عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإزعاج في مداخل وممرات البنايات معضلة تبحث عن حل
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012

في الحياة أمور لا تتجزأ، الإنسانية أحدها، والاحترام أهمها، فلا يمكن أن يتعامل المرء بإنسانية، مع أحد دون آخر، ولا أن يصنف تعاطيه مع الأشخاص وفقاً لتجانسه معهم، أو رضائه عن هذا دون ذاك .
أما الاحترام فهو رأسمال التعاملات الإنسانية على إطلاقها، إذ يعتبر عنوان الفرد، ومفتاح شخصيته، وبطاقة هويته الظاهرية والداخلية، التي لا تحتاج إلى أوراق، أو إثباتات لتقديمها إلى الآخرين .
وعند عتبة الإنسانية، وبوابة الاحترام، تأتي حرية الفرد التي يجب ألا تتجاوز حريات الغير، أو أن تتعدى عليها، فالحرية لا تعني الإطلاق في الأفعال، أو الأقوال، أو السلوكيات، فمهما كان الإنسان حراً، فهناك حدود يجب ألا يتخطاها، أو يتجاوزها، أو يقفز فوقها فالتقييد يجب أن يكون الفيصل الأساسي لحرية المرء، بحيث لا تأتي على الآخرين سوى باحترام الخصوصية، دون الإساءة، أو التطاول، أو الأضرار من أي نوع، مهما كان بسيطاً، أو صغيراً .
ولندلف إلى بيت القصيد في المشاهد الواقعية الآتية، التي ما هي إلا تسجيلات مرئية شبه يومية لهمجية الإزعاج، والقلق، والتوتر، الذي يحدث كل يوم مئات المرات، ويتعرض لها معظم قاطني البنايات:
الإزعاج الأول يقع وقت الظهيرة في غالب الأحوال: جرس الباب يدق بتواصل، وبتصميم على إحدى الشقق السكنية، يهرع رب الأسرة الذي عاد لتوه من عمله لفتح الباب، وصوت أنفاسه يتلاحق من الخوف المجهول الذي يقف خارجه، وفور فتحه إياه يفاجئه وجه شخص غريب من الجنسية الآسيوية، وهو يحمل في يده ألبوم صور كبيراً، وبمجرد رؤيته صاحب الشقة المذعور، يفتح له الألبوم، ويطالبه بتصفحه، فيما وفي كل صفحة من صفحاته تصفع عينيه صور أشخاص منهم مبتوري أذرع، وسيقان، وآخرين فقدوا أعينهم، وأطفال أكل الجوع أجسادهم، وأمهات مسنات يبكين، وينطلق صوت صاحب الشقة صارخاً في الغريب ما هذا؟ فيرد عليه بلهجة آسيوية، مختلطة بها بعض الكلمات العربية المهجنة، بأنهم من أهل دولته الذين في حاجة، وبأنه يعمل على إعالتهم عبر ما يحصل عليه من دراهم قليلة من خلال مد اليد للآخرين!
الإزعاج الثاني دائم الحدوث صباحاً ومساء: دقات متلاحقة على باب إحدى الشقق السكنية الكائنة في منطقة راقية، تسارع ربة البيت لاستطلاع الزائر غير المرغوب فيه بالطبع، لحضوره دون سابق إنذار، فتجد أمامها إحدى الفتيات التي ترتدي عباءة مفتوحة من الأمام، وأسفلها بنطلون ضيق للغاية، وفوقه بلوزة على شاكلته من الضيق، فيما تخبئ وجهها خلف برقع صغير، وقبل أن تتفوه صاحبة الشقة بكلمة، تسارع الفتاة للاعتذار على الإزعاج، ومن ثم تعرض عليها ورقة صغيرة تبدي فيها رغبتها في العمل لديها كخادمة لنصف الوقت، أو كامله، مقابل راتب كذا شهرياً، وقبل أن ترد صاحبة الشقة تختفي الفتاة، بعد أن تشير إلى أرقام هواتفها المدونة على الورقة، والتي يمكن طلبها من خلالها إذا رغبت في ذلك صاحبة الشقة!
