شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا اوثان اليمننة كفوا عنا شرائعكم
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012


انور سلطان
(1)
ظهرت موضه وتقليعات ثقافوية فى الآونة الاخيرة. منها القاموس الجيوبوليتكى ، والثابت التاريخي ، والانتماء الثقافي ؟ تقليعات من تقليعات اليمننة التى لا تنتهى لاحياء عصر اطلاق المقولات المحنط والمحنطة . عصر اكراه الشعوب وفرض هويات عليها وجرها الى باب اليمن التعيس او باب ابليس. تطلق لا لشيء الا لإسقاط هذا الشعب وعدم اعتباره شعبا ، تسقط استقلال هويته لتسقط حقه فى الاستقلال . اسقاط بطريقة مهذبة لبقية تنتمى الى " الانتماء الثقافي " المتحضر. فلا ترفع هراوتها وسكاكينها تهشم وتسلخ (فهذه ثقافة متخلفة) ، بل ترفع هراوتها الاخلاقية ، وهى هراوة قمة في الروعة ، تقدمها على شكل نصائح مجانية . من هذه النصائح : الابتعاد عن الهوية القاتلة ( قاتلة للاحتلال طبعا ) . ومنها الابتعاد عن شعار: " دم الجنوبي على الجنوبي حرام " ، فهذا شعار " متخلف جدا " . تفوح منه رائحة الدم ، لماذا ؟ لان فيه كلمة "دم " ، وكلمة " جنوبى " ، وايضا كلمة " حرام " (الثالوث المتخلف مرة مرة مرة ) . ولكن يختلف الامر مع قاعدة: " دم المسلم على المسلم حرام " ، وهى قاعدة قاصرة جاءت الحضارة الحديثة واعلتها الى القمة : " بتحريم دم الانسان على الانسان " عندما بلورت ذلك في حقوق الانسان . فكلمة دم في قاعدة: " دم الجنوبي على الجنوبي حرام " كلمة متوحشة بليدة، تجعل الناس الذين ينتمون الى " الانتماء الثقافي " في العالم ينفرون من القضية الجنوبية. وايضا لان فى الشعار كلمة " جنوبي " فالذي يسمعها سوف يذهب الى ما بعد خط الاستواء يبحث عنها فى كل الدول الواقعة هناك ( ولكن كيف فهموا انها تدل على الشعب الجنوبي والقاموس الجيوبوليتيكى يقول شيئا آخر ؟ عجيب، اكيد حكى لهم جنى ، ولكن ما علموا ان الجنى الذى اخبرهم سيخبر كل من يسأل عن " الجنوبي " ) . وايضا لان الشعار الجنوبي يحتوى على كلمة " حرام " ، وهى كلمة متخلفة خارج لغة العصر. ولكن عبارة: " تحريم دم الانسان على الانسان " رائعة وقمة في المدنية والانسانية، رغم انها تحتوى على كلمتي " دم " و " حرام " . هذه هي روح اليمننة الرائعة المنصفة والمخيمة على الجنوب.
لقد شعرنا بالحياة تسرى في اوصالنا بتمسكنا بهويتنا المستقلة، فاذا بها هوية قاتلة من وجهة نظرهم . ونعتقد ان شعار تحريم الدم (بل تأكيده، فهو حرام اصلا) انه شعار إنساني سام نبيل، فاذا بنا نكتشف انه شعار متخلف تفوح منه رائحة الدم ويقذف بنا خلف خط الاستواء فى ادغال افريقيا كما يصورون ويريدوننا ان نعتقد. (هذا بعض بدى غصبا عنهم في حنق مغلف على شكل نصيحة، ولكنه عتاب يقطر حقدا ، وما تخفى صدورهم اكبر ) .
الا جزى الله اليمننة كل خير علمتني من أكون .
(2)
نناقش الآن احد تعاليم شريعة اليمننة العجيبة وهو قانون " الانتماء الثقافي " الذى ينص على انه : فى القرن ال 21 ، فالانتماء فيه لأى مجتمع مدنى هو : انتماء ثقافي وليس عرقي .
