لكل إنسان صديق يرتبط به، ويفضي إليه بأسراره، ويستعين برأيه في حل كل ما يواجهه من مشاكل، فكيف للشاب الذي يسعى ليرتبط بعلاقات صداقة أن يختار صديقاً يقوده إلى طريق السلامة، ولا يأخذه إلى سكة الضياع؟ وهل تختلف معايير الصداقة من الشاب إلى الفتاة؟ وهل لو وضعت معايير يمكن للشباب أن يتبعوها؟ وهل نحن قادرون على تغيير سلوك الناس؟كل ذلك نناقشه مع الشباب في هذا التحقيق . يقول أحمد عبد الله "طالب" إنه عندما يختار صديقاً له فإنه يركز في البداية على معرفة كل شئ عنه، ومتابعة تصرفاته وانفعالاته، إضافة إلى الشعور بأنه يحمل له درجة حب كبيرة، مشيراً إلى أنه مرتبط بأصدقائه ويقص عليهم أمور حياته ولا يتدخل أحد من أفراد أسرته في اختياره لأصدقائه . صديقه أحمد راشد "طالب" يختار الشخص الذي يتمتع بأخلاق عالية ويرتاح إليه ويوضح أن له أصدقاء منذ المرحلة الابتدائية وأن أهم صديق له في الحياة "أحمد" الذي تربطه به درجة عالية من التفاهم، كما أن مستوياتهما الاجتماعية متقاربة، مؤكداً أنه صديقه وكاتم أسراره ولايمكن أن يبوح بها . ويؤكد حمد المري "طالب" أنه من الصعب معرفة الشخص من أول لقاء لا تتعدى كلماته الترحيب والتعارف الذي قد يكون غير مبني على الصدق خصوصاً أنهم كشباب يتجملون وهو ما يرفضه تماماً . وأوضح أنه من خلال لقاءات متعددة يمكن معرفة تفاصيل عديدة عن الشخص وهي النقطة التي ينطلق من خلالها إلى اتخاذ قرار الصداقة، مشيراً إلى أن اللقاء الأول أحياناً يكون دافعاً إلى الحكم على الشخص من خلال كلمة، وهي التي تكون المفصل في قرار التقرب أو الابتعاد عن هذا الشخص . ونوه إلى أنه يسمع من والده بصورة شبه يومية نصائح عديدة أهمها ضرورة الحصافة في الاكتشاف المبكر لأصدقاء السوء الذين لا هَم لهم سوى إفساد الحياة، لافتاً إلى أنه في حالة وضع معايير للشباب في اختيار الأصدقاء لا يستطيع التأكيد على أنه سوف يقبل أو يرفض لكنه يعتقد أن هذه الأمور خاصة جداً ولايمكن لأحد التدخل فيها . ويشير علي المهيرى "طالب" إلى رفضه لأي شخص يعرفه ويتدخل في حياته، أو يتلصص عليه، مؤكداً أنه يعتبر ذلك من علامات صديق السوء ويرفضه على الفور لأنه سوف يحول حياته بعد ذلك إلى جحيم لا يطاق . الفرق كبير تشير عيشة الشحري، طالبة إعلام، إلى أن الصداقة بين الفتيات تختلف تماماً عنها بين الشباب، خصوصاً أن دائرة الفتيات لا تبعد عن نطاق بنات الأسرة والأقارب ومن النادر أن تمتد إلى خارجه، لذلك تبقى الخصوصية هي أهم ما يربطهن خصوصاً بين الزميلات في الدراسة أو العمل . وتختلف نورا الشامسي "طالبة" مع كلام زميلتها مؤكدة أن الأمر لا يختلف كثيراً بين البنات عن الشباب، لأن الصداقة واحدة يحكمها الاحترام والإخلاص والأخلاق والحب المتبادل بين الطرفين، مشيرة إلى أن لها شروطاً في الصداقة مع البنات منها توافق الفتاة التي ستصادقها مع ميولها الفكرية والثقافية . ولا يشذ عبد الله أبو عيدة "طالب" عن هذا الكلام لكنه يؤكد أنه يعمل