فاقت قيمة التعهدات التي أعلنها رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر الدولي للمانحين الذي استضافته الكويت أمس، والذي هدف لحشد الدعم للشعب السوري واللاجئين والنازحين بسبب الأزمة، مبلغ 5 .1 مليار دولار المعلن مسبقاً كهدف للمؤتمر، وأعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة تقديم 300 مليون دولار لدعم الوضع الإنساني، بحضور الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي ترأس وفد الدولة إلى أعمال المؤتمر، ورافق سموه وفد رفيع يضم سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية وعبيد حميد الطاير وزير الدولة لشؤون المالية، ومحمد مبارك المزروعي وكيل ديوان سمو ولي العهد، واللواء فارس محمد المزروعي مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية وعلي أحمد بن شكر الزعابي سفير الدولة لدى دولة الكويت . شاركت في المؤتمر وفود تمثل 59 دولة على مستوى رؤساء دول وحكومات ووزراء وكبار المسؤولين بمشاركة 13 منظمة ووكالة وهيئة تابعة للأمم المتحدة معنية باللاجئين بجانب منظمات إقليمية ومنظمات غير حكومية، بحضور أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون . وأعلن بان كي مون أن إجمالي تعهدات الأطراف المشاركة في مؤتمر المانحين تجاوز 5 .1 مليار دولار . وقال في نهاية المؤتمر "لقد تخطينا الهدف" المحدد ب5 .1 مليار دولار . وأعلنت كل من الكويت والسعودية تقديم 300 مليون دولار كمساعدة للسوريين الذين يعانون مباشرة من النزاع الدامي المستمر منذ 22 شهرا، وقال مسؤول خليجي رفيع إن "مجموع التعهدات وصل إلى حوالي مليار دولار"، مشيرا إلى انضمام السعودية إلى الكويتوالإمارات وتعهدها مثل كل منهما تقديم 300 مليون . وعقب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون البلدية الشيخ محمد العبد الله الذي يترأس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر للصحافيين على تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن دراسة واشنطن توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، مؤكدا أن "الكويت تعمل وفق منظمات إقليمية ودولية ومتى ما تم الاتفاق على ضربة فإن الكويت ستكون ضمن المنظومة" . وأكد الشيخ محمد حرص الأمين العام للأمم المتحدة على أن يكون هذا المؤتمر خاصا بالجانب الإنساني للأزمة السورية، مشيرا إلى أن الكلمات كلها"انصبت في الجانب الإنساني بعيدا عن الشق السياسي الذي يختلف الكثيرون حوله" . وأفاد بأن التبرع السخي الذي أعلن عنه أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد يهدف إلى تنشيط الهمم ودفع الآخرين إلى استكمال المبلغ . واختتم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أعمال المؤتمر، بكلمة ألقاها نيابة عنه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد شاكرا تلبية الدعوة للمشاركة الفعالة في المؤتمر والمساهمات السخية التي تم الإعلان عنها، وقال إننا لا نزال مطالبين بالعمل على توفير اكبر قدر من المساعدات والموارد المالية لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية، وإننا نناشد الدول الشقيقة والصديقة التي لم تعلن بعد مساهمتها التفاعل مع هذه المبادرات، إن الباب لا يزال وسيظل مفتوحا للإعلان عن المساهمات سعيا وراء تحقيق كل الأهداف المرجوة من هذا المؤتمر الدولي . ووجه الأمير في كلمته الافتتاحية للمؤتمر نداء مخلصا إلى أعضاء مجلس الأمن بأن يضعوا المعاناة اليومية للشعب السوري الشقيق وآلام لاجئيه