اربع كلمات ذهبية رائعة لم تنزل بها كل الشرائع وانزلتها آلهة اليمننة الوثنية على الشعب الجنوبي. هذه هى شهادة الانتماء الى الدين الإنساني العظيم، شهادة السلام، الدين الذى يقول للشعب المحتل اصبر وان اخذ الغازي مالك وجلد ظهرك وقطّع اوصالك. وانتبه فان تمسكك بهوية مستقلة لك هو تمسك بهوية قاتلة بغيضة لأنه تقسيم بين البشر (اليمنيين) لا يقرها دين اليمننة، فارضك يجب ان تكون سداح مداح ، ولا تضع الحواجز المصطنعة بينك وبين اخوك في العنصر والعرق ، بل انتمى الى هذا الدين ، دين الثقافة العظيم .
يصيغ دعاة اليمننة قوانين كيفما اتفق من قرائحهم الخاصة، ثم يحاكمون الشعب الجنوبي اليها، وفوق هذا لا يحددون مصطلحاتهم. هل الجنوبيون فئران قوانين تصيغها لهم اوثان اليمننة؟ هل اوثان اليمننة مرجعية فى وضع قوانين لنا؟ يا اوثان اليمننة كفوا عنا شرائعكم. وما اكثرها وأقبحها وأسخفها وابغضها.
ومع هذا دعونا نناقش هذه الاوثان لنعرف وثنيتها على حقيقتها، لنعرف هل بينها فرق واللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى.
هل التمسك بالهوية المستقلة ينافى الانتماء لمجتمع مدنى؟
اليس المجتمع المدني قرين الدولة الحديثة؟ والدولة قرينة الهوية السياسية المستقلة؟
ومع سقوط دولة الجنوب الا ان مظاهر المجتمع المدني في الجنوب اكثر من مجتمع ( ج ع ى ) ، وهو اقرب للمجتمع المدني . ان التمسك بالهوية المستقلة، هوية الحياة والكرامة، كأداة اساسية تكشف واقع الاحتلال وتدفع بقوة للاستقلال ، هو تمسك من اجل اقامة المجتمع المدني الحديث في الدولة الحديثة دولة المواطنة المتساوية ، والتخلص من نير دولة القبيلة الاستعمارية وهويتها القاتلة .
ما هو المقصود بالانتماء الثقافي ؟ هل تحمل العبارة معنى ؟
الا يشعر المرء بخلط شديد وكلام غامض مشوش مرتبك يلتف على نفسه ؟
تصادر هويات شعوب وحقها المطلق في الاستقلال بهذر لا يُعرف كوعه من بوعه، ولا يحمل دلالة لا اجتماعية ولا سياسية ، بل هو خلوٍ من المعنى تماما ، فارغ المضمون . وهذه العبارة نموذج لفراغ المضمون. فلا يهم الخلو والفراغ، بل الاستعباط الذى يخدم اليمننة الشوفينية ، ويقدمنا قربانا لها (بالبلاش .. بكلام فارغ ) ، والتى يريدون منا بعد ذلك ان نضل لها عاكفين نسبح بحمدها ونكون اوادم فينا خير . يرصف الواحد كلمات ويطلقها مستهترا بالناس وعقولهم، ليسلب ارادتهم ، ويرفع هراوته الاخلاقية القبيحة يكيل التهم بالعنصرية والعرقية لصاحب الحق بانه يصنف ويقسم البشر لا لشيء الا انه يتمسك بهويته المستقلة . حيث يجعل استقلال الهوية، قرين العنصرية والعرقية، دون أدني ذرة من ......
وحتى نعرف هذيان اوثان اليمننة المجنون الفارغ المضمون، لنطلع على النص التالى :
علق نيقولا تيماشيف فى كتابه نظرية علم الاجتماع على نظرية الحتمية العنصرية لجوبينو قائلا : " لم يوضح جوبينو العوامل التى تكوّن عنصرا او جنسا من الاجناس ، بل خلط خلطا سيئا بين العنصر بوصفه قمسا بيولوجيا من البشر وبين الجماعة العرقية التى تتكون من اشخاص يتكاملون معا عن طريق تقبلهم العام لثقافة معينة واشتراكهم فيها " ا ه . ص 91
وكما نرى ان العرق انتماء ثقافي ، ولايوجد تقابل بين العرق والانتماء الثقافي .
