في مشاركته اللافتة في القمة الحكومية، وقبل أن يجيب سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، المشرف مباشرة على صندوق الديون المتعثرة، الذي يعتبر إحدى المبادرات الرائدة لصاحب السمو رئيس الدولة، على سؤال حول قروض المواطنين، سأل سموه عن محافظ المصرف المركزي إذا كان موجوداً بين الحضور في إشارة إلى دور المركزي الذي لعبه ويمكن أن يلعبه للحد من هذه الظاهرة السلبية . حملت أجوبة سمو الشيخ منصور بن زايد تحذيرات هي الأشد التي تصدر عن مسؤول حكومي رفيع إلى البنوك التي تنشط بهذا النوع من الإقراض، ونصائح مباشرة إلى المواطنين الذين يتبعون الطرق السهلة للحصول على الأموال بهدف إنفاقها على الكماليات دون إدراك مدى قدرتهم على السداد . ووجه سموه انتقاداً شديداً إلى البنوك وقال عنها إنها للأسف تستغل المواطنين بشكل مباشر في منحها هذه القروض، سواء بفوائد تراكمية مرتفعة مغالية في أرقامها تفوق أي معايير أو مستويات عالمية أو محلية، أم بشكل غير مباشر عبر توقيع المقترضين على التزامات غير ظاهرة مخبأة في بنود القروض . وإذا كانت نصائح سموه للمواطنين تنبع من القلب محذرة من التورط في القروض، فإن ذلك سببه معرفته ببواطن الأمور كونه مشرفاً مباشرة على ملف الديون المتعثرة ومطلعاً على مئات الحالات المأساوية التي دمرت بيوتاً وأدخلت سجوناً . نصيحة سموه للمواطنين جاءت بعبارة مختصرة . . "القرض ورطة . . فلا تتورطوا"، لافتاً إلى أن الإمارات بلد منفتح اقتصادياً حيث العديد من المؤسسات العاملة في الاستثمار والتجارة والمصارف والتمويل تستغل عدم وعي المواطنين بالقروض وآلياتها فتمنحهم الأموال وتوقعهم على بياض . عندما تمنح البنوك القروض لأشخاص غير قادرين مالياً على تسديدها فإن الأمر يتحول إلى "توريط" يمارس من قبل موظفي البنوك للحصول على "بونص"، ما يستدعي أن تتحمل إدارات البنوك المسؤولية عن أخطاء يرتكبها موظفوها لتحقيق هدف المبيعات . لن نتحدث عن ممارسات البنوك غير الصحية في هذا الجانب التي يعرفها الجميع، انطلاقاً من إغراءاتها للمواطنين، ولا عن الغموض في بنود اتفاقات القروض، إننا نتحدث هنا عن أخلاقيات مهنة وعن مسؤولية اجتماعية وعن واجبات وطنية وحتى عن عقلانية في الفوائد والأرباح . وإذا عدنا إلى بداية الحديث، فإن الإشارة إلى "المركزي" تعني مسؤولية كبيرة عليه تتطلب منه جهداً أكبر وعملاً تنظيمياً أوسع وضوابط جديدة للحد من تفاقم ظاهرة القروض الشخصية التي باتت تستحوذ على ربع حجم الإقراض المصرفي في البلاد بما يزيد على 250 مليار درهم وهي في تزايد مستمر سواء للمواطنين أم المقيمين . لا نطالب بأن يتوقف الإقراض الشخصي، فهو أساس في عمل البنوك، ولكننا ندعو إلى التحلي بالمسؤولية في منح القروض والالتزام بمعايير الإقراض وأسعاره المناسبة كما هو معمول به على المستوى العالمي على أقل تقدير .