وجد سكان قرية في شمال غرب سوريا ملجأ لهم هربًا من غارات الطيران الحربي في مغاور تحت الأرض في منطقة صخرية وعرة، حيث يحاولون تنظيم حياتهم. عين الزرقا (سوريا): قال عبدالله بدوي (32 عامًا) لوكالة فرانس برس "جئنا إلى هنا بسبب القصف، فالنظام يقصف قريتنا باستمرار". وأضاف "سقطت قذائف قرب منزلنا في قرية الحمامة، وتسببت إحداها في تحطيم الزجاج، بينما أصابت أخرى الباب بأضرار. عندها، قررت أن آتي بعائلتي إلى هذه المغارة". أنشأ بدوي جدارًا أمام المغارة التي يقيم فيها أفراد عائلته ال15، كما استحدث بابًا. وفي الداخل، أقام موقدًا للتدفئة والطبخ. وجلس أولاد عبدالله على سجادات على الأرض. وقال والدهم "لا يحبون إقامتهم هنا، يجدون أن المكان سيء وضيق، وليس هناك طعام كاف". يشار إلى أن مغارة عبدالله واحدة من عدد كبير من المغاور الطبيعية التي تشرف على نهر في سفح الجبل الصخري. وقد اعتاد سكان هذه المنطقة على رؤية هذه المغاور منذ زمن طويل، لكنهم لا يعلمون شيئًا عن تاريخها أو عمّا إذا كان تم استخدامها لغرض معيّن عبر التاريخ. عدد كبير من هذه المغاور يسكنه أناس من القرية نفسها، ويمكن رؤية ملابس معلقة على أشجار صغيرة خارجها، وسجادات وشوادر بلاستيكية تغطي مداخل المغاور التي يمكن بلوغها عبر سلالم محفورة في الصخر بشكل غير منظم. لا يملك سكان الحمامة المال الكافي للانتقال إلى تركيا المجاورة التي نزح إليها عشرات آلاف السوريين، فقرروا البقاء معًا، واللجوء إلى المغاور، لا سيما أن منازل بعضهم قد تحولت إلى ركام بسبب القصف. بعض المغاور تقطنها نساء فقط، إذ إن أزواجهن أو أبناءهن معتقلون لدى السلطات بتهمة التعاطف أو مساندة المعارضة المسلحة. وقالت نجاح غفري (55 عامًا) "أبنائي الثلاثة وزوجي في السجن منذ تسعة أشهر، ولا أعرف شيئًا عنهم. ذهبت بحثًا عن معلومات عنهم، فأوقفوني لمدة ستة أشهر". بينما تتحدث، تعمل على إزاحة صخور ثقيلة حتى مدخل المغارة التي تستعد لتسكن فيها مع عشرات النساء والفتيات الأخريات من عائلتها. وأوضحت أنها تفعل هذا "للحؤول دون سقوط الأطفال" من أعلى الصخرة، ولحماية من هم داخل المغارة من أنظار الفضوليين في الخارج. وقالت "هنا، نشعر بالأمان أكثر من القرية. على الأقل، لا نرى القذائف عندما تسقط". لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن سماع دوي الانفجارات الناتجة من القصف المدفعي على معاقل لمقاتلي المعارضة في المنطقة. ولا يعرف سكان المغاور كم ستطول إقامتهم هنا في ظل استمرار النزاع الدامي في البلاد منذ 22 شهرًا، وقد أوقع حتى الآن أكثر من ستين ألف قتيل، بحسب الأممالمتحدة. ويقول عبدالله "لا أعرف كم سنبقى هنا. شهرين، أو ربما خمسة، أو ستة. سنبقى حتى يتوقف القصف".