تسوّل
الإزعاج الثالث يلاحظ دائماً يوم الجمعة أسبوعياً، وعقب الصلاة: دقات لا تنتهي على معظم أبواب الشقق السكنية في غالب البنايات، تفتح ربة المنزل، أو رب الأسرة، أو أحد الأبناء، فيأتي وجه سيدة، تحمل رضيعاً، وينطلق لسانها بالدعاء المتواصل للأسرة من كبيرها إلى صغيرها، بالبقاء، والستر، والصحة، والتوفيق، ولا تتوقف قصيدة الدعاء إلا بإعطائها ماتطلبه من مساعدة مادية، أو حتى عينيه، فيما إذا اعتذر قاطنو الشقة من تلك الشقق عن ذلك، تنقلب ملامح المتسولة من ادعاء العوز والحاجة، إلى الغضب، والعصبية، وقد تشيح بيدها في وجههم، وتتمتم بكلمات في الغالب تكون سباباً ودعاء على الظالمين، من يمنعون المساعدة وهم قادرون عليها، وفقاً لاعتقادها!
الإزعاج الرابع أصبح مألوفاً إلى حد كبير في الآونة الأخيرة، ويتمثل في دقات متقطعة على أجراس الشقق السكنية، لا تتوقف إلا حينما يفتح صاحب الشقة الباب، فيختبئ سريعاً من كان أو كانت تدق الجرس، حيث لا يجد من فتح الباب أحداً، سوى أوراق صغيرة على عتبته، منها ما يعرض فيها أحدهم خدمات المطعم الفلاني الذي تم افتتاحه مؤخراً، والوجبات الشهية التي يقدمها، ورقة أخرى تتضمن تفاصيل خدمات شركة رش الحشرات التي لديها مبيدات آمنة ومتطورة، ولا تترك رائحة لإبادة الحشرات الطائرة، والزاحفة، والظاهرة، والباطنة، "كارت" ثالث يتضمن صورة لامرأة ورجل نصفهما الأعلى عار من الخلف، وأسفل الصورة إعلان عن ناد صحي حديث للتدليك، يمكن التوجه إليه في المكان الفلاني، للحصول على التدليك المريح بأيدٍ فلبينية، أو هندية، أو عربية، وفقاً لما يرغب فيه الفرد! و"كروت" وأوراق إعلانية أخرى لشركات بيع مستحضرات تجميلية، وصالونات، ومحال خياطة، ومعلمي لغات، ونواد رياضية وصحية، وغيرها الكثير، والرابط المشترك في الإعلان عن كل هذه العروض والمنتجات، يتمثل في الدق على الأبواب، والإصرار غير المتناهي على استعراض هذه الخدمات، دون الاعتبار لراحة من يقطنون الشقق، الذين من المفترض أن ينعموا خلف جدرانها بالهدوء المنشود، والأمان النفسي المطلوب، من دون إزعاج، أو قلاقل من أي نوع .
لعب أطفال
الإزعاج الخامس لا ينقطع، ويقع في الممرات بين الشقق السكنية وفي معظم طوابق البنايات، ولا يقف حدوثه عند وقت محدد من اليوم، فهو بمثابة العرض السينمائي المستمر لمشهد مؤلم موغل في التعدي على الخصوصية الواجبة لقاطني البنايات، حيث يسلب حقهم الطبيعي في التمتع بالهدوء والراحة داخل شققهم، وهذا الإزعاج المقلق يتمثل في إخراج بعض الأسر أطفالها للعب خارج الشقق أو أمام البنايات، للتخلص من مشاغباتهم، غير مبالية بأن تخلصها منهم، سيأتي على حق آخرين في التنعم بالهدوء، من دون سماع صراخ وشقاوة صغار، وأصوات اصطدام دراجات، وكرة قدم، وتسابق، وتقافز، وسحب المصعد إلى الأعلى، وارتداء الأقنعة المخيفة، والاختباء خلف أبواب الدرج في طوابق البنايات من تلك، لترويع من يخرجون من شققهم، وغير ذلك الكثير، فمن الأسر التي تنشد الهدوء من قد يكون مريضاً، ومن هو كبير في العمر ويحتاج إلى أجواء هادئة ليمضي فيها ماتبقى له من وقت، أو من هو عائد من عمله ويتلهف إلى قضاء سويعات صامتة في النوم، وربما منهم أبناء في سبيلهم إلى أداء امتحانات دراسية، وفي حاجة لأجواء مهيئة للتحصيل، وغير ذلك الكثير من الاحوال الحياتية للناس .
