اضراب الجمعة في تونس وحركة النهضة ترفض تشكيل حكومة غير حزبية ومواجهات عنيفة بين الشرطة التونسية ومتظاهرين في قفصة والعربي يدين اغتيال بلعيدعواصم وكالات: رفض الاسلاميون الذين يحكمون تونس الخميس تشكيل حكومة تكنوقراط تحدث عنها رئيس الوزراء، بينما قرر الاتحاد العام التونسي للشغل تنظيم اضراب عام الجمعة، ما يمثل تصعيدا في الازمة التي نجمت عن اغتيال معارض يساري. واندلعت مواجهات عنيفة في العاصمة التونسية ومركز ولاية قفصة (جنوب غرب) بين الشرطة ومتظاهرين غداة اعمال عنف خطيرة اسفرت عن مقتل شرطي في العاصمة. وبدأت المواجهات عندما رشق احد المتظاهرين الشرطة بزجاجة حارقة، فردت بإطلاق مكثف لقنابل الغاز المسيل للدموع قابله المحتجون برشقها بالحجارة. ودعت الى الجنازة الرمزية منظمات مجتمع مدني وائتلاف 'الجبهة الشعبية' (يسار) الذي كان بلعيد عضوا فيه. وتوقف المشاركون في الجنازة امام مقر الولاية قبل ان يلقي احدهم زجاجة حارقة على الشرطة التي كانت تحرس المقر. واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مكثف لتفريق المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة. وفي سليانة (شمال شرق) احرق متظاهرون مقر حزب النهضة الاسلامي الحاكم. من جهة اخرى، رفض صحبي عتيق رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة الاسلامية الحاكمة قرار رئيس الوزراء حمادي الجبالي تشكيل حكومة كفاءات وطنية غير حزبية. وقال عتيق للتلفزيون الرسمي التونسي 'رفضنا هذا المقترح (..) ورئيس الحكومة (وهو ايضا امين عام حركة النهضة) اتخذ هذا القرار دون استشارة الائتلاف (الثلاثي الحاكم) أو حركة النهضة' الحزب الاكثر تمثيلية في البرلمان (89 مقعدا من اجمالي 217). وكان عبد الحميد الجلاصي نائب رئيس النهضة اعلن رفض الحركة قرار الجبالي. وقال الجلاصي لاذاعة 'شمس اف ام' الخاصة 'بالنسبة لنا في حركة النهضة، بلادنا ما زالت في حاجة الى حكومة سياسية ائتلافية على قاعدة انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011' التي اوصلت النهضة الى الحكم. واضاف ان حمادي الجبالي 'لم يشاورنا في هذه المسألة (التي) سمعنا بها بالامس'. وردا عن سؤال حول موافقة حركة النهضة على تشكيل حكومة تكنوقراط، قال الجلاصي 'لا'. وتابع 'سنجري مشاورات مع مجموعة من الاحزاب والكتل (في البرلمان) وان شاء الله سنصل الى توافقات'. وكان رئيس الوزراء الاسلامي حمادي الجبالي اعلن مساء الاربعاء قراره تشكيل 'حكومة كفاءات وطنية لا تنتمي الى اي حزب، تعمل من اجل (مصلحة) وطننا'. ولفت الجبالي الى انه 'لم يستشر' عند اتخاذ هذا الموقف 'لا احزابا حاكمة ولا معارضة، بل ضميري ومسؤوليتي امام الله والشعب'. وقال ان الحكومة ستكون 'مصغرة' وستتشكل من 'ابرز ما لدينا من كفاءات، وفي كل الوزارات السيادية وغيرها، تعمل على الخروج من هذه الوضعية'. وقوبل الاعلان بارتياح لدى المعارضة والمجتمع المدني بينما يقود تونس منذ انتخابات تشرين الاول/اكتوبر 2011 تحالف تهيمن عليه النهضة ويضم حزبين علمانيين ليسار الوسط احدهما حزب الرئيس المنصف المرزوقي. وبعد دعوة اطلقتها اربعة احزاب سياسية، اعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية التاريخية في تونس، اعضاءها البالغ عددهم 500 الف الى اضراب عام الجمعة يوم تشييع شكري بلعيد (49 عاما). واتخذ الاتحاد هذا القرار خلال اجتماع 'استثنائي' عقده الخميس أعضاء 'الهيئة الإدارية الوطنية' للمركزية النقابية برئاسة حسين العباسي الأمين العام للاتحاد. وفي مواجهة هذه الاوضاع المتوترة، قررت فرنسا اغلاق