كيت وودسم ترجمة بديعة منصوري يواجه الصحافي المغربي ومدير تحرير مجلة الآن يوسف ججيلي عقوبة السجن ودفع غرامة مالية في حال إدانته بنشر أنباء كاذبة عن وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة عبد القادر عمارة. فبعد كتابة ججيلي مقالا في يونيو/حزيران الماضي اتهم فيه عمارة بسوء استخدام المال العام خلال زيارة رسمية إلى بوركينا فاسو، ونشره فاتورة فندق قال إنها تعود إلى الوزير وصل سعرها إلى ألف دولار وشملت شراء زجاجتي شامبانيا، لجأ الوزير إلى القضاء. ورفع عمارة دعوى ضد ججيلي اتهمه فيها بالتشهير، في قضية قالت جماعات تعنى بالدفاع عن حرية الإعلام إنها مثال على فشل الحكومة في تنفيذ تعهداتها بالإصلاح السياسي وشنها حملة ضد الصحافيين المستقلين. دعوة للصلح؟ وقرر قاضي محكمة في الدار البيضاء يوم الاثنين 28 يناير/كانون الثاني تأجيل الجلسة لمدة شهر من أجل إعطاء الطرفين فرصة للصلح، إلا أن ججيلي أكد في اتصال هاتفي مع إذاعة صوت أميركا أن "أي صلح يتطلب اعتذارا من جانبي للوزير لن يحدث حتى إذا أدى ذلك إلى إيداعي السجن". وقال ججيلي، البالغ من العمر 29 عاما "لماذا أكتب اعتذارا؟ لم أرتكب أي خطأ، لم أقم سوى بواجبي كصحافي". x صورة المحقق الصحافي المغربي يوسف جاجيلي المرفقة بحسابه على تويتر وتابع الصحافي الذي أسس مجلته في أبريل/نيسان الماضي لفضح ما وصفه "بنفاق" الحكومة الذي يبقي المغاربة فقراء "أعتقد أنه كان مقالا جيدا حتى يعرف المغاربة حقيقة الوزير"، مضيفا أنه "بينما يجرم القانون المغربي شرب الكحول، يشتري الوزير قنينتي شامبانيا بمال الشعب". "سلالة نادرة" وقالت المسؤولة عن منطقة المغرب العربي في منظمة مراسلون بلا حدود سوايزيغ دوليت إن "هناك عددا أقل من الصحافيين المستقلين وحتى الأقوياء منهم لم يعودوا بالقوة التي كانوا عليها في السابق، يشعرون بالتعب جراء المضايقات المستمرة وكل المصاعب التي يواجهونها". جدير بالذكر أن منظمة مراسلون بلا حدود التي تتخذ من باريس مقرا لها صنفت المغرب في المرتبة 136 من بين 179 بلدا على مؤشر حرية الصحافة لعام 2013 الذي صدر يوم الأربعاء 30 يناير/كانون الثاني. وأوضحت دوليت أن السلطات المغربية أرسلت لها في الأسابيع التي سبقت إصدار المؤشر "أطنانا من الوثائق" حول مدى تقدم حرية الصحافة في المملكة. وأردفت قائلة "أدرك إلى أي مدى تهتم السلطات المغربية بصورتها"، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران كان في غاية الحذر لتجنب الرد على سؤال حول قضية "الشامبانيا" خلال منتدى دافوس الاقتصادي الدولي الذي عقد في سويسرا الشهر الماضي. "ربيع عربي لم يزهر" وعلى الرغم من أن المغرب لم يشهد اضطرابات عنيفة مثل تلك التي أدت إلى إسقاط أنظمة تونس ومصر وليبيا، إلا أن المملكة شهدت صيغتها من الربيع العربي عبر حركة 20 فبراير المعارضة. فقد خرج المغاربة بالآلاف إلى الشوارع قبل عامين للمطالبة بالديموقراطية، وبملكية دستورية ووضع حد للفساد وإنهاء الرقابة المفروضة على الصحافة. ودعا الملك محمد السادس إلى إصلاحات دستورية وتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة أسفرت عن تشكيل أول حكومة إسلامية بقيادة حزب العدالة والتنمية. وقال المستشار في قضايا الحكم والفساد محسن شواربي، الذي سبق أن عمل مع السلطات المغربية والأمم المتحدة ما بين عامي 2009 و2012، إن التجربة المغربية كانت "تحركا ذكيا". وأضاف أن حزب العدالة والتنمية لديه علاقات عامة جيدة إذ "اقترب من الشعب عبر تقديم كثير من الوعود. قالوا إنهم سيوفرون تأمينا اجتماعيا وبرامج تساعد الفقراء"، مشيرا إلى أن "المواطنين كانوا سعداء في البداية أن التغطية الإعلامية كانت إيجابية". حكومة جديدة ومشاكل قديمة لكن شهر العسل ربما ينتهي قريبا، وفي هذا الإطار قال شواربي "إن الناس بدؤوا يواجهون مشكلة ارتفاع سقف التوقعات"، مضيفا أن "الشعب سيجد أن أيا من الوعود لم تتحقق. إنها مسألة وقت فقط". وتابع شواربي قائلا إن الحكومة الجديدة ورثت مشاكل الحكومة السابقة "خاصة ما يتعلق باستخدام المال العام لتحقيق ربح خاص"، وأضاف أنه "عندما بدأ صحافي مثل يوسف ججيلي في طرح أسئلة، سبّب ذلك قلقا لدى الحكومة الجديدة من أن صحافيين آخرين سيبدؤون الحفر بحثا عن قضايا أكثر ثقلا". وقال إنه سيكون في صالح الحكومة أن يتم إسقاط التهم عن ججيلي، مضيفا أن "معاقبة أو سجن الصحافي ستكون دعاية سلبية خطيرة للحزب الإسلامي". تعويل على الديموقراطية ويعقد مؤيدو ججيلي الدوليون أملا على العاهل المغربي من أجل أن يدرس الأمر ويتعامل معه مثلما تعامل مع دعوات الإصلاح، فقد أطلقت المحققة الصحافية الأميركية أمبر لاين، المحظورة من دخول البحرين بسبب تغطيتها لمظاهرات معارضة للنظام، عريضة تحمل اسم "Save Youssef" أي "أنقذوا يوسف". وقالت لاين "لقد قام الملك بإصلاحات وروج للمغرب في أنحاء العالم على أنه بلد ديموقراطي"، مشيرة إلى أن "أكبر مقياس لصحة الديموقراطية هو حرية الصحافة". ورغم احتمال مواجهته عقوبة السجن لمدة قد تصل إلى عام، يواصل ججيلي عمله ويشجع صحافيين آخرين على التزام الشجاعة، لكنه قال "إن ذلك أمر صعب لأن مسؤولين حكوميين يقاطعون طلبات المجلة لإجراء مقابلات معهم". ولم يرد الوزير عمارة على محاولات إذاعة صوت أميركا إجراء مقابلة معه، وقد اتهم الوزير في وسائل إعلام مغربية ججيلي بفبركة المعلومات التي أوردها في مقاله، وكتب على صفحته على موقع فيسبوك أنه يعتزم مقاضاة "أي شخص متورط بشكل مباشر أو غير مباشر في مهاجمة شرفي وكرامتي وشرف منصبي وعائلتي والحزب الذي أنتمي إليه". ومن المقرر أن يعود ججيلي إلى المحكمة في ال25 من فبراير/شباط الجاري.