إلا أنه لا خلاص منها إلا بإفساح المجال للتعددية الأيديولوجية, والإقرار بالحق في الاختلاف, وغرس قيم التسامح, وقبول الآخر. وما لم يتوقف هذا المناخ السوداوي الذي يلوث سماء المجتمع بالشكوك والظنون والاتهامت المتبادلة, فالخشية كبيرة من أن يتحول هذا العنف القلبي والفكري واللفظي إلي عنف سياسي ندفع ثمنه جميعا: فوضي عارمة, ودولة فاشلة. وهذا ما اندلعت الثورة المصرية لتخليص الشعب منه, واستبدال التسامح الثوري به. ولقد كانت وثيقة الأزهر التي وقعتها القوي السياسية قبل أيام حاسمة في التفرقة بين العمل السياسي والتخريبي, وحازمة في إدانة التحريض علي العنف وتسويغه وتبريره والترويج له والدفاع عنه واستغلاله بأي صورة. والأمر هكذا; يجب علي المصريين جميعا التصدي فورا, وبدون إبطاء, لكل صور البلطجة, والخروج عن القانون, والاعتداء علي المواطنين, وتخريب الممتلكات العامة والخاصة, وتعطيل المواصلات ومصالح المواطنين, وغيرها من جرائم رأينا مشاهد لها أمس في الذكري الثانية لتنحي الرئيس السابق, وما سبقها من أحداث عنف علي مدي شهور. ومن الضروري كذلك ألا يحقق العنف السياسي أي مكاسب لمرتكبيه أو مستغليه أو المحرضين عليه, وأن يتم فضحهم وتجريسهم وعقابهم, وأن تتم هزيمتهم في الشارع, والمجتمع, وعبر صناديق الاقتراع.