التغريم واجب
الوقائع سابقة الذكر تجتمع بالكامل تحت عنوان واحد، ألا وهو إزعاجات لا تنتهي، يعيش في ظلها غالب سكان البنايات، محاورها قد تختلف، إلا أن مضامينها متشابهة، وتتعانق في دلالة ثابتة، ألا وهي افتقار عدد غير قليل من المقيمين إلى ثقافة التعامل برقي وتحضر مع الآخرين، واحترام خصوصياتهم، حول هذه الوقائع التي تعد بمثابة الظاهرة الثابتة في معظم البنايات، تحدث عدد ممن يعانون منها، حيث قال محمد الدروبي (إداري): أعاني وأسرتي الأمرين من أطفال الجيران الذين اتخذوا من ممرات البناية التي أقطنها سبيلاً للعب طوال أوقات النهار، وحتى الليل، والمشكلة أن أسرهم لا تكترث بما إزعاج أطفالهم للآخرين، حيث يفتقرون إلى مبادئ مراعاة الجار، وحقه في التمتع بمحيط سكني هادئ، وحين الرجوع لهذه الأسر للشكوى من إزعاج أطفالهم لنا، لا تسارع بإدخالهم إلى الشقق، بل تطالبهم - بلامبالاة - بأن يستمروا في لعبهم، مع خفض اصواتهم قليلاً!
ومن إزعاجات أطفال البنايات أيضاً من يدقون أجراس أبواب الشقق، ومن ثم يسارعون بالاختباء، لمجرد إقلاق راحة الناس في بيوتهم، وفي إحدى المرات رأيت أحد أطفال الجيران يقوم بفعل سيئ، ووالده يراه، ولم يتحرك وكأن الأمر عادي تماماً، والحقيقة فالعتاب واللوم في مثل أفعال الأطفال تلك يقع على الأسر، التي لم تربهم بشكل صحيح، وأيضاً لا تحرك ساكناً على الإطلاق حيال أفعالهم، بل تلجأ إلى دفعهم للعب خارج الشقق للتخلص من مشاغباتهم، بما يستلزم توعيتهم عبر دورات، مع تعزيز دور الشرطة المجتمعية، من خلال الخط الساخن الذي يمكن من خلاله التبليغ عن مثل هذا الإزعاج، وفرض غرامات على الأسر التي لا تردع أطفالها، ومضاعفتها حال التكرار .
موسيقا
وهناك أيضاً الجيران الذين يرفعون أصوات الموسيقا في شققهم بشكل مبالغ فيه، ولا يراعون حق غيرهم في الهدوء المنشود، ومن ذلك أن زوجتي كانت يوماً مريضة، وصوت موسيقى يكاد يصم الآذان يأتي من شقة جارنا، ففكرت في الاتصال بالشرطة، وخشيت أن أزعجهم بهذا البلاغ، في الوقت الذي نبهني فيه أحد أصدقائي الذي كنت أحادثه هاتفياً، وتصل إلى إسماعه صوت الموسيقا، بألا أفكر من الأساس في الشكوى للشرطة، إذ قد يدعي هذا الجار أني تعديت عليه بأي شكل، أو أني تعرضت لأهل بيته، فتراجعت خشية من ذلك .
