حملت قوى سياسية عراقية الجيش مسؤولية سقوط قتلى في الفلوجة، ودعت لتحييده عن النزاعات الداخلية، وفتح حوار مباشر مع المحتجين، والإسراع في تنفيذ الإصلاح السياسي لإبعاد البلاد عن أي صراع طائفي. خلال مؤتمرات صحافية في بغداد، دعا التحالف الشيعي إلى ضرورة الاستمرار في الحوار بين القوى السياسية والتزام الجيش بضبط النفس، فيما قال التحالف الكردستاني إن زج الجيش في النزاعات الداخلية ينذر بمخاطر جسيمة. وفيما أعلنت القائمة العراقية أنها ستضيف موضوع أحداث الفلوجة وسقوط ضحايا في صدامات بين الجيش والمتظاهرين إلى استجواب المالكي، حمّل الحزب الشيوعي الجيش مسؤولية وقوع الصدامات. التحالف الشيعي: الوقت ما زال متاحًا للحوار ودعا التحالف الوطني العراقي الشيعي إلى إجراء تحقيق عاجل وانزال اقصى العقوبات بالمقصرين والمتسببين باحداث تظاهرة الفلوجة الجمعة. وقال نائب رئيس كتلة التحالف خالد العطية خلال مؤتمر صحافي في بغداد إن الوقت ما زال متاحًا والفرصة قائمة لمواصلة الحوار بين الكتل السياسية في مجلس النواب للتسريع في تشريع القوانين "التي تمثل مطلبًا اساسيًا للمتظاهرين بما لا يتعارض مع الدستور وحقوق الشهداء والضحايا ويعرض أمن البلاد واستقرارها للخطر ويعطي زخماً لقوى الارهاب والتنظيمات للقيام بأعمال اجرامية ". وعبّر عن الاسف والقلق "من بعض الشعارات التي اطلقت اثناء التظاهرات والتي تهدد وحدة العراق وسيادته، الامر الذي يعتبره خطاً احمر لا يمكن تجاوزه بأي حال من الاحوال". ودعا خطباء الجمعة إلى الابتعاد عن كل ما يثير التفرقة ويشعل الفتنة ويمزق وحدة المسلمين في عضد الحكومة الشرعية المنتخبة ويخل بالنظام العام وما سيدفع ذلك بانتهاك حقوق المسلمين وسفك دمائهم لأن هذه الامور من اكبر الكبائر المحرمة شرعًا". ودعا التحالف المتظاهرين إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه يؤدي إلى الاحتكاك بالقوات الامنية التي طالبها بأقصى درجات ضبط النفس والتعاون مع المتظاهرين "وتفويت الفرصة على الارهابيين وازلام النظام السابق الذين يحاولون جر المظاهرات إلى نزاع مسلح مع القوات الامنية واثارة الفتنة الطائفية بما يخدم الاجندة الخارجية". وطالب الجهات المعنية باجراء تحقيق عاجل وانزال اقصى العقوبات بالمقصرين والمتسببين باحداث تظاهرة الفلوجة. يذكر أنّ التوتر قد ارتفع في مدينة الفلوجة بغرب العراق امس، حيث قتل جنديان وخطف ثلاثة آخرون وذلك غداة مقتل سبعة متظاهرين مناهضين للحكومة بيد الجيش في اجواء سياسية مشحونة. وتأتي اعمال العنف هذه على خلفية ضغوط متزايدة يتعرض لها رئيس الوزراء نوري المالكي خصوصاً بعدما تبنى البرلمان السبت قانونًا يحدد ولايات الرئاسات الثلاث بإثنتين، الامر الذي اعتبره حلفاء رئيس الوزراء غير دستوري. والقتلى السبعة الجمعة هم اولى الضحايا الذين ينسبون إلى قوات الامن منذ بدء موجة تظاهرات للعرب السنة قبل شهر اعتراضًا على سياسة حكومة المالكي الذي خرجت تظاهرة جديدة مناهضة له في المدينة، حيث شارك آلاف في تشييع القتلى السبعة. ورفع المشيعون لافتات كتب عليها "اسمع يا نوري احنا احرار واخذ دروسك من بشار"، في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الاسد الذي يواجه منذ نحو عامين انتفاضة شعبية مناهضة له تحولت إلى نزاع عسكري بين الجيش النظامي والمقاتلين المعارضين. وقال نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك المناهض للمالكي إن "التوتر لا ينحصر بالفلوجة، إنه في كل مكان". وأضاف أنّ "الوضع بات خارج السيطرة وهذا يثير القلق". وقد صوت مجلس النواب العراقي امس على قانون يحدد ولايات الرئاسات الثلاث