احباط تهريب 213 شخصًا من اليمن ومداهمة أوكار المهربين.. ومفاجأة بشأن هوياتهم    بصعوبة إتحاد النويدرة يتغلب على نجوم القرن و يتأهل إلى نصف النهائي    دورة الانعاش القلبي الأساسي للطاقم الطبي والتمريضي بمديرية شبام تقيمها مؤسسة دار الشفاء الطبية    الدوري الايطالي ... سقوط كالياري امام فيورنتينا    الروس يذّكرون علي ناصر محمد بجرائم 13 يناير 1986م    الشراكة مع الشرعية هرولت بالإنتقالي لتحمل جزء من فاتورة الفساد!!    محاولات التركيع وافتعال حرب الخدمات "يجب أن تتوقف"    المهندس "حامد مجور"أبرز كفاءات الجنوب العربي تبحث عنه أرقى جامعات العالم    تصحيح التراث الشرعي (32) أين الأشهر الحرم!!؟    السعودية تقدم المزيد من الترضيات للحوثي    رونالدو يفاجئ جماهير النصر السعودي بخطوة غير مسبوقة والجميع ينتظر اللحظة التاريخية    إعلان سعودي رسمي للحجاج اليمنيين القادمين عبر منفذ الوديعة    المشروع السعودي "مسام": 84 مدرسة في تعزز تضررت من الألغام الحوثية    نجل القاضي قطران: والدي معتقل وارضنا تتعرض للاعتداء    احتجاز نجم نادي التلال العدني وثلاثة صيادين في معاشيق: نداء عاجل لإطلاق سراح أبناء صيرة المقاومين    هل لا زالت تصرفات فردية؟.. عبدالملك الحوثي يبرر اعتقال الناشطين وتكميم الأفواه ويحذر: مواقع التواصل عالم مفخخ وملغوم    الحوثيون يسرقون براءة الأطفال: من أيتام إلى مقاتلين    شاهد: "المشاط يزعم أن اليمن خالٍ من طبقة الأوزون والاحتباس الحراري ويثير سخرية واسعة    منارة أمل: إنجازات تضيء سماء الساحل الغربي بقيادة طارق صالح.    مأساة في عدن: فتاة تنهي حياتها قفزًا بعد تراجع معدلاتها الدراسية    "دموع العروس تروي حكاية ظلم": ضابط حوثي يقتل شاباً قبل زفافه!    ذئب مفترس يهجم على شبان سعوديين داخل استراحة.. وهكذا تمكنوا من هزيمته "فيديو"    العطس... فُرصة للتخلص من السموم... واحذروا كتمه!    بنك اليمن الدولي يرد على شائعات افلاسه ويبرر وقف السحب بالتنسيق مع المركزي .. مالذي يحصل في صنعاء..؟    بنك مركزي يوقف اكثر من 7شركات صرافة اقرا لماذا؟    الحكومة تطالب دول العالم أن تحذو حذو أستراليا بإدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب    الهلال الأحمر اليمني يُساهم في توفير المياه الصالحة للشرب لمنطقة عبر لسلوم بتبن بدعم من اللجنة الدولية ICRC    - بالصور لقاء حماس وحزب الله وانصارالله في ايران كمحور مقاومة فمن يمثلهم وماذا دار؟    