GMT 0:00 2013 الأربعاء 20 فبراير GMT 1:17 2013 الأربعاء 20 فبراير :آخر تحديث مواضيع ذات صلة يوسف عبدا لله مكي الحديث مجددا بالقاهرة، عن تفعيل دور منظمة التحرير، سيبقى عدميا، إن لم يتم الاتفاق على برنامج سياسي فلسطيني، تقبل به كل المنظمات والهيئات الفلسطينية. وذلك ما لا يلوح في الأفق لا جدال في أن وحدة الفلسطينيين، واتفاقهم على برنامج سياسي موحد، هما الطريق الأقصر، لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني في التحرر من ربقة الاحتلال الصهيوني. ولا جدال أيضا، في أن الفلسطينيين، دفعوا ولا يزالون، أثمانا باهظة جراء حالة الانقسام التي سادت بالأراضي الفلسطينية، كانت نتيجتها شلالات من الدم والقهر والذل. لقد أهدرت جهود كبيرة، لترتيب البيت الفلسطيني، كان الأجدر أن توجه نحو هدف تحرير الأرض، وتحقيق الاستقلال من العدو الغاصب. الحديث عن المصالحة هذه المرة، لا يختلف عن سابقاته، إلا بتغييرات طفيفة، في ميزان القوة بين طرفي الصراع، والمعني تحديدا حركة فتح التي تقود السلطة بالضفة الغربية، بزعامة الرئيس "أبو مازن" وحركة حماس ممثلة في الحكومة المقالة برئاسة السيد إسماعيل هنية، التي تقود السلطة في قطاع غزة. هذه التغيرات لا تضيف كثيرا لتحسين مناخات المصالحة، رغم جو التفاؤل بالأوساط الفلسطينية، باقتراب نهاية حالة الانقسام، نتيجة للقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني، أبو مازن مع خالد مشعل رئيس حركة حماس، بالعاصمة المصرية، القاهرة، وإنجاز ما أصبح متعارفا عليه ب"عملية المصالحة". تكرر كثيرا هذه المرة أن أطراف الصراع الفلسطينية، ستتوصل لاتفاق على جدول زمني لاستكمال بحث مسألة إقرار انتخابات المجلس الوطني، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي تآكل دوره السياسي، ولم يعد صانعا للقرار الفلسطيني، منذ قيام السلطة الفلسطينية، إثر اتفاق أوسلو المعروف، باتفاق غزة- أريحا بين المنظمة والحكومة الصهيونية عام 1993. وقيل أيضا، في سياق مناخات التفاؤل، إن طرفي الصراع الفلسطيني، سيتفقان على حكومة تصالحية. وأكثر من ذلك، قيل إن تشكيل الحكومة سوف يعلن مع بداية مارس، الذي لم تتبق عليه سوى أيام قليلة. وجرى الحديث أيضا عن تفعيل لجنة الحريات والمصالحة المجتمعية. وذكر أيضا، أن اجتماع مشعل وأبو مازن سيحسم ما هو مدرج على جدول أعماله. وانتهى الاجتماع، وتبخرت الآمال التي راودت المتفائلين، بقرب التوصل لحل ينهي الانقسام بين الشطرين. ولم تحسم ولا مسألة واحدة مما زخر به جدول الاجتماع. والمثير للتساؤل، بالنسبة لنا هو ما ورد حول انتخابات المجلس الوطني، مع معرفة الجميع أن لا علاقة لحماس بهذا المجلس، حيث لم تكن هذه الحركة تاريخيا، ومنذ تأسيسها عضوا بمنظمة التحرير، وبالتالي ليس لها علاقة البتة بالمجلس الوطني، المظلة التي تنضوي تحت سقفها معظم حركات المقاومة الفلسطينية. ومثير للتساؤل مرة أخرى، أسباب استحضار هذا المجلس الذي اختفى عن الواجهة في العقدين الأخيرين، ولم يكن له دور سوى التصديق على قرارات التنازل، التي تبرمها السلطة مع الكيان الغاصب، وتسجيل الناخبين، عند كل دورة انتخابية. في هذا السياق يربط المتشائمون من الفلسطينيين، بإمكانية التوصل إلى حل سياسي ينهي الانقسام الفلسطيني بين