مظهر مخالف
وشكت أحلام محمد، معلمة، من إزعاج المتسولات، وتحديداً اللاتي كما تقول معظمهن صغيرات في العمر، يأتين لطلب المساعدة بدق أجراس أبواب الشقق بإلحاح، يرتدين ملابس لا تدل بالمرة على حاجتهن، بما يشير إلى أن منهن من تخبئ من وراء مد اليد أمراً آخر سيئاً، وفي ذلك خطورة على قاطني الشقق .
وأضافت: خلاف المتسولات هناك الخادمات اللاتي تأتي الواحدة منهن لعرض خدماتها في تنظيف المنزل لنصف الوقت أو كامله، ويبدو من مظهرها العام أنها قد لا تستهدف التنظيف، بل من الممكن دخول البيت لمعرفة خفاياه، لسرقته مثلاً، أو غير ذلك، وفي كل الأحوال في ذلك إزعاج، فضلاً عن الخطورة الخفية وراء ذلك .
وقد فكرت أكثر من مرة في إبلاغ الشرطة عمن يدققن أبوابنا من المتسولات والخادمات، إلا أنني تراجعت خشية أن يكون منهن من هي في حاجة فعلية، ويتسبب بلاغي في أذيتها، والتجني عليها، لذا فلابد من التدقيق في منح تأشيرات السياحة، إذ ربما من هؤلاء من تأتي بتأشيرة سياحة للتسول وخلافه، وأيضاً لابد من زيادة دور الجمعيات الخيرية في مساعدة المحتاجين بالفعل، بعد تحري المصداقية في حاجتهم بالفعل للمساعدة من عدمها .
التوقيت السيئ
أما سعيد حسن، موظف، فقال: أعاني الأمرين ممن يدقون الباب من الخادمات، والمتسولات، ومروجي العروض التجارية، والذين يستهدفوننا بالإزعاج لاسيما وقت الظهيرة، والواحد منا في حاجة إلى الراحة والنوم قليلاً بعد يوم عمل شاق، والحقيقة فمعظمهن يلجأن إلى استعطاف الواحد منا من خلال البكاء والتذلل، أو حمل رضيع، وادعاء أنه لا عائل له ولها، وأنها وحيدة وتسعى وراء إطعام هذا الصغير وخلاف ذلك، والحقيقة فقد اكتشفت أن منهن من على تواصل، حيث يخبرن بعضهن بعضاً بالشقة التي منحت أياً منهن مساعدة مادية، لتتوجه إليها الباقيات وهكذا، فيما هناك أيضاً بطاقات الإعلانات التجارية التي لا تنتهي، فضلاً عمن يدققن الباب طوال الوقت لبيع الشرائط المدمجة، رغم اختفائهن لفترة، إلا أنهن عدن ثانية، والحقيقة فأكثر ما يزعجني في جميع هذه الإزعاجات هو التوقيت السيئ الذي تحدث فيه .
ومن المواقف المزعجة كذلك والتي تعرضت لها في أحد الأيام، أن أخرج أحد الجيران، وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، أطفاله الأربعة للعب في ممر البناية المواجه لشقتي، وبالطبع لم أستطع النوم من صراخهم، وضوضائهم، فتوجهت إليه، وطالبته بإدخالهم لأستطيع النوم، حتى يمكنني التوجه لعملي في السادسة صباحاً، فرد بهدوء أن لديه ضيوفاً، وعليّ أن أتحمل قليلاً، وأذعنت، ومرت أكثر من ساعة من دون فائدة، فاضطررت إلى إحضار دلو كبير وملأته بالماء، وإحدى مواد التنظيف، وسكبته بالكامل في الممر لأتخلص من الأطفال!