إقالة تشافي والتعاقد مع فليك.. كواليس غضب لابورتا من قائد برشلونة السابق    مصادر: مليشيات الحوثي تتلاعب بنتائج طلاب جامعة إب وتمنح الدرجات العالية للعناصر التابعة لها    "القسام" تواصل عملياتها برفح وجباليا وجيش الاحتلال يعترف بخسائر جديدة    بسبب مطالبته بدفع الأجرة.. قيادي حوثي يقتل سائق "باص" بدم بارد في ذمار    سنتكوم تعلن تدمير أربع مسيّرات في مناطق سيطرة الحوثيين مميز    نايف البكري يدشن صرف البطاقة الشخصية الذكية لموظفي وزارة الشباب والرياضة    المحكمة حسمت أمرها.. حكم بتنفيذ عقوبة ''القذف'' ضد فنانة مصرية شهيرة    ماذا قال السامعي و الكبوس والكميم ووزير الشباب    رسميا.. برشلونة يتواجد بالتصنيف الأول في قرعة دوري أبطال أوروبا    ليفاندوفسكي يفشل في إنعاش خزائن بايرن ميونيخ    وزير الأوقاف يحذر ميليشيا الحوثي الارهابية من تسييس الحج والسطو على أموال الحجاج    الحوثيون يقيلوا موظفي المنافذ ويجرونهم للسجون بعد رفضهم السماح بدخول المبيدات المحظورة    الهلال يُشارك جمهوره فرحة التتويج بلقب الدوري في احتفالية استثنائية!    سموم الحوثيين تقتل براءة الطفولة: 200 طفل ضحايا تشوه خلقي    شاب سعودي طلب من عامل يمني تقليد محمد عبده وكاظم.. وحينما سمع صوته وأداءه كانت الصدمة! (فيديو)    تغاريد حرة .. الفساد لا يمزح    للوحدويين.. صنعاء صارت كهنوتية    ورحل نجم آخر من أسرة شيخنا العمراني    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن مراد : الحزب الإشتراكي حقق انتصاراً على خصمين لدودين


عبدالرحمن مراد
01-24-2013 03:08
الجنوب الحر - عبدالرحمن غيلان
برز جلياً في الآونة الأخيرة صراع ما يُسمّى بمراكز القوى السياسية في اليمن متمثلاً باستقطاب واحتواء كل مركز لمجموعة من المثقفين والكُتّاب والصحفيين ليصبحوا أدوات دعائية لخطابه السياسي ومبررين بالوكالة لمجمل مواقفه الملامسة لواقع المجتمع .. سواء كانت تلك المواقف سلبية أم إيجابية .. باستثناء قلّة قليلة من المثقفين الذين بدأوا واستمروا على خطهم الإنسانيّ الرائع في أيّ منبرٍ كانوا وأينما تواجدوا يمثلون أنفسهم ونبلهم وثقافتهم غير المشروطة.. ومن هؤلاء برز الشاعر والناقد والباحث والمفكر الأستاذ /عبدالرحمن مراد كقارئٍ عميق لمجمل الأحداث السياسية والإجتماعية في اليمن .. وهو في هذا الحوار يقرأ الوضع السياسي في البلد من المنظور الذي يراه ويفهمه ويدرك ماوراءه.
- في البداية .. هل تظن أن ثمة احتمالاً أو أملاً في الخروج من عنق الزجاجة التي وصل إليها الوطن في مرحلته الحالية ؟
كل مرحلة تحولية تمرّ بمخاضات مؤلمة ، هكذا هي طبيعة المراحل التحولية ، الماضي يتشبث بوجوده والمستقبل يزاحم في الوجود ,عملية صراعية وجودية ، ومثل ذلك الصراع أو التدافع من سنن الله في كونه ، وكل مرحلة لا يمكنها أن تكون صورة مماثلة للماضي وأبطال الماضي بالضرورة لن يكونوا هم أبطال الغد .
وما يجب التذكير به أن ساحات الاعتصام أحدثت تحولا جوهرياً في الوعي الجمعي وفي المفهوم الحقوقي والمفهوم السياسي وأصبح التعاطي مع الحالة السياسية أكثر تقدماً وأكثر وعياً من ذي قبل ، ومثل ذلك التحول الثقافي الذي صنعته ساحات الأعتصام يجعلنا نطمئن على المستقبل ونثق بقدرتنا في الخروج من عنق الزجاجة حتى ولو بلغت حالة التشظي ذروتها .
