330 ثلاثة جنود كانوا يتصرفون بغرابة استفزت العائلات التي كانت على الشاطئ للنزهة، ثم توجهوا لمضايقة فتاتين صغيرتين. ناظم شعر بالاستياء واقترب منهم محاولا التحدث إليهم بلياقة لكنهم انهالوا عليه بالشتائم والإهانات ثم اعتدوا عليه بالضرب. الحادثة استفزت المواطنين في عدن وتحول منزل ناظم إلى مزار للتضامن معه وأقسام الشرطة ترفض التخاطب مع المسؤولين عن الجناة. عدن – مشعل الخبجي: في التاسعة والنصف من مساء الجمعة الماضي كان ناظم يجلس إلى جوار أحد زملائه على متن سيارتهم في ساحل جولد مور في التواهي. لم يكن يعلم أنه على موعد مع اعتداء وحشي من قبل حراسة الرجل الأول المسؤول عن أمن المحافظة وسلامة مواطنيها في محافظة عدن. بينما كان ناظم ناشر سيف جالسا على الشاطئ الذهبي (جولد مور) بالتواهي تفاجأ شأنه شأن الكثير من مرتادي الشاطئ، بمرور ثلاثة أشخاص يتصرفون بطريقة لا تليق بالآداب والأخلاق العامة ويطلقون عبارات وأصوات غريبة وبالقرب من كثير من النساء والأطفال حيث تعتاد كثير من الأسر العدنية وبسطاء الناس ارتياد الشاطئ يومي الخميس والجمعة هروبا من متاعب الحياة وهمومها. أحدهم كان يرتدي قميصا وبنطلونا فيما الآخران يرتديان ثوبين. شوهدوا وهم يقتربون كثيرا وبغرابة من ثلاث فتيات قد لا تتجاوز أعمارهن 15 عاما. المشهد استفز الشاب ناظم سيف فقرر التوجه إليهم للحديث. وبلياقة شاب متمدن طلب منهم وضع اعتبار لكثير من العائلات والأطفال المتواجدين بالقرب منهم على الشاطئ إلا أن رد الثلاثة الذين اتضح فيما بعد أنهم جنود يتبعون قوات الأمن المركزي وأفراد حراسة للمحافظ رشيد كان صادما للجميع. لقد انهال ثلاثتهم بالشتيمة والألفاظ المهينة والخادشة للحياء سمعها معظم المتواجدين في المكان، ومما قالوه لناظم: "من عائلته محترمة لا يحضرها إلى هذا المكان...". والواقع أن المكان الذي يتحدث عنه جنود الأمن المركزي ليس أكثر من شاطئ عام يرتاده جميع الناس لكنه ليس كذلك في مخيلة جنود الأمن المركزي إطلاقا. بعد توجيه الشتائم لناظم انهالوا عليه بالضرب وأخرج أحدهم "جنبيته" محاولا غرزها في ظهر ناظم، تنبه ناظم بسرعة لا إرادية متصديا لطعنة الجنبية بيده العارية. وفيما كان يحاول الدفاع عن نفسه من طعنات أخرى متتابعة من جنبية جندي الأمن المركزي متحاشيا إصابته في مناطق خطيرة من جسده التقط الآخر قنينة زجاجية وحطمها برأس ناظم من الخلف أيضا. وحينما تدخل الناس مستنكرين ما يتعرض له الفتى وحيدا من اعتداء همجي كان 3 جنود آخرين قد وصلوا على متن طقم عسكري كان يقف قريبا من مكان الاعتداء وتحديدا أمام بوابة منزل محافظ عدن وحيد علي رشيد الذي يفصله عن الشاطئ مسافة قصيرة. وهؤلاء لم يهبوا لوقف الاعتداء الذي يمارسه زملاؤهم ضد ناظم بقدر ما كان عبارة عن تعزيز إضافي ضد الشاب. فور وصول الجنود الإضافيين باشروا إطلاق النار في الهواء لتفريق الناس الذين تجمهروا لإيقاف الاعتداء عن ناظم. حتى جاء بعدها بقليل قدم من منزل المحافظ رشيد ضابط اتضح فيما بعد أنه قائد حراسته وأمر جنوده بدم بارد بوقف الاعتداء على ناظم. وحتى لا يظل شاهدا واحدا على جريمتهم قاموا بأمر جميع الناس من مرتادي الشاطئ الذين كانوا في موقع الاعتداء التوجه إلى منازلهم فورا. لكن رفض الناس واستنكارهم للجريمة دفع اثنين منهم، شهدوا الجريمة، للتوجه طواعية إلى أقرب قسم شرطة (شرطة التواهي) والإبلاغ عن حادثة الاعتداء، لكن الشرطة لم تأت رغم الابلاغ. وفيما رفض ناظم مغادرة مكان الاعتداء، طالب بالمقابل من قائد حراسة رشيد أن ينقله إلى أقرب مستشفى لتطبيب جراحه ووقف النزيف. غير أن قائد حرس المحافظ رشيد، يدعى عبد الخالق، رفض تلبية طلب الشاب. بالتأكيد خشي الرجل في حال نقل ناظم إلى المستشفى أن يكون بمثابة دليل على جريمة جنوده وهو ذات السبب الذي دفعهم لأمر الجميع بمغادرة الموقع على الرغم أنه موقع عام لا يحق لأي شخص على وجه الأرض أن يطلب من الناس مغادرته. حاول "عبد الخالق" خلالها التودد لناظم محاولا إقناعه باحتواء الأمر وديا واستعداده لأي حلول يطلبها ناظم الشاب الذي كان لا