وبشكل عام وللتخلص من إزعاج الخادمات اللاتي يعرضن خدماتهن من خلال أوراق صغيرة تتركنها على أبواب الشقق، فلابد من الإبلاغ عن أرقام الهواتف المدونة في هذه الأوراق لضبط هؤلاء، فيما وبالنسبة للمتسولات فيجب عدم التعاطف معهن، ومد اليد لهن، حتى لا يتمادين، وعلى المحتاجة بالفعل منهن التوجه للجمعيات الخيرية والجهات المعنية بتقديم مساعدات، أما مشاغبات أطفال البنايات، فالأمر لا يمكن السيطرة عليه لكونه يخضع للذوق العام، والتعاملات الإنسانية اللائقة الواجب على الأسر التمتع بها، وغرس مفاهيمها في عقول الأطفال .
الصلح أولاً
وبالنسبة للإجراء الأمني الذي يتم اتخاذه حال لجوء أحد المستأجرين للشكوى من الإزعاج، قال العقيد علي المطروشي مدير إدارة المراكز في عجمان: بداية وبشكل عام على المرء أن يتحمل جاره، وأن يمرر ببساطة أصوات شقاوة الأطفال، إذ قد يكون من الطبيعي أن يلجأوا للعب في ممرات البنايات، لضيق مساحات بعض الشقق، مع ما قد يؤدي له ذلك من التسبب في الإزعاج، فيما من يصبر على جاره فله أجر من رب العالمين عز وجل .
وفي حال ورود شكاوى من هذا النوع نلجأ إلى الصلح بين الأطراف المشتكية، عدا إذا كان هناك أذى من أي نوع، في هذه الحالة نلجأ إلى اتخاذ إجراء تبعاً لطبيعة الضرر الواقع، وأيضاً من غير المسموح به رفع أصوات الموسيقا حال إقامة أحدهم حفلاً في بيته، حيث إذا اشتكى أحد يتم الاتصال بالمشكو في حقه للانتباه وخفض الأصوات، وقد يتوجه له أحد رجال الشرطة لتوجيهه في هذا الصدد .
مادة قاصرة
وعما إذا كانت مواد القانون تتضمن ما يعاقب على فعل الإزعاج، قال المحامي سعيد الطاهر: المادة 298 من قانون العقوبات الاتحادي تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، أو بالغرامة التي لا تجاوز عشرة آلاف درهم كل من تسبب عمداً في إزعاج غيره باستعمال أجهزة المواصلات السلكية واللاسلكية، وهذه المادة هي التي تطرقت إلى الإزعاج وقصرته فقط على استعمال أجهزة المواصلات السلكية واللاسلكية، ولم تشمل صور الإزعاج الأخرى، كإزعاج الجار لجاره، من خلال رفع صوت التلفاز، والمذياع في ساعات الليل المتأخرة، أو العزف على الآلات الموسيقية بصورة تؤدي إلى التسبب في الضوضاء وإزعاج الآخرين، وغير ذلك، لذا نستطيع القول إن المادة يعتريها القصور، لتحديد الإزعاج في صورة واحدة، وكان من الأفضل ذكره على العموم من دون تحديد .
وبشكل عام فقد جرى العرف أنه في حالات الإزعاج يبدأ المتضرر تنبيه المتسبب لمراعاة الأمر، وهنا قد يكون مستجيباً ومحترماً، ويعد بعدم التكرار، أو أن يرفض التنبيه من أساسه، ويرد بأنه حر في أفعاله طالما كان في بيته، مما قد يؤدي إلى احتدام النقاش بينهما، بما يدفع الطرف المتضرر إلى اللجوء بالشكوى إلى الشرطة، التي ينحصر دورها في لفت نظر المتسبب في الإزعاج، وينتهي سير الشكوى عند هذا الحد، حيث يتم لملمة البلاغ بتعهد الطرف المتسبب بعدم تكرار الأمر، بما لم تصل معه شكوى من هذا النوع إلى المحاكم .
