أحمد السعداوي (أبوظبي) - منكفئاً على آلته العتيقة، متوحداً معها عبر أطرافه الأربع وتركيزه الذهني من أجل إنجاز لوحة جمالية جديدة تدهش كل من يطالعها، هذا هو حال عامر عيد أحمد صانع السجاد اليدوي، الذي ورث المهنة عن أبويه، وما زالت أصابعه تنسج خيوط الجمال يجمعها جنباً إلى جنب، حتى تنتهي إلى واحدة من مشغولاته اليدوية القيمة، التي يتهافت عليها عشاق الجمال ممن أتوا إلى مهرجان سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان للإبل في منطقة سويحان، وتحديداً إلى القرية التراثية التي أقامها نادي تراث الإمارات على هامش المهرجان المنتظر أن يسدل ستائره في الخامس عشر من الشهر الجاري، ويقام بدعم ورعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات. يقول عامر عيد أحمد، وهو أحد الصناع التراثيين في نادي التراث، إن صناعة السجاد اليدوي باستخدام آلة النول تحتاج إلى صبر وتركيز عال، وقدرة عالية على الإحساس بالجمال حتى يستطيع النسّاج «صانع السجاد»، أن يجدد فيما يصنعه ويبتكر أشكالاً مدهشة تعجب الناس على اختلاف أذواقهم وميولهم، فهناك من يستخدم هذه الأنواع من السجاد كقطعة من الديكور الجميل تعلق على جدران المنزل، لتزيده بهاءً بألوانها الزاهية ودقة الصنع المعروف بها صانعو السجاد اليدوي، وهناك من يستخدمها كنوع من الأبسطة في المجالس وغرف الاستقبال، ما يعطي شعوراً بالجمال والأصالة في المكان. ويوضح أحمد أن الخامات المستخدمة في صناعة السجاد اليدوي، هي الصوف والوبر المستخلصان من الإبل والخراف، أو القطن المستعمل في صناعة النسيج والملابس العادية، ويتم صبغ الصوف والقطن بحسب الحاجة وتجفيفهما، قبل البدء في عملية النسج. ويلفت إلى أن الصبر سمة أساسية في شخصية من يمارس هذه الحرفة التراثية التي امتهنها بعض أهل الإمارات في الزمن القديم، حيث تحتاج القطعة الصغيرة من السجاد التي لا تتجاوز مساحتها 20 في 30 سنتيمتراً إلى ثلاثة أيام، ويبدأ سعرها من مائة درهم، بينما تحتاج القطعة الكبيرة 100 في 160 سنتيمتراً، فترة زمنية تصل إلى شهر ونصف الشهر تقريباً، حتى يتم الانتهاء منها على الوجه الأكمل والأجمل، بحسب التصميم المراد والذي يتخيله صانع السجاد قبل أن يبدأ في عمله، ويصل سعرها إلى ثمانية آلاف درهم، تبعاً لنوعية الشكل المطلوب والوقت الذي استغرقته. وتعتبر حرفة النسّاج من الحرف المرهقة بدنياً إلى أقصى حد كون العامل على آلة النول يستخدم يديه وقدميه بشكل دائم خلال عمله، وكذا يكون ظهره مقوساً ما قد يصيبه ببعض الآلام إذا لم يأخذ قسطاً من الراحة كل ساعة، حتى يحتفظ بتركيزه وقدرته على إخراج السجادة بشكل متقن، كما يقول أحمد، والذي أوضح أنه يفخر بمشاركته الدائمة في الفعاليات التي يقيمها نادي تراث الإمارات ليسهم في التعريف بواحدة من المهن المهمة التي عرفها أبناء الإمارات عبر الزمن والمعتمدة على خامات مستمدة من البيئة المحلية، ويستفيدون منها بشكل مباشر في تجميل بيوتهم وفرشها، وقبل اكتشاف العديد من أنواع السجاد والديكور في العصر الحديث، التي تفتقر إلى اللمسة الإنسانية ذات البعد الجمالي. وأكد أن أكثر زبائنه من أبناء الإمارات الذين يعتزون باقتنائهم كل ما يحمل صبغة تراثية تذكرهم دوماً بالطريقة التي كان يفرش بها آباؤهم وأجدادهم المنازل، وتعطي بهاء من نوع خاص، لا يدركه إلا من يعرف قيمة الإبل ومنتجاتها ومنها الوبر المستخدم بشكل رئيسي في صناعة السجاد.