- ثمّة من يرى أن الفعاليات السياسية اليمنية لا تحمل مشروعاً وتفاعلها البيني ليس أكثر من تصفية حسابات قديمة .. والشعب ليس في سلّم اهتماماتها هل تتفق مع هذا الرآي ؟
أتفق بالتأكيد فتفاصيل المشهد السياسي تشير إلى مثل ذلك فالقضية الوطنية أصبحت تمتدّ إلى عقد الستينيات من خلال الإفصاح عن الحالات القهرية التي ظلت بعض القوى تداهن واقعها بها لأسباب إجتماعية وأمنية وسياسية أيضاً ، فالذين يصدرون الكتب وينفون حالة التشويه التي لحقت بهم من خلال إستنطاق العامل الثقافي التفاعلي التاريخي يشعرون بحالة إنفراج ويحاولون إستعادة قيمتهم التي فقدوها خلال عقود مضت والذين يرسمون الوجوه على الجدران في شوارع العاصمة يعوضون حالة الشعور بالنقص من خلال خاصية التذكر والتجميع , والذين يشعلون فتيل الأنفصال – وقد أصبحوا أهم الفاعلين في الحدث السياسي – إنما يحاولون إستعادة قيمتهم ومعناهم بعد أن شعروا بالضياع والتحليق في خارج المدار .. ولا يمكن نكران حضور الثأر السياسي بين القوى السياسية فالإشتراكي مثلاً حقق إنتصاراً على خصمين لدودين هما المؤتمر الذي عمل على إخراجه من السلطة وصادر أمواله وممتلكاته وخاض ضده حرباً ضروساً في صيف 1994م والإصلاح الذي ساهم مع المؤتمر في الحرب وساهم في التخفيف من التأثير الجماهيري للإشتراكي من خلال فتاوى التكفير وتسفيه إيديولوجيته من على منابر المساجد .
- معنى ذلك أن الحزب الأشتراكي هو الحزب الوحيد المنتصر في أحداث 2011م ؟
لا ... ليس الوحيد ولكنه الأبرز ... القضية هنا نسبية .. الإشتراكي استطاع تجريد المؤتمر من أهم مفردات قوته وهي السلطة واستطاع تجريد الإصلاح من أهم مفردات قوته الجماهيرية وهي استغلال العاطفة الدينية ، لقد فكك هذه المنظومة بكل رموزها من خلال التناقض الذي بدت عليه تلك الرموز في القول والممارسة ، كما أن تحالف الإشتراكي والإصلاح قد كسر الحاجز النفسي الذي صنعه الخطاب الديني ضده ، عقلانية الإشتراكي انتصرت وحققت جماهيرية واسعة ,فياسين سعيد نعمان هناك إجماع شعبي على استحاقه لرئاسة الوزراء ومثل ذلك الإستحقاق لم تمنحه الجماهير لغيره من رموز العمل السياسي ، والمؤتمر فقد جزءًا كبيراً من قاعدته الجماهيرية لصالح الحركة الحوثية والإصلاح فقد جزءاً كبيراً من قاعدته الجماهيرية لصالح الحركة السلفية والإشتراكي استعاد عافيته في الجنوب وقلب موازين القوة الجماهيرية هناك ، وتظاهرة التصالح والتسامح كانت خارج حسابات كل القوى وعقلانية الإشتراكي خلقت تعاطفاً جماهيرياً واسعاً ليس في المحافظات الجنوبية فقط بهذه المقاييس نرى أن الأشتركي كان الأبرز في تحقيق الكسب السياسي مما حدث في عام 2011م .
- هناك قوى تقليدية تحاول أن تحتفظ بقيمتها ومكانتها من خلال الإستغراق في الفعل والتاُثير في السياسة العامة للدولة .. وهي بذلك قد تعيق حركة الإنتقال من خلال قدرتها على التأثير .. كيف تقرأ المستقبل من خلال تلك التموجات في اللحظة السياسية التي نعيش ؟.
الإنسان بطبيعته أكثر ميلاً إلى الثبات إذا ألف شيئاً يريده أن يظل كما ألفه رغم أن الحركة من حوله توحي له بالتغير والتبدل لكنه يغفل أويتغافل ولا أظن أن القوى التي تقصدها قادرة على البقاء في مناخات المستقبل ، ثمة صهر قد حدث أعاد صياغة قوالب المرحلة وفق اشتراطات اللحظة والمستقبل لا وفق اشتراطات الماضي ، بوتقة الماضي الآن تستقبل كل رموز الماضي .