باثنتين، الامر الذي يمنع المالكي من الترشح لولاية ثالثة. ودعمت القائمة العراقية والتحالف الكردستاني وكتلة الاحرار بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر والممثلة جميعها بوزراء في حكومة المالكي هذا القانون. وقد يصطدم القانون الجديد بطعن المحكمة الاتحادية التي قضت في وقت سابق بأن البرلمان مسؤول عن تقديم اقتراحات قوانين للسلطة التنفيذية التي تعيدها بدورها إلى مجلس النواب بصيغة مشاريع قوانين للمصادقة عليها، الامر الذي لم يطبق مع القانون الاخير. التحالف الكردستاني يدعو الى ابعاد الجيش عن النزاعات الداخلية ودعا التحالف الكردستاني إلى عدم زج الجيش في الخلافات السياسية الداخلية وقمع التظاهرات السلمية، وقال المتحدث باسم كتلة التحالف النيابية مؤيد طيب خلال مؤتمر صحافي إن سقوط القتلى في تظاهرات سلمية برصاص الجيش في الفلوجة "لم يكن مفاجأة لنا لأننا دعونا منذ زمن طويل إلى إبعاد الجيش عن النزاعات الداخلية وترك قضايا الأمن لسلطات المحافظات في ظل الحرص على احترام الحق الدستوري للمواطنين في التظاهر والتعبير عن رأيهم فيما يرونه من مطالب مشروعة وفي أداء الحكومة". وعبر عن الاسف لزج الجيش في الخلافات السياسية الداخلية وقمع التظاهرات السلمية وشدد على ضرورة عدم فرض تدخل الجيش في المشاكل المحلية من دون التشاور والتنسيق مع سلطات المحافظات وأن يتم التدخل بناءً على طلب منها، "لذا ندعو إلى ضرورة سحب الوحدات العسكرية واعادتها إلى مهامها في حماية حدود العراق". ودعا التحالف المواطنين المتظاهرين إلى"ضرورة عدم تحويل التظاهرات السلمية إلى مشاجرات مع القوات المسلحة وانما يجب الحرص على سلمية التظاهرات والمطالب المشروعة".. مطالبًا"السلطات التنفيذية وبقيتها الجهات المعنية بالعمل على تلبية مطالب المتظاهرين سريعاً لنزع فتيل أزمة قابلة للتصاعد بما يلحق افدح الضرر بالمواطنين والوطن". العراقية: سنضيف صدامات الفلوجة لاستجواب المالكي وكشف النائب عن القائمة العراقية سلمان الجميلي عن إضافة موضوع صدامات الفلوجة إلى طلب استجواب رئيس الوزراء نوري المالكي. وقال الجميلي في مؤتمر صحافي إنه سبق وأن قدم طلب استجواب لرئيس الوزراء في السادس من الشهر الحالي وهو بانتظار الاجراءات لتنفيذ الاستجواب بعد وصوله إلى رئاسة البرلمان. وأكد أنه سيضيف إلى طلب الاستجواب "قضية الاعتداء على المتظاهرين في الفلوجة وسأتبعها وسأستجوب رئيس الوزراء باعتباره المسؤول الأول والوحيد عن كل الملف الامني وباعتباره المسؤول عن احداث الفلوجة". وأضاف أنّ "المشكلة الاساسية التي تهدد وحدة واستقرار العراق هو إصرار المالكي على السير بنهجه وسياسته الانفرادية التي أصبحت خطرًا على وحدة العراق واستقراره والظلم والتهميش والإقصاء هي التي تؤدي إلى تقسيم العراق لا الاجندات التي يتحدث عنها المالكي ولذلك طالبنا التحالف الوطني باستبدال رئيس الوزراء". وأعلنت القائمة العراقية امس أنها قررت مقاطعة جلسات مجلس النواب عدا جلسة سحب الثقة عن الحكومة، عازية سبب ذلك إلى "تجاهل" الحكومة لمطالب المتظاهرين. وقالت الناطقة باسم العراقية ميسون الدملوجي خلال مؤتمر صحافي إن "القائمة قررت مقاطعة جلسات مجلس النواب ما عدا الجلسات التي تؤدي إلى سحب الثقة من الحكومة أو المخصصة لمناقشة وإقرار المطالب الشعبية". وعزت الدملوجي سبب ذلك إلى "تجاهل الحكومة لمطالب المتظاهرين المشروعة" داعية الحكومة إلى "الاستجابة بما يضمن نزع فتيل الأزمة ويحقق العدالة والأمن والاستقرار". وطالبت الدملوجي الكتل السياسية بتحمل المسؤولية الأخلاقية والشرعية بوضع حد للنهج الاستفزازي الذي تنتهجه الحكومة، من اجل إنهاء