وبهذا المعنى يمكن اعتبار "العرب " عرقا، ذلك انه تجمعهم ثقافة واحدة وان تعددت اصولهم العنصرية؛ قحطانية وعدنانية (اذا اعتبرناهما عنصرين ) وفارسية وشركسية وبرمكية وتركية وامازيغية وبربرية وزنجية ... الخ . اذن، اذن ... ماذا نقول في الهذيان الجاهل حتى بأبسط قواعد القراءة الجيدة ، هذا ان قرأوا فى الموضوع ، ولكن كيف تقرأ الاوثان ؟
هذا من جهة ومن جهة اخرى ، ان الانتماء الثقافي انتماء ضروري وحتمي طالما كان هناك بشر ومجتمعات بشرية ، فهو مثل التنفس والاكل والشرب ( الا يعلمون ان قضاء الحاجة ثقافة ؟ اذا لم يعلموا هذا فليذهبوا الى باب اليمن ) . الثقافة مكون اجتماعي لازم، وليست جزمة يمكن لبسها او خلعها، او كعبة يمكن التوجه اليها او التولي عنها ، تحتاج الى إله يحض الناس ويدعوهم بالانتماء اليها . أي جهالة جهلاء هذه التى تمارسها اوثان اليمننة علينا .
ومن جهة ثالثة، ان اعتبار الثقافة هي الحل لهى سخافة واستهتار واستهبال لا حد له. ان المشكلة الاساسية في الثقافة نفسها. فهي التى تحكم عقلية الانسان والجماعة ونظرتها ومواقفها واتجاهاتها العامة، وعداءتها او تسامحها، وتقبلها للآخر وانفتاحها او رفضها للآخر وانغلاقها، وهى خلف الغزو والعدوان ... الخ . ما الذى يجعل الغرب استعماريا، وهو مجتمعات ودول مدنية صاحبت الحضارة الحديثة التى صاغت ثقافة " حقوق الانسان " ، اليس تأصل الثقافة الاستعمارية لديه ؟
(3)
لنفتح الان القاموس الجيوبوليتيكى .
يقول القاموس الجيوبوليتيكى فى كلمة " المغرب " كعلم ،،، واكرررر كعلم ،،، انها تدل على دولة المغرب أي المملكة المغربية . لكن كلمة " المغرب " ، في نفس القاموس ، تدل على موضع غروب الشمس كما يراه الناظر ، ولذلك فهي كلمة نسبية المعنى ، وبالتالي قد تستخدم للاتجاه ، واستخدامها هنا يبقى امرا نسبيا ايضا . وكلمة " المغربية " في اسم المملكة المغربية جاءت من معناه الجغرافي ذي الاصل الاتجاهي الذى اطلق على اقليم المغرب العربي الذى يقابل المشرق العربي ، ولم يأت من موضع غروب الشمس ، ولو كانت " المغرب " مغرب لأنها موضع غروب الشمس لاحترقت كما يقول القاموس الايكولوجى ( القواميس كثيرة ) .
لقد استخدمت الدولة المغربية اسما شائعا لإقليم واسع استخداما سياسيا، وان كان الاسم يدل على منطقة اكبر، فهناك فرق بين الاستخدام الجغرافي والسياسي للكلمة ، وهى حقيقة يؤكدها نفس القاموس ( طبعة القاموس الذى بين يدى يحتوى على شروح ، وهى طبعة اصلية ، انتبهوا من الطبعات القديمة لان العلم تقدم ، وكذلك احذروا من المزيفة ) .
ونجد ايضا ان كلمة " الغرب " في القاموس الجيوبوليتيكى لها معان، منها دول اروبا الغربية وامريكا الشمالية (ولاتدخل امريكا الجنوبية نظرا للاعتبارات العنصرية والعرقية) وبهذا المعنى ستجده في القاموس الأنثروبولوجي . كما تعنى كلمة " الغرب " الغرب مطلقا بالنسبة لموقع الانسان، وستجدها بهذا المعنى ايضا في القاموس الجغرافي. وهناك معان طريفة عند الاسكيمو.
