بحلول اليوم الأول من شهر فبراير - شباط - الجاري أغلقت أبواب سوق الانتقالات الشتوية التي تعرف بأسم الميركاتو لكن باب الانتقادات الموجهة له ستستمر بعدما تعالت الأصوات المنادية بإلغائه و اتساع دائرة المعارضين لاستمراره ، لذلك لا يستبعد أن يكون الميركاتو الشتوي للموسم الحالي 2012-2013 هو الأخير في أوروبا . ديدا ميلود - إيلاف : رغم أن الانتقادات لم تتوقف منذ أن وضع الاتحاد الأوروبي هذا النظام منتصف تسعينات القرن الماضي إلا أنها اشتدت في السنوات الأخيرة لدرجة أنها بلغت مسامع رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني الذي ابدى مساندته لمطلب إلغاء الميركاتو . وظلت انتقالات اللاعبين بين الأندية في القارة العجوز محصورة ما بين شهري يونيو و أغسطس و لم يكن مسموحا لها بانتداب لاعبين في فترات أخرى إلا في حالات استثنائية لتعويض لاعب أساسي يتعرض لإصابة خطيرة تبعده عن الممارسة لفترة طويلة فالنادي الأوروبي يمتلك ورقة جوكر بإمكانه أن يستخدمها للتعاقد مع احد اللاعبين أثناء الموسم ، و ذلك لغاية العام 1997 حث بدا العمل بالميركاتو الشتوي و الذي أصبح مع مرور الوقت ينافس نظيره الصيفي في كثافة الانتقالات . و بعدما كانت دائرة المنتقدين تقتصر بالأساس على مدربي أندية الدوري الانكليزي و على رأسهم مدرب نادي أرسنال الخبير الكروي الفرنسي أرسين فينغر وهاري ريدناب مدرب نادي كوينز بارك رينجرز انضم إليهم هذا العام تقنيين و فنيين آخرين خاصة من الدوري الفرنسي الذي يبدو انه من أكثر الأندية الأوروبية تضررا بالسوق الشتوية ، و من ضمنهم مدرب نادي مونبلييه بطل الدوري الموسم المنصرم ريني جيرارد ، و المستشار التقني لنادي اولمبيك ليون برنارد لاكومب ، و مدرب بوردو فرانسوا جيلو ثم تبعهم مدرب اولمبيك مرسيليا إلى بوب ، و جاءت انتقاداتهم و معارضتهم للميركاتو الشتوي بعدما غادر أنديتهم العديد من اللاعبين الكوادر حيث رحل عن بوردو مثلاً مهاجمه المتألق يوهان غوفرون ، و من مونبلييه يانغا مبيوا و أسماء أخرى يصعب إيجاد بدائلها المناسبة. و يستند المعارضون للميركاتو الشتوي إلى معايير فنية بحثة تتعلق باختلال التوازن في المنافسة على لقب الدوري أو بالنسبة للصراع على تفادي الهبوط و يخل أيضاً بمبدأ تكافئ الفرص ما دام أن الأندية لا تمتلك نفس الإمكانيات المالية التي تتيح لها الفرصة للتسوق صيفا و شتاء خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي مر بها أوروبا منذ العام 2008. كما يؤكدون بان الميركاتو الشتوي يهدد استقرار الأندية الأوروبية من الناحية الفنية ، و يصيب اللاعبين بحالة من الذهول الذهني بسبب الحديث عن العروض التي قد تأتيه في منتصف الموسم و أثناء المنافسة مما يؤثر بالتأكيد على أدائه و على معنوياته سواء بقي في ناديه أو رحل عنه. و برأي هؤلاء المنتقدين فان المستفيد الأكبر من وجود الميركاتو الشتوي هم السماسرة و وكلاء اللاعبين خاصة أن حصر مدته في شهر واحد يمنحهم سيطرة أكبر على تحديد أسعار اللاعبين و على النسب التي يحصلون عليه عن كل عملية . وفي هذا السياق قال المدرب الفرنسي فينغر أن الميركاتو الشتوي يخدم أندية على حساب أخرى ما دام أن فرقا تشتري عدد كبيراً من اللاعبين مما يجعلها تظهر في النصف الثاني من الموسم بتشكيلة تختلف تماما عن تلك التي لعبت بها في مرحلة الذهاب مما يعزز من حظوظها في بلوغ الهدف المنشود و ذلك سيكون على حساب فرق أخرى ، و ضرب