والحقيقة فهذا النوع من الوقائع لا يحدث في الدول الأوروبية على الإطلاق، حيث يراعي الجميع حريات الآخرين، فطوال أيام العمل، أي من الأحد إلى الخميس، تكون الأجواء هادئة تماماً، إلى أن تأتي العطلة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت، وفيهما يعيش الجميع إجازتهم في نطاق المعقول، أي لا يتسببون في إزعاج أحد رغم تمتعهم بوقتهم، والمفترض أن يكون الحال كذلك في المجتمعات الشرقية، فحرية الفرد تنتهي إذا مست حرية الآخرين، لذا وللتخلص من هذه الوقائع غير المقبولة لابد من إصدار لوائح تنظيمية من البلديات، أو المجالس البلدية لترتيب هذه الأمور، من خلال تضمين عقود الإيجار ما ينص على عدم ارتكاب هذا الفعل، وتوقيع غرامات حال التكرار .
عدم التجديد
نصل إلى استعراض بعض الحلول والمقترحات الممكنة لتقليص حجم هذه الظاهرة، ومن ذلك ما قاله محمد بن هويدن عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: لابد من توجيه الأسر إلى الالتزام بتعليم الأبناء كيفية احترام الجيران، وعدم التعدي عليهم بإزعاجهم بأي شكل من الأشكال، وأيضاً عدم العبث بممتلكات الآخرين من أدراج البنايات، والمصاعد، وأجراس الشقق، ودفعهم إلى الحدائق للعب فيها، فيما من الممكن أن يخصص ملاك البنايات أماكن أسفلها بمثابة استراحة صغيرة، أو ساحة محدودة ليلعب فيها أطفال كل بناية، مع التنبيه عبر لوحة إعلانية في مداخل البنايات بعدم جواز لعب الأطفال في الممرات بين الشقق السكنية، حفاظاً على راحة السكان، ولعدم إزعاجهم، وتوجيه إنذار للأسرة المستأجرة المخالفة لذلك، أي غير الملتزمة، بإلغاء عقد إيجارها لوحدتها السكنية، أو عدم تجديده .
أما النقيب طلال الريامي من شرطة الشارقة، فقال: المشكلة في ظاهرة الإزعاج يتركز حدوثها في البنايات القديمة التي لا يوجد فيها حراس أمن يتصدون لكل غريب يريد أن يصعد إلى الشقق، لذا فمن الضروري تثبيت كاميرات مراقبة في مداخل ومخارج البنايات للرجوع إليها حال وقوع حوادث من أي نوع، لمعرفة من دخلوا وخرجوا منها، ومن الممكن أن تعمل البلديات على تضمين عقود الإيجار ضوابط محددة، تشدد من خلالها على المستأجرين بعدم ترك أطفالهم للعب في ممرات البنايات أو أمامها، حتى لا يتسببوا في إزعاج الجيران، وحتى لا يتعرضوا لحوادث .
ومن الأهمية بمكان تشغيل حراس أمن على قدر كاف من التعليم، حيث معظمهم يجهلون الكثير من الأمور، فيما يكمن جزء من هذه المشكلة في إقامة أكثر من أسرة في شقة واحدة، بما يستوجب التدقيق على هذا الأمر والتصدي له بضوابط، وإجراءات وغير ذلك .
حراس متعلمون
ونبه ضاحي المنصوري، رجل أعمال، إلى أهمية أن يحرص ملاك البنايات على توظيف حراس أمن على قدر من الوعي، والفهم، والتعليم في حده الأدنى وعلى التقدير الأقل، بحيث لا يقتصر دورهم على مجرد غسل السيارات، إذ يجب أن ينتبهوا ويدققوا على القادمين إلى البنايات، وألا يسمحوا لأحد بالصعود إلا عقب التحري عن ماهيته، وقرابته أو صداقته من عدمها لمن يدعي أنه في طريقه إليه، وقال: ومن المفترض أن يبلغ المستأجر المتضرر من شقاوة الأطفال الذين يلعبون في ممرات البناية، حارس الأمن الموجود لتنبيه أسرته لذلك، ومن الواجب كذلك تركيب (انتركم) في مداخل البنايات ليبلغ من خلاله حارس الأمن المستأجر المستهدف بالزيارة من القادم له، والذي قد يكون أحد أصحاب العروض التجارية، وليس صديقاً أو قريباً له .