مدارسها في تونس الجمعة والسبت حسبما اعلنت السفارة الفرنسية بتونس الخميس. ويؤم المدارس الفرنسية بتونس 7500 طالب من اربعين جنسية، اغلبهم من التونسيين. ويعيش في تونس 25 الف فرنسي منهم 70 بالمئة يحملون جنسية مزدوجة فرنسية تونسية. من جهته، بدأ المحامون والقضاة اضرابا منذ الخميس لاداة اغتيال بلعيد المحامي المدافع عن حقوق الانسان. ويتهم جزء من المعارضة وعائلة بلعيد باغتيال المعارض الذي شكل اول عملية من نوعها منذ الثورة. ولم يعلن عن اي تقدم في التحقيق امس الخميس. ورفض حزب النهضة الاتهامات، بينما تتهم ميليشيا موالية للاسلاميين بمهاجمة معارضي السلطة باستمرار. من جهة اخرى، طالب معارضون بحل الجمعية الوطنية التأسيسية التي لم تتمكن منذ 15 شهرا من صياغة دستور في غياب تفاهم بين ثلثي النواب. وقال رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي لاذاعة شمس-اف ام ان 'الحكومة لم تعد قادرة على ادارة شؤون البلاد مثل الجمعية الوطنية التأسيسية. عليهما الاستقالة لمصلحة الشعب'. وفي ردود الفعل، دان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد وعتبرا انه 'تحد خطير لمسار التغيير الديموقراطي في تونس وعدد من الدول العربية'. وقال العربي في بيان انه 'يتضامن مع الشعب التونسي في هذا المصاب الأليم الذى يشكل تحديا لمسار عملية التغيير الديمقراطي الذي تشهده تونس وعدد من الدول العربية'. الى ذلك أعلن المحامي التونسي احمد نجيب الشابي رئيس الحزب الجمهوري (وسط) المعارض ان اسمه مدرج على 'قائمة شخصيات مستهدفة بالاغتيال' وانه يتمتع بحماية رسمية. وقال الشابي في حوار مع اذاعة 'إر تي إل' الفرنسية 'أنا مهدد، وزارة الداخلية اعلمتني رسميا منذ اربعة اشهر اني ضمن قائمة شخصيات مستهدفة بالاغتيال. ورئيس الجمهورية (منصف المرزوقي) وضع لي حراسة امنية منذ ثلاثة أو اربعة اشهر'. والاربعاء اغتيل المعارض اليساري البارز شكري بلعيد امام منزله في العاصمة تونس من قبل مسلح مجهول اطلق عليه الرصاص ثم لاذ بالفرار مع شخص اخر كان ينتظره على دراجة نارية. وهذه عملية الاغتيال الاولى في تونس منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1956. وسبب الاغتيال صدمة وهزة كبيرتين في صفوف الراي العام والطبقة السياسية في تونس. وقال احمد نجيب الشابي ان التحقيقات في اغتيال شكري بلعيد 'لا تزال في بدايتها ولا يمكننا قول اي شيء'. لكنه انتقد 'تراخي' السلطات في التعاطي القانوني مع اعمال عنف متكررة استهدفت معارضين وحقوقيين وصحافيين، وتورطت فيها جماعات دينية متشددة أو ميليشبات محسوب على حركة النهضة الاسلامية الحاكمة. وندد الشابي الذي كان من ابرز معارضي الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ب'المجموعات الدينية المتطرفة التي هاجمت مهرجانات ثقافية وفنانين وتظاهرات سياسية ومطاعم وحانات'. وقال انهم 'يريدون اقامة دكتاتورية دينية عنيفة'. واضاف الشابي ان جماعات دينية متطرفة تعتبره 'عدوا يجب التخلص منه'. وفي 2012، قال شيخ سلفي في جرجيس (جنوب) خلال خطبة القاها عبر مكبر صوت امام مسجد أن 'احمد نجيب الشابي وشكري بلعيد وامثالهم (من العلمانيين) رؤوسهم مطلوبة في جرجيس'. وكرر 'نطالب برأس نجيب الشابي وشكري بلعيد وامثالهم' مهاجما 'الاحزاب العلمانية الملحدة الكافرة'. وفي سياق متصل قال الشابي ان 'تغيير الحكومة التونسية الحالية (التي تقودها حركة النهضة) يمكن من التطلع الى وضع جديد'. ومساء الاربعاء اعلن حمادي الجبالي قراره تشكيل 'حكومة كفاءات وطنية لا تنتمي الى اي حزب، تعمل من اجل (مصلحة) وطننا'.