ومشرديه نصب أعينهم وفي ضمائرهم حين يناقشون تطورات هذه المأساة الإنسانية أن يتركوا أية اعتبارات لاتخاذ قراراتهم جانبا . وقال وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود إن الجميع "يطمح إلى حل سياسي سريع لإعادة الاستقرار إلى ربوع سوريا الشقيقة" . وأضاف في مؤتمر صحافي على هامش المؤتمر إن دول مجلس التعاون الخليجي "متفقة دائما على أن القضية السورية قضيتنا جميعا" . وتابع "أنها قضية عربية مهمة ولا بد من أنها تلقى الاهتمام والتشجيع"، مشيراً إلى أن مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي ومساهماتها "تعبير عن دعمها للقضية الإنسانية السورية" . وقال الشيخ صباح إنه "في ظل الأوضاع المأساوية التي يعاني منها إخوتنا في سوريا وإيمانا منا بأهمية وضرورة إنجاح هذا التجمع الدولي، فإنه يسرني أن أعلن عن مساهمة دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري" . كما أعلنت البحرين عن تقديم مساعدات ب20 مليون دولار، فيما تعهدت ألمانيا تقديم عشرة ملايين يورو . وأكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد اللطيف الزياني، أن المجلس تبنى موقفا ثابتا وسياسة واضحة منذ بداية الأحداث، ودعا النظام السوري لتغليب العقل والحكمة ووضع حد لإراقة الدماء وتحقيق إصلاحات فورية تلبي تطلعات الشعب السوري وتحفظ وحدة سوريا وأمنها واستقرارها . وقال الزياني في كلمة في المؤتمر انه مع عدم استجابة النظام لكل المبادرات والنداءات العربية والدولية وزيادة وتيرة القتل والعنف ضد المواطنين العزل، حرصت دول مجلس التعاون على دعم الشعب السوري، وأضاف أن الشعب السوري يتعرض أمام مرأى العالم وسمعه لجرائم ومجازر يومية، مشيرا إلى أن هذه المأساة الأخلاقية والإنسانية تحدث بشكل يومي الأمر الذي جعل العديد من السوريين يشعرون أنهم تركوا وحدهم في مواجهة نظام لا يتورع عن استخدام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة في عملية قتل وتدمير مستمرة، وداعيا المجتمع الدولي إلى زيادة الدعم المالي والعيني الذي يقدمه للمساهمة في إغاثة المحتاجين من الشعب السوري . ووصف كي مون الوضع في سوريا بأنه "مأساوي" ودعا إلى تقديم المساعدات بشكل عاجل، وحذر من أنه في حال الفشل في جمع الموارد اللازمة، فإن "المزيد من السوريين سيموتون" . ودعا طرفي النزاع إلى "وقف القتل"، وأشار إلى أنه استنادا إلى تقارير الأممالمتحدة، أسفر النزاع عن تدمير نصف المستشفيات وربع المدارس فضلا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنشآت الحيوية الأخرى، واعتبر أن المساعدة الإنسانية لا يمكن أن تحل الأزمة التي هي بحاجة إلى حل سياسي، وقال "أناشد كل الأطراف وخاصة الحكومة السورية وقف القتل، باسم الإنسانية أوقفوا القتل أوقفوا العنف" . وألقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس اللبناني ميشال سليمان اللذان تستضيف بلداهما قسماً كبيراً من النازحين السوريين، كلمتين شددا فيهما على ضرورة مساعدة البلدين على تحمل أعباء استضافة اللاجئين . وقال الملك عبد الله إن "الأردن استقبل مئات الآلاف وتحمل ما هو فوق طاقاته وإمكانياته"، وطالب بإنشاء صندوق لدعم اللاجئين في الدول العربية ودعم الدول التي تستقبلهم وفي مقدمتهم اللاجئون السوريون في ظل الأزمات التي تتعرض لها المنطقة، فيما أكد سليمان أن بلاده بحاجة إلى 370 مليون دولار لتلبية احتياجات اللاجئين، وأكد أن حدود لبنان ستظل مفتوحة، إلا أنه لا "يسع لبنان إلا أن يدعو المجتمع الدولي إلى تقاسم