عبدالرزاق الجمل الذين كانوا جزءاً من النظام السابق، صاروا النظام الحالي كله، لكنهم يتحدثون عن بقايا نظام سابق ويطالبون بإخراجهم من البلد بعد أن خرجوا من السلطة. أما الشعب فخارج كل ما يجري، ولا يعنيه في شيء أمر الراحلين عن السلطة والراحلين إليها. إن آمنت يوما بأن ما حدث في اليمن كان ثورة، فلن أؤمن على الإطلاق بأن هذه هي نتائجها الطبيعية، وإن آمنت بأن هذه نتائج طبيعية لثورة، فسأكفر بالثورة من الألف إلى الياء، ومن الياء إلى الألف، على طريقة نظام الذهاب والإياب في مباريات كورة القدم، باستثناء الثورات المضادة لهذا النوع من الثورات. يسمون ما يقومون به ضد النظام الحاكم ثورة، وحين يصبحون نظاما حاكما، يسمون ما يقوم به الآخرون ضدهم ثورة أيضًا، لكن مضادة، والثورة المضادة في قاموسهم، هي نوعٌ من البلطجة ذات الأغراض المشبوهة يستحق من يقومون بها أن تُشج رؤوسهم وأن تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو يُنفوا من البلد. حسنا، إذا كان من حقهم أن يطالبوا من يحكمون بالرحيل عن السلطة، في إطار التداول السلمي لها، إن كانت أعمالهم تمت للسلمية بصلة، وهي ليستْ كذلك قطعا، فبأي حق يطالبونهم بالرحيل عن البلد، هل لأن الجدد قدموا من خلفيات دينية، ويؤمنون بحجية القياس مثلا، فكما أن هناك تداولا سلميا للسلطة هناك أيضا تداولٌ سلميٌ للبلد، وكما أن هناك رحيلا عن السلطة هناك أيضا رحيل عن البلد؟.