ومن الضروري تثبيت لوحة إعلانية في مدخل كل بناية ليضع فيها مروجو الخدمات التجارية المختلفة، بطاقات ما يروجون له، بدلاً من إزعاجهم سكان البنايات بالدق على أجراس شققهم، وغير ذلك، فيما من الواجب التقدم بشكوى للبلدية ضد من يتسببون في الإزعاج من أبناء هذه الفئة، وعليها توجيه انذارات، واتخاذ الإجراءات القانونية من توقيع غرامات مالية إذا تمادى أي من هؤلاء ولم يرتدع، حيث من الواجب وقف نشاط الجهة التي يروج لها، وأيضاً من الواجب التبليغ عبر الخط الساخن في البلديات عن مثل هذه الإزعاجات .
وعلى هيئة التنظيم العقاري التي تتولى تحفيز المستأجرين للاستمرار في السكنى في شققهم، عبر تنظيم دورات لممثلي البنايات بكيفية كسب ثقة المستأجر من هؤلاء وغير ذلك، بأن تنظم محاضرات كذلك في أهمية التزام المستأجرين أنفسهم بالحفاظ على الهدوء، وعدم التسبب بأية صورة في إزعاج بعضهم، من خلال السماح للأطفال باللعب في الممرات وخلافه .
واجب وطني
بالنسبة لمن يدخلون الدولة بتأشيرة سياحة فيما منهم من يستهدف التسول ممن يمدون أيديهم لسكان البنايات، وغير ذلك، والضوابط الواجبة لمنح هذه التأشيرات، لإحكام السيطرة، قال العميد د . عبدالله علي بن ساحوه مدير عام الإقامة وشؤون الأجانب في الشارقة: المكاتب السياحية تعددت إلى حد كبير، والمفترض أن تتحقق من أغراض القادمين، وأن تلتزم بالجانب الأخلاقي في منح هذه التأشيرات، عدا ذلك فمن الأمور المهمة ألا يساعد البعض منا المتسولين تعاطفاً معهم، فهناك الأماكن والمصارف المضمونة والمصرح لها، التي يمكن أن نقدم لها الصدقات، وأموال الزكاة، والتبرعات، وبذلك يمكن أن نغلق الباب أمام من يستجدون الناس في بيوتهم، فهناك واجب وطني يقع على الجميع، يلزم الامتناع عن تشجيع مثل هؤلاء، ودعمهم، لأن في ذلك إساءة لسمعة الدولة وتحضرها، في ضوء الضمانات الاجتماعية التي تقدمها للمحتاجين من الفئات كافة .
وعلى المقيمين كذلك عدم تشغيل الخادمات اللاتي يقمن بدق أبواب الشقق، للمخاطر الصحية، والأمنية، والاجتماعية المختلفة التي يتسببن فيها، فمنهن من قد تكون مريضة وهاربة لعدم نجاحها في اجتياز الفحص الطبي، وبالتالي فقد تنقل أمراضاً إلى الأبناء، وبالتالي فالأبواب مفتوحة أمام المقتدر الذي تتوافر فيه الشروط، لتقديم طلب استقدام عمالة منزلية، عدا الجوانب الأمنية المترتبة حال تشغيل خادمة على غير كفالة من يستعين بها، ومنها عدم وجود مرجعية يمكن العودة إليها حال ارتكابها أية مخالفة .
وبشكل عام فلدى الإدارة رقم مجاني هو "8005111" للتبليغ عن أية مخالفة ترتبط بقانون دخول وإقامة الأجانب، أو الخدم والمتسولين الذين يمرون على الشقق السكنية والبيوت لعرض خدماتهم .