- أنت ترى أن بوتقة الماضي تستقبل كل رموز الماضي .. ماذا عن اللواء علي محسن الأحمر وما تتناقله الصحف من أنباء ؟
اللواء على محسن رجل ذكي هو الآن يناور من أجل ضمان مناخ أفضل لمستقبله لكنه يدرك الحقائق الموضوعية التي ساهم في صناعتها ولا أظنه غافلاً عن حقائق التبدل والتغير كما أنه يدرك أنه من المستحيل أن يملأ زمنه وزمن غيره وفي ظني أن التفاعل مع المستجدات هو الضمان الأمثل في الإستمرار في المشهد واللواء علي محسن يملك كل مقومات تأسيس حزب وكما كان متصدراً للمشهد الإجتماعي والعسكري هو يملك مقومات التصدر في المشهد السياسي لو أحسن التفكير والصناعة وتجرد من علائق الماضي وإختلاط وتداخل مصالح الموالين ،لأنه إذا استسلم لمنطقها ففي ظني أنه يذهب إلى الفناء المؤجل بنفسه.
- وماذا عن أولاد الشيخ ؟
أولاد الشيخ هدموا مجداً مؤثلاً بناه لهم أبوهم الشيخ عبد الله وقد ثاروا على مشروعهم وهذا أغرب شيء مرّ في التاريخ اليمني .
- أوضح أكثر ..
بعد حرب صيف 94م تحالفت القوى التقليدية كلها ضد الحزب الإشتراكي الذي أعلن الإنفصال أو قل بعض رموزه ، وجاءت حالات الفرز ل 7 يوليو لتجعل الشيخ في واجهة الإستحقاق , وفي هذا المناخ تبلور ( مشروع الشيخ ) وكان رائده هو الشيخ عبد الله ومرتكزاته هو التصدر للمشهد السياسي ومعياريته كانت المساندة والمشاركة في حرب صيف 1994م دون أدنى اعتبار لعنصري الكفاءة والتأهيل العلمي ، وكان من نتائج هذا المشروع هو إقتصار عضوية المجلس التشريعي ( النواب ) على فئة المشائخ والعسكريين وبنسبة تكاد أن تكون مذهلة وغير معقولة وكذلك مجلس الشورى وتضخم الهيكل الإداري بأولئك المشائخ ، وظل هذا المشروع بكل مرتكزاته هو الأكثر حضوراً وفي ظلاله تبلورت فاعلية الشيخ في المشهد السياسي الوطني والإقليمي ونشأت امبراطورية حميد الأحمر المالية وأنت تلحظ أن قبل 1994م لم يكن هذا المشروع حاضراً بنفس القوة التي كان عليه بعد 1994م
وثمة من أثار الأسئلة حول هذه الظاهرة في فترات زمنية متباعدة وأحياناً متقاربة وكان يبرز حميد الأحمر كأقوى مدافع عن القبيلة ومشروع الشيخ وأظن الصحف مازالت تحتفظ بذلك الجدل الذي دار حينها حول من نقد مشروع الشيخ ودفاع حميد عنه وأولاد الشيخ ثاروا على مشروعهم بعد أن أفنوا عمراً في الدفاع عنه ولا أظنهم قادرين على صناعة بدائل .
- لكنهم يملكون امبراطورية مالية كبيرة .... ؟
نعم أصبحوا يملكون امبراطورية مالية كبيرة .. لكن تلك الإمبراطورية لا يمكنها الإستمرار إذا ظلت في مدار الاقتصاد الطفيلي والمعاشي اليومي ولم تنزاح إلى الإنتاج المؤسسي الذي يخلق لنفسه طاقة إستمرارية من خلال تحديثه لذاته وخلق علاقات جديدة وحديثة ، ولكل شيء إذا ما تم نقصان ، فصادق لا يمكنه أن يكون بديلاً عن الشيخ عبد الله ، كما أن الذي سوف يأتي بعد حميد لن يكون مثل حميد .
- وماذا عن التجمع اليمني للإصلاح ؟
الإصلاح أصابته حالة من حالات العمه الثوري فهو مع الرئيس هادي ما تناغمت مصالحه فإذا تقاطعت المصالح ذهبوا يعددون أقارب الرئيس الذين عينهم في مناصب حساسة لا يمكنه أن يعين فيها إلا من هم أهل لثقته ، ومن حق كل رئيس أن يختار معاونيه بحكم طبيعة المرحلة والواقع السياسي والاجتماعي والثقافي ويبدو مضمون خطابهم منبثقاً من وعي الغنيمة وهذا الوعي لا أظنهم يملكون القدرة على الخروج منه ، فالوطن ليس غنيمة ولا يمكن تفصيله على مقاسات فئة دون أخرى .. المضحك أن عجزهم بات واضحاً من خلال ضيق أفقهم في التعامل مع المؤسسة الأمنية وإقتراح هكيلة لا تسع إلا إلاصلاح نفسه وقد لاحظنا كيف استدعى الرئيس الخبراء لإعادة النظر في موضوع الهيكلة للجهاز الأمني .. ونمدهم في طغيانهم يعمهون .