بالقول المتعارف عليه، الرفيق قبل الطريق، وهذا يدل على أن الإنسان قبل أن يختار طريقه الذي سيتجه إليه لابد أن يختار أولاً صديقه الذي سيرافقه، موضحاً أنه اختار صديقه حسب ميوله وأهدافه وطموحاته . مسؤولية يرفض مجدي عبد الجليل "طالب"، وضع معايير للشباب يسيرون عليها في اختيار الصديق حتى ولو كانت من قبل الأسرة، معتبراً ذلك تدخلاً في حياتهم الخاصة وإشعارهم بأنهم مازالوا أطفالاً ما يؤدى في النهاية إلى إبعادهم عن الواقع وتغريبهم ويبدون في حالة عجز تام عن فرز صديق السوء من الصديق الحسن . ويشير إلى أنه من الأفضل أن يختار الشاب صديقه حتى يكون أهلاً لتحمل المسؤولية التي تترتب على هذا الاختيار . ويرى عمر عبد الرزاق الحمادي "طالب" المواقف والتصرفات والأفعال والأنانية وعدم المبالاة أهم عوامل التأسيس للصداقة، لكن ملامح أصدقاء السوء مجرد شعور موجود في داخله ينبه في وقت محدد إلى أن هذا الشخص لا يستحق حتى مجرد المعرفة وهو ما حدث معه كثيراً . وبعيداً عن كل تلك الأطروحات، يرى مروان الزرعوني "طالب" أن الهدوء وعدم التعجل في الرد أهم علامات الصديق الذي سوف يقوده إلى بر الأمان لأنه إن توافرت فيه تلك الميزتان فانه يمتلك الحكمة، ولا يكون هذا الأمر من أول لقاء لكن من خلال لقاءات متعددة ومن خلال الاستمرار في التعامل . وهو ما حدث معه بالمدرسة وأصبح له صديق يخاف عليه ويبثه شجونه وأحلامه . ويختلف محمد أمير "طالب" مصراً على أنه يعرف صديق السوء من طريقة كلامه فقط لأنها تعبر عن مكنونه النفسي الذي يريد تحقيقه لذلك يكون تعبيره مشابهاً له . نتائج واتجاهات طرحنا ما قاله الشباب على د . هاشم سرحان، المختص في علم الاجتماع والدراسات الاجتماعية، فقال: إن اختيار الصديق والتعامل معه تترتب عليها نتائج عدة أهمها ما يتعلق بسلوك الفرد وقيمه واتجاهاته نحو الأسرة والمجتمع لذلك من الضروري أن يختار الشاب صديقه على أن يكون متوافقاً معه في قيمه وميوله والمستوى الاجتماعي والاقتصادي حتى يكون هناك تجانس بينهما ينعكس على السلوك والعلاقات الاجتماعية، مدللاً على ذلك بأنه إذا شعر الشاب بأن زميله يحرضه على السلوك غير السوي، أو الفساد فعليه أن يبتعد عنه . ولفت إلى ضرورة أن تقوم الصداقة بين الشباب المتقاربين في التربية الأسرية والقيم الفاضلة والأخلاق الحميدة لتجنب أصدقاء السوء الذين يجرفون أصدقاءهم إلى الانحراف وتعاطي المخدرات . الثقافة الأمنية الرائد محمد المهيرى، رئيس قسم التوعية بالجريمة بإدارة التوعية الأمنية في شرطة دبي، يشير إلى حملة "لا لصديق السوء"، موضحاً أنها تستهدف الأبناء من خلال تأصيل الثقافة الأمنية لديهم عن طريق الفعاليات والمحاضرات والأنشطة التي تنفذ، لكن ذلك لا يحقق الهدف إلا بتكاتف الأسرة وعلى رأسها الأب والأم، والمدرسة، والشرطة . ولفت إلى قدرتهم على تغيير سلوك الفئة التي تستهدفها الحملة التي أطلقتها شرطة دبي، إلى الأفضل، لأن الهدف هو الدفع إلى اختيار الصحبة الفاضلة .