الأزمة. واستنكرت "منع الجيش من وصول المتظاهرين إلى ساحات الاعتصام، وعرقلة إقامة الصلاة"، لافتة إلى أن "الحكومة بدلاً من أن تستجيب لمطالب المتظاهرين، جعلت الجيش يفتح النار عليهم". الشيوعي العراقي يحمل الجيش مسؤولية الصدامات الدموية وقال الحزب الشيوعي العراقي إن احداث الفلوجة شكلت محذورًا ما كان جائزًا أن يقع ومن شأن تجدده أن يزيد حضور أسوأ الاحتمالات بالنسبة إلى مآل الأزمة السياسية العامة المستفحلة وأن يعمق مشاعر القلق على مصائر البلاد. ودان المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في بيان تسلمت "إيلاف" نسخة منه اليوم "إذ ندين اللجوء إلى القوة واستخدام الرصاص الحي، نحمَل وحدات الجيش مسؤولية رئيسية في تطور الاشتباكات إلى صدامات دموية ونطالب بمحاسبة المسؤولين عنها وإحالتهم إلى القضاء، نشدد على ضرورة احترام حق التظاهر والاحتجاج السلميين، ومسؤولية القوى الأمنية عن حماية هذا الحق وممارسته من قبل المواطنين، والتحلي بالانضباط والمهنية اللازمتين وعدم الانجرار إلى ما قد يحصل من استفزازات وتجاوزات عناصر غير منضبطة أو مدسوسة، والتورط في استخدام القوة". وشدد على ضرورة المحافظة على الطابع السلمي للتظاهرات "ونحث المتظاهرين على شحذ يقظتهم وانتباههم إزاء العناصر والجهات التي تدفع بالتظاهرات خارج سياقاتها السلمية، وتحاول التشويش عليها والانحراف بمطالبها المشروعة. لقد دخلت التظاهرات اسبوعها الرابع وهي تكتسب زخماً متواصلاً، وقد تكون مرشحة للاتساع خلافاً للتقديرات التي اطلقتها جهات رسمية". وأشار الحزب إلى أنّه "يرافق استمرارها تصاعد في مساعي البعض لرفع سقف المطالبات وتشديد نبرة الخطاب التحريضي إلى جانب بروز دور ونشاط لعناصر قوى مناهضة للعملية السياسية برمتها يرتبط بعضها بالقاعدة أو البعث الصدامي أو هو قريب منهما، حيث يؤكد هذا المنحى في تطور الأحداث ما كنا شددنا عليه من ضرورة الاصغاء الجدي لشكاوى ومطالب المتظاهرين، والأسراع في تلبية المشروع منها دون تسويف والمبادرة من جانب رئاسة الوزراء إلى فتح قنوات حوار حقيقي مع ممثلي المتظاهرين والقوى السياسية حول بقية المطالب واعتماد خطاب تهدئة وتجنب للتوصيفات الخادشة". وحذّر الحزب من "أن التلكؤ لأي سبب كان في اتخاذ الخطوات السياسية والاجرائية المطلوبة، إنما يصب في صالح العناصر والقوى الداخلية والخارجية، المتربصة بالعملية السياسية والتجربة الديمقراطية وبأمن البلاد واستقرارها ووحدتها، حيث أن تضييق آفاق الحلول، وانغمار القوى السياسية الماسكة بالسلطات في الصراعات السياسية الفوقية التي تدور حول المصالح الفئوية والذاتية الضيقة وغير المتصلة بهموم ومصالح الناس المباشرة، لا يؤدي فقط إلى تعميق الفجوة بين هذه القوى السياسية وبين عموم ابناء الشعب، وبضمنهم الناخبون الذين حملوهم إلى السلطة من خلال الانتخابات، وانما يساهم ايضًا في شل أو تعطيل عمل الحكومة ومجلس النواب والسلطات المحلية، وزعزعة مكانة وهيبة المؤسسات المدنية الدستورية. وهذا بدوره يهيّئ تربة خصبة للقوى المعادية لعملية بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد وللعراق التعددي المتآخي ويغذي نزعات التطرف والتعصب بجميع اشكالها، لا سيما الطائفي منها والقومي". وتشهد محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديإلى وكركوك منذ 25 من الشهر الماضي تظاهرات يشارك فيها عشرات الآلاف جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات وإطلاق سراحهم وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وتشريع قانون العفو العام وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.