- والحركة الحوثية ؟
- الحركة الحوثية يبدو أن زهو الإنفجار الجماهيري سيأخذها إلى مربعات العمه والطغيان، كما أن مقدمات الإشتغال على مفردة الموت سيجعل من النتائج دماراً أو حزاماً ناسفاً ، وفي ظني أن التعايش مع الآخر ثقافة قرآنية محضة وخلق المبررات للوجود من خلال صناعة أعداء وهميين أو حقيقيين لا يدل على مشروع إمتلاء حضاري ، هذا الأشتغال هو ذاته الذي كانت علية حركة (الإخوان ) ولم يكن حظ الإخوان والمسلمين من ذلك الإشتغال سوى ما وصلنا إليه من تشويه وتناقض وعجز وشلل تام ، لا يمنع الحركة من الإستفادة من تجربة الإخوان وتجاوزها .. فالعدو الحقيقي ليس الآخر بقدر ماهو عجزنا وفشلنا عن صياغة مشروع امتلاء حضاري ونديّة حضارية وثقافية كما أن الدين ليس ثابتاً ورمزيات جامدة ولكنه حركة حضارية وثقافية ومشروع نهضة.
- والحراك الجنوبي ؟
الحراك الجنوبي ربما تدل مقدماته على نتائجه وأعتقد أن أشتغاله على عبارة فك الإرتباط لن يفضي به إلا إلى مزيد من التشظي والتشرذم فعمر الوحدة في الجنوب لا يتجاوز ( 23 عاما ً) وهي فترة الحزب الأشتراكي ( 1967م – 1990م ) وفك الأرتباط يعني يقظة الهويات التأريخية وبروز أكثر من دولة وأنا أعجبني قول الدكتور ياسين أن الإنفصال سيفضي إلى نشوء أكثر من دولة في الجنوب وعدم استقرار الشمال ، الوطن ليس نزوات فالقضية الوطنية أكبر من الثأر السياسي وأكبر من نزواتنا وطموحنا للسلطة.. والشعارات التي يرفعها الحراك اليوم ستكون وبالا ًعليه غداً .
وأنا متعاطف مع مكونات الحراك كلها وإدراك مالحق به من حيف وظلم ولكنني لا أرى أن حل القضية الجنوبية في الإنفصال بل في إعادة صياغة المشروع الحضاري اليمني الوحدوي وفق رؤية أكثر تناغماً مع التناقضات الإجتماعية وأكثر تحقيقاً للعدالة الإجتماعية والشراكة الوطنية وأكثر قرباً من القيم الإنسانية والحضارية والثقافية في عصرنا الذي نعيش وتكون قادرة على التخفيف من حدة الصراع في المستقبل .
- ألا يقودنا حديثنا إلى بيان بعض الأدباء في المحافظات الجنوبية الذين رأوا في الحراك وفك الإرتباط نصاً أدبياً تحررياً ..؟
أنا رأيت في البيان الذي ذكرت ردة فعل تجاه حالات قهرية يشعر بها الذين وقعوا عليه . هناك حالات قهرية عطلت من طاقة الحركة الإبداعية فتوقفت عن الإنتاج وتوقفت عن صناعة رمزيات جديدة والحقيقة أن ذلك التعطيل لا يستهدف جغرافيا دون سواها ,إستهداف الفعل الثقافي سياسة تراكمت مفرداتها منذ حرب صيف 1994م التي أتاحت الفرصة وهيأت المناخ لنمو مشروع الشيخ الإجتماعي والديني , هذا المشروع هو الذي عطل الحركة الإبداعية وهو الذي خلق تلك الحالات القهرية وكرسها في الواقع إلى درجة إفراغ الذات من محتوياها الحضاري والتاريخي والثقافي ولم يكن بيان أدباء الجنوب إلا تعبيراً عن ذلك الفراغ .