الأعباء معه" . وقدم الرئيس التونسي منصف المرزوقي مبادرة لحل الأزمة السورية تتضمن خمس نقاط أولاها الضغط على من وصفه ب"الدكتاتور السوري" من خلال أصدقائه . وقال في كلمة في المؤتمر إن بلاده تطالب "بالعمل على وقف فوري لسفك الدم الغالي وإيجاد مخرج سياسي لا تراه تونس إلا عبر أولا الضغط عبر أصدقاء الدكتاتور السوري عليه ليوقف مسلسلا دمويا عبثيا سيلطخ إن تواصل اسمه واسم عائلته إلى الأبد" . وتضمنت المبادرة تنظيم مرحلة انتقالية تحت إشراف قوة حفظ سلام عربية يمكن لتونس أن تشارك فيها، وتشكيل حكومة وحدة وطنية من المعارضة "والشق الوطني والمسؤول داخل النظام السوري الحالي"، و"التوافق على دستور يضمن مدنية الدولة والنظام الديمقراطي والمساواة"، وتنظم انتخابات ديمقراطية على أساسه إضافة إلى وضع خطة عربية ودولية لإعادة إعمار سوريا . وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان إن الولاياتالمتحدة أوصلت التطرف في سوريا إلى أعلى مستواه . وأضاف، في مؤتمر صحافي عقده في الكويت، إن محور الأزمة في سوريا هو إرسال الأسلحة من بعض الدول للداخل السوري . وحمل الدول التي ترسل هذه الأسلحة مسؤولية الضحايا الذين يقعون في هذا الصراع . ورحبت المعارضة السورية بالتعهدات المالية التي أعلنتها الدول والجهات المشاركة في مؤتمر المانحين . ووصف المتحدث الرسمي باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وليد البني التعهدات بأنها "خطوة إيجابية للغاية"، لكنه أكد ضرورة وجود معلومات وضمانات لوصول هذه الأموال إلى الخمسة ملايين سوري الذين يحتاجون إليها . وأبدى النائب الكويتي السابق مبارك الوعلان استغرابه من توجيه الدعوة لروسيا وإيران لمؤتمر المانحين، قائلاً "هاتان الدولتان ملطختان بدماء ومعاناة الشعب السوري وتدعمان هولاكو سوريا" . وقال النائب السابق فلاح الصواغ مشاركة إيران وروسيا بمؤتمر المانحين تجعلنا لا نطمئن . واستغرب رئيس البرلمان العربي السابق علي الدقباسي كيف يكون لإيران وروسيا دور في هذا المؤتمر "وهم لهم يد بجرائم النظام السوري بحق شعبه" . 100 مليون يورو إضافية من أوروبا و 155 مليون دولار من الولايا المتحدة قالت منسقة المساعدات الإنسانية في الأممالمتحدة فاليري آموس إن ثلاثة ملايين سوري نزحوا داخل الأراضي السورية فيما يحتاج 3 .2 مليون سوري على الأقل لمساعدات أساسية عاجلة . وأضافت أنه سيتم تخصيص 519 مليون دولار من الأموال التي ستجمع في المؤتمر للمناطق الأكثر تأثرا بالنزاع . وأكدت أن المساعدات توزع بشكل عادل في سوريا، نافية اتهامات وجهتها منظمات دولية بأن المناطق التي يسيطر عليها النظام تتلقى القسم الأكبر من المساعدات . وقالت على هامش المؤتمر "هذا ليس صحيحا، نحن نعمل مع عدد من الشركاء على الأرض، ليس هناك أموال تذهب مباشرة إلى الحكومة" . وذكرت أن 48% تقريبا من المساعدات الغذائية توزع في "المناطق التي تسيطر عليها المعارضة"، أو تلك المتنازع عليها . وقال مفوض الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريش إن عدد اللاجئين المسجلين في الدول المجاورة لسوريا بلغ 712 ألف شخص، وقدر عدد الذين غادروا بلادهم بمليون شخص . وأعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستقدم 100 مليون يورو إضافية لمساعدة السوريين، وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن مساعدة إضافية بقيمة 155 مليون دولار للاجئين . وأعلنت الحكومة الألمانية عزمها تقديم 10 ملايين يورو إضافية لسوريا والدول المحيطة بها .