ها هي موسكو ترفع عقيرتها في مجلس الأمن الدولي لأول مره, منذ قيام الوحدة اليمنية, بوضعها عصى غليضة في دواليب جهود تدويل اليمن لقضاياه الداخلية, لغربلة البيان الرئاسي من أي إدانة لإيران أو حتى إشاره الى دور إيراني مزعوم, وراء شحنة أسلحة ضُبطت مؤخراً إمام السواحل اليمنية, بعد إن كانت قد حالت الأسبوع قبل الماضي, دون تحقيق دولي لتتبع خيوط تلك الشحنة التي وصفت بالأخطر بل والهجومية في سلسلة الشحنات العسكرية, وشبكات التجسس, التي تقاطرت على اليمن خلال الأشهر الأخيرة . الموقف الروسي يمكن إعتباره تنبيه هامس في إذن الرئيس هادي : «نحن هنا». يهدف تضمين الحزمة المُزمَّنة في آلية التنفيذ للإتفاقية الخليجية توقيتات موسكو الى جانب واشنطن والرياض هذا من جهة, ومن الجهة الأخرى تشير الرسالة الروسية: أن صبر الكرملن قد فاض من التفرد الأمريكي بالشأن اليمني, وإن عجلة تقاطع المصالح الأمريكية الروسية التي توقفت العام 89م مع صعود بوريس يلتسين سدة الكرملن, قد عاودت الدوران بعد هذه التدخلات غير الدبلوماسية الغربية, وعلى وجه التحديد السفير الأمريكي, الذي تمادى في الإتهام والتهديد, وكان أخطرها إتهامه الجنوبيين بالإرتزاق لصالح إيران(أبحث عن روسيا حيث تُذكر إيران) فهالة الجموع التي نزلت شوارع عدن والمكلا لتأكيد التسامح والتصالح الجنوبي في 13 يناير الماضي, افقدت السيد فايرستان الكياسة الدبلوماسية ليرد بفجاجة تماهى بها مع الدكتاتور صالح في العداء للجنوبيين, إذ بدا في مؤتمره الصحفي الذي تعمده بعيد الملوينية الجنوبية بسويعات ثلاث,بدا وكأنه (المخلوع) في فبراير 2010م ولم تك تنقصة سوى ال(تفلة) لتكتمل صورة الضيق من كل ما له علاقه بالجنوب . على الرُغم أن معالي السفير قبل غيره, يدرك أن المحيط الهندي وتحديداً بحر العرب بما فيه خليج عدن, يعتبر منطقة نفوذ روسي موروث من زمن الأتحاد السوفيتي, وأي نشاط عسكري او إستخباراتي عليه إتقاء إيقاظ الدب, وهو الأمر الذي يبدو أن اليمن لم يضعه في الحسبان عندما ذهب الى النهاية في إتهام إيران بالمسئولية المباشره في تهريب السلاح, وعلى هذه الخلفية يمكن فهم الغضاضة التي لم تجدها ايران في وصفها للإدعاءات اليمنية ب «افتراءات تافهة» كما جاء في رسالة الرد التي وجهتها الى مجلس الأمن.. إفتراءات.. وتافهة كمان!! على ما يبدو من المفردات الأيرانية أن الأمرليس ثقة بسلامة الموقف, بل بجاحة غير مألوفة في العرف الدبلوماسي, وعلى ذات الخلفية لم يتردد السيد محمود حسن زاده, سفيرها في صنعاء لم يتردد الأسبوع الماضي عن وصف الأدعاء اليمني ب «الإتهامات المتكررة» بعد أن كان قد علل الإتهام لبلاده بالوقوف وراء شبكة تجسس ووصول معدات تصنيع عسكرية الى عدن نهاية العام الماضي بإنه نتيجة «تقارير غربية مضللة» رغم إدراك الرجل, لوجود مقبوظين إيرانيين على ذمة القضية!! غياب المندوب الروسي عن الوفد الأممي الذي زار صنعاء في 27 يناير الماضي, كان أيضاً رسالة ضيق من إهمال الدور الروسي وإقتصار