واذا عدنا الى كلمة " الجنوب " كعلم ،،، انتبه جيدا ، اقول : كعلم ،،، لن تجدها فى القاموس الجيوبوليتيكى ابدا ، لأنها لم تستخدم بعد .
وبعض الناس يظن ان القاموس الجيوبوليتيكى قد اكتمل تماما ولا يمكن ان تدخله كلمات جديدة، رغم ان له " انتماء ثقافيا " كما يقول. وعبارة " الانتماء الثقافي "" ستجدها في قاموس " اصل الثقافات " الذى وضعه تشارلز داروين، وقد دخلت فيه كلمات جديدة منها ثقافة الهمبرجر ، والبطاطس المقلية ، ولكن اطرف ما فيه : ثقافة التهريج ، وثقافة الاستعباط والاستهبال ، وثقافة الاستخفاف . وبالمناسبة سيجد المرء المهتم بالقواميس في كتاب " اصول لاختراع " لاديسون فصلا بعنوان: اختراع القواميس. وفصلا بعنوان: كيف تنصب نفسك وثنا وتضع قوانين الطبيعة والمجتمع وتمسح مجتمعا عن بكرة ابيه.
اذن لا توجد كلمة " الجنوب " كعلم وتدل على الدول التى تقع جنوب خط الاستواء.
فالذين وضعوا القاموس الجيوبوليتكى (الأصلي طبعا وليس المزيف) ليسوا اغبياء الى درجة وضع " علم " لدولة ويطلقونه على اكثر من دولة . فاسم " العلم " لا يطلق اساسا الا على واحد بعينه، والعلم لا يمكن ان يكون علما لعدة افراد. فاذا كان اسما لدولة، فهو يعنى دولة واحدة بعينها هي الدولة التى اطلق عليها ، ولايمكن ان يكون علما لعدة دول . ولكن يمكن في العلم الشخصي ( وهذا لن تجده فى القاموس الجيوبوليتيكى الممتع ) يمكن ان يُطلق العلم الشخصي على اكثر من واحد ، ويبقى علما ، فعند استخدامه لا ينصرف الا لواحد بعينة . وهذا لا يكون فى اسماء الاشخاص المعنوية ( ومنها الدول ) ، وايضا داخل الدولة كالشركات والمؤسسات والجمعيات والاحزاب ، فلابد من التفرد هنا .
انتهينا من القواميس الطريفة .
(4)
ولنعد مرة اخرى الى شريعة اوثان اليمننة وننظر فى القانون الذى يحمل عنوان: " ثابت فى تاريخ البشرية " الذى نصه: ما إن تبدأ ثقافة التصنيف والانتماء العرقيّ والمناطقي بالازدهار، ويزداد الحديث عن الهويات، حتّى يبدأ ثالوث الكوابيس المدمّرة: الاعتداءات والحروب والتشرذم (الذي أخشى أن يدمّر مستقبلنا القريب في جنوب وشمال اليمن معاً). كلّ الخرائب البشرية تبدأ عندما يستيقظ الحديث المتأزم عن الهويات! انتهى نص القانون.
هناك لبس فى الجمع بين كلمة " اعتداءات "وكلمة "حروب " . اليست الحرب اعتداء؟ هل يكون القانون ملتبسا. كما ان كلمة التشرذم مقحمة اقحاما ( ومع الملاحظة التى بين القوسين) يكون القانون قد صيغ من اجل عدم شرذمة " اليمن " ، ويقصد ادانة الجنوبيين الذين يريدون شرذمته بطريقة عنصرية بغيضة بليدة وليست حميدة خارج نطاق العصر . ولذلك فهذا قانون شخصي، أي موجه نحو شخص بعينه (شخص قانونى)، وليس قاعدة طبيعية عامة مجردة لا تحابى او تضار احدا . وإذا رجعنا الى سفر " قوانين تاريخ البشرية " سنجد النصوص التالية:
1-كل شعب يبقى متماسكا ، ويعيش في امن وسلام ، طالما كانت الروابط الاجتماعية اكثر استقلالا من الروابط العنصرية والمناطقية والمذهبية ، وكان الانتماء على اساس وطني .
