الأحد 17 فبراير 2013 12:15 صباحاً تبذل جهود مشكورة لإنجاح التوافق الجنوبي لكنها تصطدم بعقبات هنا وهناك تؤجل من نجاحها من ناحية وتصيب أصحاب الجهود المخلصة والنوايا الحسنة بالإحباط من ناحية أخرى .. ولكن لماذا تظهر لجان جديدة في ظل وجود لجان سابقة لم ينتهي عملها.. أهذا عدم تنظيم وتنسيق للجهود أم أن كل طرف لا يقبل الا نجاح جهوده هو ؟؟ وهذا أحد الأسباب المعيقة ، إلى جانب أسباب أخرى يدركها الساعين في هذا الاتجاه أكثر من غيرهم .. ونعود للتوافق الجنوبي أسباب الإخفاقات وكيف يمكن تجاوزها ؟؟ انطلاقاً من اعتبار الحاضر امتداد للماضي بسلبياته و ايجابياته ، بتبايناته وتوافقاته والإقرار بتأثيراتها بشكل أو بآخر على علاقات القوى السياسية اليوم في ظل ظرف يستلزم توافق الجميع على قواسم مشتركة في عمل مشترك ، وفي ظل وضع يختلف عن الماضي على كل المستويات .. في مثل هذا الوضع تكون المشكلة أمام أصحاب جهود التوافق الخيّرة هي تغيير شعور التوجس والحذر الناتج عن ترسبات المرحلة الماضية ، وذلك بمد جسور التواصل للوصول لقناعة القبول بالآخر والتعامل معه كضرورة لا بد منها .. وقد أدرك شعبنا الذكي بالفطرة هذه المسألة عندما أطلق دعوة التصالح والتسامح الجنوبي ... لا يكفي التعبير اللفظي للقبول بالآخر بل يتطلب سلوك وتنسيق وتطبيق للعمل المشترك ولكن كيف ؟؟؟ القضية الجنوبية فرضها الشارع الجنوبي بتضحياته المتتالية ، هذا الشارع الذي يمثل الشباب نواته وديمومته ودينمو حركته ، وبمقارنة حركة الشارع الجنوبي مع حركة القيادات في الخارج نرى بوضوح عدم التنسيق في حركة القيادات ، وإن جرت محاولة تحت أسم ( من أجل التوافق) ... تكون المحاولة في حد ذاتها غير قابلة للنجاح لإنها تفتقد لإهم عنصر للتوافق وهو قبول القيادات الجنوبية لبعضها في عمل مشترك من خلال حوار ونقاشات فيما بينهم يتمخض عنها الاتفاق على خطوات العمل خطوة بخطوه ... أما الدعوة للاشتراك في عمل يتم إعداد خطواته الأولى من قبل طرف معين ويُطلب من الآخرين الشراكة في مناقشته ، فهذه الأبوية لا يتجاوب معها الأخرون ويعتبرونها نقيض للتوافق المطلوب بل تكريس لقاعدة التابع والمتبوع وهذا ما صبغ أغلب المحاولات التي أقدمت عليها بعض القيادات الجنوبية حتى الآن .. الشارع الجنوبي وحده كفيل بالضغط على القيادات من خلال رفض الإستماع لممثليها في الداخل كما حدث في فعالية 14 أكتوبر العام الفائت ... شباب الساحات قادرين على توجيه رسائل متتالية للقيادات الجنوبية في الداخل والخارج من خلال فعاليات جماهيرية في ساحات الجنوب تضع تلك القيادات أمام الأخذ بأحد الخيارين أما التوافق في عمل مشترك أو التقاعد السياسي وإبراز قيادات شبابية من الداخل ، العالم كله أحترم شلالات الدم الجنوبي التي تراق من قبل أجهزة القمع لنظام الاستعمار الصنعاني أثناء الفعاليات السلمية دون أن يركع الإنسان الجنوبي أو يتجه الى العنف المضاد ، الا تكون القيادات الجنوبية هي السبّاقة لذلك بإعلان التوافق المطلوب ؟؟؟ نأمل من هذه القيادات أن تتخلى بنزاهة عن ترسبات المرحلة السابقة وتأثيراتها فشعبنا الذي فقد خيرة أبناءه في تلك المراحل أعلن التصالح والتسامح وقبِل بإعادة التعامل معهم كقيادات لهذه المرحلة ايضاً ، على أن يمتثلوا جميعاَ لقبول الآخر سواء من حُسب منهم على نظام تلك المراحل ( الصراعية ) أو من أختلف مع أصحابها ونفي خارج الوطن . والخلاصة: - أن تدويل القضية اليمنية لم يأتي لرفع المعاناة عن الإنسان في الجنوب أو الشمال ، بل استجابة لمصالح دولية كبرى في هذه المنطقة تستدعي ذلك . الاستقرار السياسي يمثل أولوية لتلبية المصالح الدولية الاستراتيجية في هذه المنطقة ، وسيأتي تحقيقه أما عن طريق الإستجابة الذاتية للقوى الجنوبية عن طريق إدراكها لمتطلبات هذه المرحلة الجديدة في تاريخ التطور البشري التي تذوب فيها كثير من المفاهيم والعلاقات ويتداخل فيها الشأن الداخلي مع الدولي .. ويأتي هذا الإدراك والتعاطي مع روح العصر الجديد بجعل تلبية مصالح الآخرين المشروعة في منطقتنا وسيلة لتحقيق مصالح وطنية تدر بالخير والرفاهية لشعبنا ... اما في حالة رفض القوى السياسية الجنوبية القبول بالتنوع كقاعدة للحياة السياسية فلن ينتظر العالم رضاها بل سيفرض ما يراه ملبياً لمصالحه دون الاكتراث بمصالحنا الوطنية .. ووضع صنعاء الحالي خير دليل على جبروت المصالح الدولية . نتمنى على القيادات السياسية الجنوبية في المعارضة وفي قيادات النظام القائم وفي الأحزاب الشريكة في السلطة أن تنطلق في موقفها تجاه حل القضية الجنوبية ليس من مواقعهم وأوضاعهم اليوم ، بل من ما سيكون عليه مستقبل الأجيال القادمة ومنهم أحفادهم وأبناء أحفادهم الذين قد لا يحظون بما حظي به الآباء والأجداد وحياة القادة السياسيين الجنوبيين اليوم خير شاهد على تقلبات الأوضاع ... ومعلوم أن حسابات قيادات الشعوب يجري إعدادها للمستقبل الغير منظور أي بعد عشرات السنين من يوم المصادقات على تقدير أوضاع المستقبل من قبل القائمين على أمر الشعوب . فهل لنا أن نلحق بالشعوب فكراً وسلوكاً ... نأمل ذلك .