مثالاً بنادي نيوكاسل الذي تعاقد مع حوالي ثمانية لاعبين من الطراز الرفيع في صورة سيسيكو و ديبوشي و غوفران ، و قال فينغر بان هناك أندية إنكليزية ستضطر إلى مواجهة الماكبايز مرتين بتشكيلته الجديدة لان البريمير ليغ لا يتوقف في الشتاء و هناك مباريات من مرحلة الذهاب تلعب بعد افتتاح الميركاتو الشتوي ، و من هذا المنطلق فان تلك التي واجهت نيوكاسل قبل يناير أحسن حظاً من الأخرى التي واجهته بعد يناير . و طالب فينغر بإلغاء نهائي للميركاتو الشتوي أو تعديل صيغته من خلال حصر تقييد عدد اللاعبين المنتدبين بأثنين أي العودة إلى النظام القديم ، و برأي فينغر فإن خمول الأندية في الشتاء أفضل من نشاطها لأنه يساهم في الحفاظ على استقرارها و يحاول التقني الفرنسي إجبار البقية على الخمول، أما أيلي بوب مدرب مرسيليا فيرى بان الميركاتو الشتوي يبدو مثل الحاجز يجعلك تقلص من الإيقاع في منتصف الطريق و قد يعيدك إلى نقطة الصفر . ومن جانبه هاري ريدناب ورغم انه راهن على الانتقالات الشتوية لتدعيم صفوفه على أمل الخروج من المنطقة الحمراء التي يتواجد فيها هذا العام إلا انه انضم إلى فينغر و طالب بإلغائها و الاكتفاء بالسوق الصيفية ، و يقول ريدناب بإن المدة القصيرة للميركاتو لا تسمح للمدربين بانتقاء أحسن اللاعبين بل و لا تسمح حتى بمعاينة الأسماء التي تعرض عليه قبل التوقيع معها لأن النادي يحتاج إلى لاعب قادر على تقديم الإضافة الفنية التي يحتاجها و ليس لأي لاعب . و الواقع الحالي و ذلك الذي ينشده فينغر و مؤيديه يبقى الاتحاد الأوروبي يدرس الموضوع من كافة جوانبه قبل الإقدام على أي خطوة ، ذلك أن الاتحاد و عندما وضع نظام الميركاتو الشتوي اخذ بعين الاعتبار مصلحة الأندية و اللاعبين . وأن كان من الناحية النظرية التوفيق بين الطرفين ممكنا فان الأمر ليس كذلك عملياً ، فالأندية تحتاج إلى الاستقرار و لها لائحة من 25 لاعباً و بإمكانها سد الثغرات بلاعبي الاحتياط أو حتى الفريق الرديف أو الشباب ، لكن الأمر يختلف تماماً بالنسبة للاعب الذي لا يدخل في حسابات مدربه فلا يمكنه أن يبقى موسما كاملاً بلا منافسة لأنه يؤثر سلبا على مستواه و على نفسيته . فالميركاتو الشتوي يتيح له فرصة من ذهب لتغيير الأجواء و البحث عن ناد أخر يلعب معه بانتظام خاصة بالنسبة للاعبين الدوليين الذين تحتاجهم منتخباتهم في نهاية الموسم في بطولات كأس العالم أو كأس أمم أوروبا أو الاولمبياد و لا يمكن لمدربيهم الاعتماد عليه و هم لا يلعبون بل أن العديد منهم ينصحونهم بتغيير الأجواء ، و أهم من ذلك فان الأندية التي تعاني من شبح الهبوط و شح في النتائج مضطرة للرهان على تغيير هام في الفريق من اجل الحفاظ على آمالها في البقاء و هذا لن يتأتى لها سوى باستغلال الميركاتو الشتوي لضخ دماء جديدة تعيد للنادي حيويته و قدرته على التنافس مجددا . فالميركاتو الشتوي في حد ذاته هو الورقة الرابحة الأخيرة في الموسم ليس للجميع و لكن لمن يعرف كيف يوظفها من أندية و مدربين و لاعبين ، خاصة تلك الأندية التي تفتقر للموارد المالية فهي تنشط في الشتاء لان الأسعار تكون منخفضة . و يؤكد فنيون آخرون مباريات مرحلة الذهاب تسمح للمدربين باكتشاف عيوب و نقائص فرقهم و يجدون في الميركاتو الشتوي فرصتهم لمعالجتها ، أو حتى لإثراء دكه البدلاء بالنسبة للأندية التي تنافس على جبهات محلية و أخرى قارية و ما تتطلبه من مخزون بدني يستحيل توفيره من التشكيل الأساسي فقط.