منى أبوالنصر كتب يوما فى وصيته بأن يُحرق جسده ..وينثر جزء منه بنهر النيل فى مصر وجزء فى وطنه الأصلى ألمانيا، وجزء فى البلد الذى تعلم به وحمل جنسيته أمريكا. «وصية» ليست بغريبة عن عالم عاش عمره الذى ناهز الثمانين، ناسكا فى محراب الأدب والنشر. لم تكن مصر بالنسبة لمارك لينز الراحل المدير السابق لقسم النشر بالجامعة الأمريكية، مجرد محطة فى مسار عمل طويل، فمصر كانت «النداهة» التى سحرته آدابها وفنونها، حتى أنه غادر عائلته قبل أكثر من 20 عاما لنشر أعمال كبار كتابها باللغة الانجليزية. وفاة مارك لينز قبل عدة أيام، فى مستشفى ببرطانيا، صاحبها شجون لدى من عرفوه جيدا ولمسوا ولعه بمصر، الذى كان حريصا على معيار جودة الأعمال التى تخرج عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية، الذى حفر له اسم بارز ارتبط بترجمات كبار أدباء مصر والعالم العربى على رأسهم نجيب محفوظ وخيرى شلبى ومحمد البساطى وجمال الغيطانى ويوسف القعيد، وعلاء الأسوانى. لم تكن الترجمة هى النشاط الوحيد الذى دأب قسم النشر أثناء ادارة لينز على انجازه، فقد كان حريصا على المشاركة فى تدوين الثورة المصرية من خلال نشر عدد من الكتب التى اعتمدت بشكل كبير على الحكى عن طريق الصورة الفوتوغرافية والجرافيتى، كما استخدم الصورة بفنونها المختلفة فى نشر كتب تحمل الكثير من الطقوس والشعائر الروحانية مثل الصوفية ورحلة الحج. تولى بعده د. نايجل فليتشر جونز رئاسة القسم، وكان لينز حريصا على الظهور فى فاعليات القسم بما فى ذلك المعارض وحفلات التوقيع، ويلقى كلمات يغلب عليها الطابع التلقائى عن الكاتب ودوره فى المشهد الراهن. كان لمارك دور فى تأسيس جائزة نجيب محفوظ للأدب التى تنظمها الجامعة الأمريكية سنويا فى يوم ميلاد محفوظ، ودشن خطة سنوية لنشر أدبه باللغة الإنجليزية فى دول أوروبا.