2-تعيش الشعوب في سلام وتعاون فيما بينها عندما يسود بينها الاحترام المتبادل، وعلى وجه الخصوص احترام الهوية المستقلة لكل شعب، وتنشب بينها الحروب عندما يغلب شعب مصلحته على مصلحة شعب آخر بالعدوان عليه والغاء هويته المستقلة.
3-الاطماع عامل من عوامل التصنيف بين الشعوب لتبرير العدوان.
4-كل عدوان تقابله مقاومة. وكل محو لهوية تقابله ثورة هوية. وكل انواع الدمار يأتي من الغاء الهويات والاعتداء عليها.
وكما نلاحظ انه تم قلب قانون من قوانين الطبيعة، فأصبح قانون المقاومة ضد العدوان هو شرذمة وسبب في الحروب والاعتداءات والتشرذم. وهذا تحريف يحول الضحية الى جلاد والجلاد الى ضحية، من اجل شن حرب اخلاقية تجعل كراهية الجنوبيين للاحتلال ومقتهم له امرا لا انسانيا، بالرغم انه امر إنساني فطرى لدى كل مظلوم، دافع عنه الله سبحانه في كتابه {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148] ، لكن اوثان اليمننة يعارضون الله وفطرته التى فطر الناس عليها ، اليست اوثانا ؟ وتجعل هذه الاوثان نبذ الجنوبيين للهوية اليمنية القاتلة، وتمسكهم بهويتهم التى تحييهم وتنتشلهم من هذا الرميم ، وتكشف الاحتلال وتعريه بإسقاط غطائه القاتل " اليمننة " ، تجعله عملا عنصرا وعرقيا وتقسيميا وهوية قاتلة هي السبب في الحروب . {وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 48]
ومن القوانين الاربعة اعلاه يمكن الخروج بقاعدة عامة تؤسس للسلام والوئام الداخلي والخارجي بين الشعوب ، وهى : ان الشعب الواحد يجب ان يتمسك بالانتماء الوطنى والمواطنة المتساوية . وان الشعوب يجب ان تعترف بحق كل منها فى استقلاله الوطنى وهويته السياسية المستقلة، والهوية المستقلة ما هى الا ارادة انتماء الى مركز سياسى مستقل ، كما تقررها حقوق الانسان وميثاق الامم المتحدة والعهدين الدوليين للحقوق .
واخيرا، فان استقلال اى شعب ليس معلق على شرط ، كأن يكون لديه برنامج تحديثي او لا . او ان يكون متحضر او لا . او ان يسود فيه الانتماء الثقافى ( العبارة البلهاء ) ام لا . ولا يشترط ان يكون مؤدبا فى مطالبته بالاستقلال ليمنح حق " الانفصال الحميد " ، فلا يوجد اسوأ ولا اقبح ولا فاقد للأدب من الاحتلال ، وله توجه النصائح واللوم لا الى المُعتدى عليه ومن بُغى عليه .
{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)} [الشورى : 41 - 42]
هذه شريعة ربنا التى نتبعها لا شريعة الاوثان. من ينتصر لنفسه، ويجهر قبل ذلك بالسوء بذكر الظالم وتعريته، ليس عليه سبيل، لا يلام. انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق اولئك لهم عذاب عظيم.
لكن اوثان اليمننة تعاكس شريعة ربنا وتدعونا لاتباع شريعتها . تدعونا الى مستحيل وهو ان نطلع من جلودنا والا نغضب ولا نثور ولا نلعن الاحتلال الغاشم، وان نكون مؤدبين فى وضع هو قلة الادب بعينها. هذه شريعة الشيطان لا شريعة الرحمن.
كم هى عظيمة شريعة ربنا احكم الحاكمين.
2\2\2013 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.