مصطلحين "عملية التسوية" و"عملية المصالحة". المصطلح الأول، يخص التوصل إلى حل سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد مضت على إطلاقه قرابة أربعة عقود، دون تقدم يذكر. وبدأ استخدام هذا المصطلح، قرابة أربعة عقود، منذ قرار منظمة التحرير الفلسطينية، التخلي عن الكفاح المسلح واعتماد الحل السياسي، بالطرق السلمية، سبيلا لقيام الدولة المستقلة. وكان معنى ذلك التخلي عن 80% من الأراضي الفلسطينية، وقد تآكلت العشرون في المائة، بفعل استمرار العدو في بناء المستوطنات الصهيونية، والمعابر والجدران العازلة. مصطلح "عملية المصالحة"، هو الآخر انتهى إلى ما انتهت إليه "عملية التسوية"، من حيث إن المفاوضات الماراثونية، التي استمرت برعاية مصرية منذ عهد الرئيس السابق، حسني مبارك بإشراف اللواء عمر سليمان حتى يومنا هذا، لم تفض إلى تقدم يستحق الذكر. والنتيجة المنطقية، أن الانقسام الفلسطيني، سوف يتواصل ما لم تتغير موازين القوة بشكل دراماتيكي، بين المتصارعين، بما يجبر أحدهما على التنازل لصالح الوحدة. سوف تتواصل الاجتماعات بما يخدم تكتيكات وسياسات الأطراف المتصارعة، ويعزز مواقعها في العملية الصراعية. موازين القوة في هذه اللحظة بين حركتي فتح وحماس، لا تشير إلى تغير يستحق الذكر في صالح أحدهما على حساب الآخر. فالرئيس الفلسطيني أبو مازن، يملك ورقة الاعتراف الأممي بعضوية دولة فلسطين، غير المكتملة بهيئة الأممالمتحدة. وهو إنجاز يعني اعتراف العالم، بدولة فلسطينية مستقلة، وإن لم تنل اعتراف المحتل الاسرائيلي. ويملك أيضا، أنه الرئيس المعترف بمشروعية موقعه على الساحة الدولية. وهو أيضا الرئيس الذي يحظى موقفه بتأييد معظم الأنظمة العربية. وخطه السياسي، الذي يعتمد على التسوية السلمية، هو ما يتسق مع ما أصبح متعارفا عليه بالشرعية الدولية. وهو الرئيس المنتخب زعيما لحركة فتح ولمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيسا للسلطة. أما حركة حماس، فإن أوراقها القوية، تتمثل في انتصارها العسكري الأخير، على العدو الإسرائيلي. وتتمثل أيضا في العمق الاستراتيجي الذي حصلت عليه، بوصول الإخوان المسلمين، الذين تشكل أحد أفرعهم، للسلطة في مصر، إثر فوزهم برئاسة الجمهورية، ومن قبل ذلك بأغلبية الأصوات في المجلس النيابي المنحل. لكن أوراق الطرفين، تحملهما أعباء إضافية، تنال من حصة كل منهما. ومن وجهة نظرنا، فإن الاتفاق على حل عملي لأزمة الانقسام، شرطه اللازم الاتفاق على برنامج سياسي مرحلي يقبل به الجميع، برنامج يؤمن تحقيق الحد الأدنى من الحقوق الوطنية. وبرنامج كهذا، ينبغي ألا يستبعد من أجنداته، مختلف السبل التي تؤدي لإنجاز حق الفلسطينيين في التحرر والانعتاق، بما في ذلك حق المقاومة المسلحة، الذي كفلته الشرائع السماوية والقوانين الوضعية على السواء. وقد غيب طرح هذا البرنامج، في جل المفاوضات التي جرت بالقاهرة بين الأطراف الفلسطينية. الحديث مجددا بالقاهرة، عن تفعيل دور منظمة التحرير، سيبقى عدميا، إن لم يتم الاتفاق على برنامج سياسي فلسطيني، تقبل به كل المنظمات والهيئات الفلسطينية. وذلك ما لا يلوح في الأفق حتى هذه اللحظة، بل إنه لم يطرح جديا على طاولة الاجتماعات. فهل ستتغير المعادلة قريبا بما يخدم الاتفاق على برنامج سياسي موحد؟!