«الوهم» أو «الأوهام»، مصطلح أو صفة شائعة تتردد كثيراً بين الناس..وعندما نصف شخصاً أو نتهمه إزاء موقف معين، ونقول له: «أنت واهم»، فإن ذلك يعني أننا ننسف كل أفكاره وقناعاته! فعادة ما تقترن الأوهام بالأفكار الخاطئة والخرافات، وتوصف في أحوال كثيرة بالضلالات، بمعنى أنها عرض لتشوه الحواس، وانحراف للإدراك العقلي المجرد. فكثير من تلك الأوهام تتأتى نتيجة افتراضات عامة يقوم بها الدماغ خلال إدراكه الحسي غير المنطقي، ومن ثم توصف بأنها «أوهام». لكن المشكلة الحقيقية تكمن في صعوبة الفصل بين الأوهام الطارئة إزاء ظرف أو موقف أو اتجاه معين أو فكرة محددة، وبين الأوهام والضلالات المرضية التي تكون أعراضاً لمرض نفسي أو عقلي معين. خورشيد حرفوش (أبوظبي) - مما لا شك فيه أن هناك مسافة شاسعة بين «الوهم» والحقيقة، وهناك من يعتبر الأوهام زيفاً وبهتاناً، وهناك من تكون أوهامه إيجابية، وتنحى منحى أحلام اليقظة الوردية، لكنها في النهاية أحلام مجافية للواقع، وقد تسبب المبالغة الوهمية في زيادة الضغوط أو الشكوك أو المخاوف المرضية، وقد تذهب إلى الاتجاه العكسي وتسبب لصاحبها تأثيرات سلبية عديدة. الدراسات العلمية الحديثة، تشير إلى أن هناك حالة واحدة من بين كل مائة مريض بمرض عضوي، لا يتأثر بالأوهام، في مقابل 99 % لديهم قابلية ما للتأثر بالأوهام! وهذه النسبة العالية تؤكد أن هناك علاقة قوية بين الأوهام والمرض أياً كان نوعه. الأمر يبدو مثيراً أن نرى أناساً يقصدون الطبيب النفسي للعلاج من الأوهام، وفي المقابل هناك من يعالجون نفسياً بالوهم والإيحاء!.. فما حقيقة الأوهام إذن؟ تشوه الحواس الدكتور محسن خليل، استشاري الطب النفسي، يوضح حقيقة الوهم، ويقول: «يعرف «الوهم»، بأنه سيطرة أفكار معينة على تفكير الشخص من شأنها أن تسبب تشوهاً في إدراك الحواس الخمس، أي أنه تشوه يَكشِف كيف يُنظم الدماغ ويُفسِّر الإثارة الحسية أو أنه يشوه الحقيقة، وبالتالي نجد أن الأوهام قد تكون ضلالات عقلية، أو أفكار سلبية أو مخاوف أو ضلالات بصرية أو سمعية أو حتى أحاسيس غير واقعية للطعم والتذوق أو الشم أو الإحساس بالألم العضوي. فالأفكار هي نتيجة ما لإحدى العمليات الإدراكية في المخ، والأوهام التي تصيب حاسة السمع تكون عبارة عن سماع أصوات لا وجود لها، أما أوهام كل من حاسة اللمس والتذوق والشم، فتكون بسبب تلف أجزاء من المستقبلات العصبية للسان أو لمحفزات اللمس والشم. ومن المؤكد أن هناك علاقة مباشرة وطيدة بين الأمراض النفسية والعضوية على وجود الأوهام وأشكالها ودرجة خطورتها، ومن ثم علينا أن نتحرى الدقة في تشخيص الأوهام، هل هي بسيطة أم متطرفة أم نتيجة لوجود مرض معين كالتي نراها عند المرضى الذين يعانون اضطرابات ذهنية «عقلية». لكن يلاحظ أن بعض الأوهام تكون نتيجة مرض أو اضطراب، ولكل نوع منها سماته وشروطه الخاصة به. فعلى سبيل المثال، يعاني كثير من مرضى الصداع النصفي أوهام العتمة الجدارية، في حين نجد الذين يعانون «الرهاب» قد يتخيلون أنهم يشاهدون أشباحاً تمشي في الظلام وهكذا». ... المزيد