطقة خاوية تقريبا حيث يقطنها13 مواطنا لكل كيلو متر مربع. وبناء علي ذلك فإن أي نوع من التوسع الصيني في المنطقة يدعو إلي طرح سؤال شديد الاهمية هو: ماهي المطالب الصينية في المنطقة التي تبلغ مساحتها نفس مساحة ايران تقريبا؟ وكانت خاضعة للنفوذ الصيني حتي استولت عليها روسيا بموجب اتفاقية في عام1860 فرضت علي الصين, ورغم ان موسكو وبكين وقعتا علي اتفاقية حدودية في عام1991 فإن الصين لم تقبل رسميا حتي الآن اتفاقية1860 وقبلها اتفاقية أخري عام.1858 ومما يزيد من الاهتمام الصيني بالمنطقة انها غنية بالموارد الطبيعية الضرورية للصين كونها الآن دولة سريعة النمو ويوجد بالمنطقة احتياطي كبير من البترول والغاز والاخشاب. وهو مواد يسهل نقلها إلي داخل الصين, بدلا من نقلها إلي موسكو التي تبعد3 آلاف كيلو مترا, كما ان العمالة الروسية في المنطقة آخذة في الانكماش مع تقدم السكان في السن وعدم احلالهم بسكان شباب, وهو الامر الذي دعا حاكم المنطقة الروسي إلي الدعوة إلي استجلاب5 ملايين روسي للعيش في المنطقة. وعدم تركها للمهاجرين الصينيين حتي يصبحوا أغلبية بها.