التنشئة الاجتماعية
عن كيفية تعزيز ثقافة احترام الآخر في المجتمع، قالت د . سعاد العريمي أستاذة علم الاجتماع في جامعة الإمارات: يحدث ذلك عندما أعترف بالآخر، وهذا يعتمد على أمور عدة، منها من هو الآخر، وما موقعه، وما أهميته، وما الذي يشكله لي، وبشكل عام فثقافة الاعتراف بوجود الآخر تتجسد منذ بداية التنشئة .
وأيضاً الاعتراف بوجود الآخر يتطلب الاقتناع بأنه مساو لي، وليس أقل مني، مهما اختلفت المكانة الاجتماعية بيننا، واحترامه واجب ليس لشخصه فقط، وإنما للقوانين الإنسانية من وجوب سلوك الإنسان سلوكاً معيناً، وأيضاً احترام القوانين يعني أن حرية المرء ليست مطلقة، وإنما مقيدة بمعايير اجتماعية، وأخلاقية، ودينية، وسلوكية وثقافية، فمثلاً عندما أدلف من باب ما لابد أن أقبضه ليعبر من يسير خلفي، وليمسكه هو بالتالي لمن خلفه وهكذا، وفي ذلك احترام للمعايير، والقوانين الاجتماعية، وهذا السلوك لا يأتي جزافاً، وإنما يخضع للتنشئة الاجتماعية .
دور حازم
قال المقدم د . صلاح الغول، مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب وزير الداخلية: لمواجهة الإزعاج الذي يتعرض له سكان البنايات، لابد من أن يكون للبلديات دور حازم من خلال مفتشي الضبطية القضائية، مع مروجي المنتجات المختلفة، الذين ليس لديهم تراخيص تخول لهم إزعاج السكان في شققهم .
وعلى السكان دور كذلك في عدم الانصياع والرضوخ لهؤلاء سواء كانوا من مروجي البضائع والمنتجات، أو من المتسولين والخادمات، حيث يجب الإبلاغ عنهم، حيث إن قانون العقوبات يتضمن مادة تنص على أن عدم الإبلاغ عن الجريمة يعتبر جريمة .
بطاقات دخول
أوضح ثابت الطريفي، أمين عام المجلس البلدي في الشارقة، أنه لا يوجد قانون يمنع مروجي الإعلانات التجارية من تسويق منتجاتهم في أي مكان، حيث منهم من يتركون بطاقات بما يعرضونه على السيارات، أو أبواب الفلل، والشقق السكنية .
وقال: بالنسبة للعب بعض الأطفال في ممرات البنايات، مع ما يسببونه من إزعاج للسكان، فهذا الأمر لا يمكن التحكم فيه، حيث من الصعوبة بمكان التحكم في الصغار، الذين يحتاجون دائماً إلى مساحة مكانية كافية للركض فيها، واللعب على تنوعه، ومن الخطأ كذلك نهرهم طوال الوقت، وقد كنت يوماً مع والدتي في ألمانيا للعلاج، ورغم مرضها وحاجتها إلى الهدوء، إلا أن أطفال المكان الذي كنا نقيم فيه كانوا يركضون على الدرج، ويتسابقون، وغير ذلك، وجميعها أمور عادية، إذ عندما كنا صغاراً كنا نخرج إلى الشارع للعب، وأيضاً وعلى سبيل المثال إذا كانت البناية تضم 100 شقة، منها 80 شقة يوجد لدى كل أسرة تقطنها ما بين 2 - 3 أطفال، فكيف يمكن تقييدهم داخل حدود الشقة وعدم السماح لهم بالتنفيس قليلاً عن أنفسهم خارجها، طالما لا يتسببون في الإضرار بأحد .
أما بالنسبة لمن يروجون تجارياً لبضائعهم، ومحالهم، ومنتجاتهم، فمن الممكن وضع لوحة تحذيرية في مدخل كل بناية بلغات مختلفة، توجه إلى منع الصعود إلى الشقق السكنية حتى لا يتعرض الواحد من هؤلاء للمساءلة، وإذا لم يلتزم أحدهم، فمن الممكن الشكوى لمالك البناية للتصرف .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.