- لكن في ظني أن المتغير الذي حدث كان كفيلاً بتغيير منظومة الإستهداف ؟
للأسف الشديد مشروع الإستهداف ما يزال مستمراً ,أضرب لك مثلاً رئيس الهيئة العامة للكتاب يشكو من تخفيض ميزانية الهيئة بنسبة 25 % ووزارة الثقافة خُفضت موزانتها بنسبة 25 % وهذا التخفيض متواليات تستهدف المشروع الثقافي بدأ منذ سنين ونراه مستمراً في حكومة الوفاق والتغيير .. الأمر الآخر المؤسسة الثقافية هي المؤسسة الوحيدة التي ظلت بعيدة عن التحديث في الهيكل والوظيفة الإجتماعية ولا تزال تعاني من تبعات الدمج وهي غير قادرة على التفاعل مع حاجات المجتمع وضرورات العصر الثقافية والإجتماعية والفنية . حتى كادرها الوظيفي تخشّب وتعطلت قدراته الإبداعية والوظيفية .
- يعني أن مشروع الإستهداف الذي تحدثت عنه كان دافعاً قوياً وراء فعالية الأدباء والمثقفين بداخل مقبرة خزيمة يوم الخميس 17/1/2013م ؟
بالنسبة لي نعم كان دافعا ًأساسياً وقد تحدثت بذلك للفضائيات المتعددة التي لم أعد أذكرها لكثرتها .. لقد قلت أنني جئت لخزيمة لأثبت من رمزية المكان والبردوني أن الفعل الثقافي الذي يستهدف بالقتل والإقصاء يحمل عوامل البقاء أكثر من عوامل الفناء بدليل أن المكان الذي وارى البردوني لم يستطع أن يحجب البردوني ليصرخ في وجوهم قائلا:
لن تمنعوا يا أساطين الوفاق غداً
من أن يثور وأن ينصبّ أنهاراً
مهما أقتدرتم فما عطلتم فلكاً
ولا أحلتم محيا الشمس ديناراً
البردوني كان مستهدفاً من الفعل السياسي ورغم الموت إلا أنه ظل متداخلاً مع اللحظة وظل حاضراً طوال الأزمة لا تكاد تصدر صحيفة إلا وهو في صفحتها الأخيرة . وكم من معاصريه أحياء لكنهم أموات نحن لا نشعر بوجودهم .
- من وجهة نظرك كيف تفسر حضور البردوني وغيابهم؟
البردوني كان مثقفاً حقيقياً وصاحب مشروع ثقافي ظل يكابد أسباب الحياة حتى استطاع أن يرسم ملامح مشروعه تلك الملامح التي تستهدف نهضة اليمن ونماء الإنسان وتطوره ، كان البردوني يوظف طاقته الإبداعية للتعبير عن هموم الناس وهم – أقصد معاصريه – وظفوا إبداعهم لخدمة « الأنا المظللة » إما ادعاءً أو تبريراً , لذلك ماتوا رغم وجودهم وظل البردوني حياً رغم موته .
- هؤلاء الموتى الأحياء يتكاثرون وأمثال البردوني قليل أو نادر ..!
كل مرحلة يفرز واقعها الغثاء والسمين ، فما بالك ونحن في زمن التقنيات الحديثة التي تسعى إلى موت المثقف والمؤلف الحقيقي لتبدع نصاً مرتجلاً مجهول الغاية والهدف وبدون مؤلف , ومثل هكذا واقع يغيب المثقف الحقيقي ويغيب أمثال البردوني ويحضر الهامشي والوصولي والإنتهازي .
- بمعنى أننا نعيش واقعاً استثنائياً ؟
لا هو ليس استثنائياً إنما هو واقع متطوّر لكنه هاجمنا قبل استعدادنا له نفسياً وإجتماعياً وثقافيا ً.
- هل تظن أن المشهد الثقافي اليمني لا يزال في خير ؟
المشهد الثقافي اليمني أظنه في خير وسيكون كذلك لكنه يبدو الآن مأزوماً نوعاً ما كأثر مباشر لتداعيات الأحداث التي يمر بها الوطن .
الجمهورية نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.