الترتيبات ما بعد المرحلة الأنتقالية على ما تراه الترويكا الغربية (أمريكا, بريطانيا, المانيا) بشخوص سفرائها في صنعاء. وتشير بعض المصادر الى أن النتائج التي تمخضت عن زيارة اللجنة الأممية العسكرية والأمنية عالية المستوى التي بدأت بالتزامن مع وصول الوفد الأممي وتواصلت لأكثر من إسبوع, أن تلك النتائج قد أثارت حمية موسكو بعد المعلومات التي تحدثت عن رغبة اليمن في تدويل خلافاته مع أيران, وهو الأمر الذي دأب الرئيس هادي على فعله في كل زياراته ومشاركاته الخارجيه, وكان ينقصه تتويج جهوده تلك, بزيارة موسكو لطرق الموضوع, ولأنه لم يفعل فقد جاءت النتائج أقل مما كان يتوقعه في البيان الرئاسي الذي صدر في 15 الجاري. علماً أن المسوده البريطانية كانت تتحدث عن إدانة للدور الأيراني في إرسال أسلحة الى اليمن, لكنها أنتهت الى صيغة برأت إيران من أي مسئولية وجاءت على هذا النحو«يبدي مجلس الأمن قلقه إزاء تقارير عن جلب أموال وأسلحة إلى اليمن من الخارج بهدف تقويض العملية الانتقالية» .. إستبدال كلمة «جلب» عوضاً عن «إرسال» كما كان في المسودة جعل الإدانه تنتقل أتوماتيكياً الى صنعاء بدلاً من الذهاب الى طهران, ليس فيما يخص السلاح وإنما المال أيضاً (هذه عصيدتكم وأنتم متنوها) البحاره يمنيين والسياده إيضاً والمعلومات الأستخبارية أمريكية ومالك السفينة كما هو المستفيد غير معلنين, ومفتاح شفرتيهما عند موسكو قبل واشنطن, اللتان فضلتا تبادل الضرب تحت الحزام عوضاً عن فوقه, وهناك من (الخُبره) في أجهزة صنعاء الأمنية والسياسية من عَلِقَت قناعته: أن القضية الجنوبية إيرانية الهوى وأن الحوثية تستهدف السنية وإن نجاد يحارب السعودية في اليمن, أن, وأن (ويا زعيمة جري صنبوغ), كما يقول المثل العدني . لا يمكن لعاقل أن ينكر أن الوجود الأيراني على الأرض اليمنية وفي مياهه الأقليمية حقيقة واقعة أستدعنها السياسة اليمنية غير الحكيمة, حقيقة تلقفتها توازنات القوى الأقيمية, وحقيقة أستثمرتها المصالح الدولية ودواعي عالم ما بعد القطب الواحد, كما لا يمكن إنكار حقيقة هروب الداخل الى الخارج بحثاً عن حلول لمشاكله, ولا يمكن إنكار حالة الحوَّل المزمن في علاقات اليمن التبعية العمياء, وتواصل كل هذه الحقائق الفاضحة سيؤدي الى إدماج الحاله اليمنية بالسورية وسيتم التعامل معهما في مجلس الأمن ك «باكيج» واحد. كون العوامل الأقليمية والدولية هي ذاتها, وسيتم تفريغ حمولة أي جهد دولي على ظهر فارق معنى كلمة في مسودة او مرادفها في قرار أو بيان يصدر غداً أو بعد غد بشأن الحالة السورية, عذر أقصد اليمنية. وإذا أرادت الحكمة اليمنية درء الوصول الى هذه الوضعية فالفرصة مواتية لهادي لوضع التوقيت الروسي في إعتبار تزمينات الية التنفيذ للمرحلة الأنتقالية خلال زيارته المرتقبه لموسكو في إبريل القادم التي تاتي كفرصة أخيره وفرتها عنوة دعوة الرئيس الروسي فلادمير بوتين, إن أراد تجنب الفيتو الروسي في مجلس الأمن وتجنب تكرار المصير السوري في اليمن .