يزال ينزف. رفض ناظم التحرك من مكانه "حتى يشاهد الجميع ما يرتكبه حراس الرجل الأول المسؤول عن أمن الناس واستقرارهم"، قال ناظم ويقصد محافظ عدن (رشيد). بعد مغادرة الجنود وقائدهم، غادر ناظم رفقة أحد زملائه "وشوهدوا وهم يدخلون بوابة منزل رشيد وكأن شيئا لم يحدث". توجه ناظم وزميله إلى المستشفى الأقرب (مستشفى با صهيب العسكري) الذي رفض استقباله مطالبا بإجراءات روتينية سخيفة، وأثناء توجهه إلى مستشفى آخر قرر تقديم بلاغ في شرطة التواهي، هي الأخرى طلبت منه التوجه إلى شرطة القلوعه تحت مبرر أن مكان الاعتداء ليس ضمن نطاق صلاحياتها. وفي شرطة القلوعة أخبروه أنهم أيضا تلقوا بلاغا من مواطنين عن الاعتداء وظنوا ان المشكلة مرتبطة بشباب "محببين" حسب التعبير الشعبي الشائع أي يتعاطون حبوب مخدرة، وكأن الشرطة لا تعنيها الجرائم المرتبطة بالمحببين. كل ما فعله قائد شرطة القلوعة هو أنه وفر سيارة تابعة للشرطة لنقل ناظم إلى مستشفى الجمهورية العام وسيكون ذلك تحت شعوره بالذنب وليس كواجب يفترض تأديته أمام مواطني المحافظة. فقد اعترف الرجل صراحة بعجزه عن فعل شيء لارتباط الجناة بالأمن المركزي الذي لا ينصاع قائده لمطالبات الأمن العام في عديد من الشكاوى التي يقدمها مواطنون ضد جنود الأمن المركزي. وقال: "لا أستطيع فعل شيء لأن حراس المحافظ رشيد تابعين للأمن المركزي". وأضاف قائد شرطة القلوعة حسب ما يرويه ناظم ل"الشارع": "بإمكاني الإبلاغ عن الأمر عبر مدير أمن المحافظه صادق حيد، لكن صدقني لن يفعل شيئا لأن المعتدين تابعين لجهاز الأمن المركزي (الذي يقوده السقاف). وهذه ليس المرة الأولى التي يفعلونها، وعادة يرفض تسليمهم بل يتم التستر عليهم أو نقلهم إلى أماكن أخرى ليقال بعدها إنهم هربوا واختفوا". الأمر هنا يكشف حقيقة الفارق الكبير بين أنواع السلطات التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية المختلفة وحسب نوعية الجهة التي تقف خلفها وتستمد منها جرأتها في البطش بالناس بعيدا عن متناول العدالة والمحاسبة. كما هو الحال بالنسبة لجنود الأمن المركزي الذين اعتدوا على ناظم وهي ليست المرة الأولى فقبلها بيوم فقط تم تشييع شاب تم دهسه بعربة تابعة للأمن المركزي ورفضوا حتى نقله للمستشفى وتوفي الشاب بعد غيبوبة دامت أسابيع. يتنامى السخط في عدن يوما عن آخر جراء التجاوزات الأمنية التي يرتكبها جنود السقاف والأجهزة الأمنية الأخرى تحت سلطات وحيد علي رشيد. كان آخرها جريمة الاعتداء على ناظم ناشر سيف التي تعبر عن ممارسات التنكيل بالناس من قبل ذات السلطات التي يفترض بها حمايتهم وتوفير الأمن لهم وحتى بحدوده الدنيا. أمر لا يمكن احتماله كما يقول أقارب ناظم والمتضامنون. في هذه الحالة لا يستطيع حزب الإصلاح الحاكم في عدن أن يطلق مبرراته المستهلكة بتحميل المسؤولية لبقايا النظام أو بلاطجة الحراك المسلح، فالمعتدون كانوا أفراد حراسة المحافظ. لا يطالب ناظم وكثير من المتضامنين معه خلال اليومين الماضيين بغير العدالة فقط، وعلى رشيد تسليم حراسه الجناة للعدالة. خلال اليومين الماضيين، تحول منزل أسرة ناظم إلى مزار لأفراد وفئات مختلفة ومتنوعة من أبناء محافظة عدن للتضامن معه وأسرته إزاء ما تعرض له. وبالأمس كان الكاتب العدني المعروف نجيب يابلي أحد الشخصيات التي زارت ناظم وأسرته المعروفة على نطاق واسع في محافظة عدن. فوالد ناظم هو واحد من أوائل محترفي التصوير الفوتوغرافي على مستوى الجنوب وكان المصور الشخصي للرئيس الراحل سالم ربيع علي (سالمين) ومؤسس أول استيديو تصوير في محافظة أبين قبل عدة عقود من الآن. شقيق ناظم الأكبر هو أحد أشهر وأبرز الرياضيين المعروفين في عموم محافظات ومناطق الجنوب. وهو لاعب التلال والمنتخب الوطني السابق (جمال ناشر) وهو اسم أشهر من نار على علم، ليس بالنسبة لمحبي ومتابعي الرياضة فحسب بل لجميع شرائح وفئات الناس. "لا يملك الناس في هذه المحافظة غير مواساة بعضهم"، قالها بحرقه أحد أصدقاء ناظم سيف ويدعى عبد الفتاح وبدا متأثرا بالحادثة. وأضاف قائلا: "لكن صبرهم لن يطول". صحيفة الشارع