جون كيري لا يعارض دعم المعارضة السورية.. وفشل الجهود الدبلوماسية ستعيد احياء خطة كلينتون بترايوسلندن 'القدس العربي': على الحدود السورية اللبنانية توتر وتعبئة يقوم بها حزب الله. والجيش الحر يهدد بتوسيع الحرب ونقلها للبنان، ووزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ يعد بتدريب الفي جندي لبناني والمساعدة على تحقيق الاستقرار في البلاد وتوفير معدات لم يقدم المسؤولون اي تفاصيل عنها. ولبنان الذي لا تنفصل السياسة فيه عن سورية ليس بعيدا عن الانفجارات التي ضربت قلب العاصمة دمشق، حيث تنقل المعركة بين النظام والمعارضة الى مستوى جديد، فلم تعد العاصمة حصن النظام آمنة من الحرب. فقد جاءت اليها الآن على شكل تفجيرات كبيرة بعد توقف دفع الحملات التي يقوم بها الجيش الحر للاستيلاء عليها. وفي الفوضى التي تخلفها الحرب والنقاشات بين المعارضة حول التفاوض مع الحكومة، فالانفجارات جاءت في وقت جيد للنظام كي يرفض او يتشدد في مطالبه. بانتظار كيري كل هذا يجري وسط ترقب لما سينتج عن زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري المرتقبة للمنطقة والتي يجب ان يكون موضوعها سورية، والبحث عن حلول لها، وليس كما قال او قيل انه جاء للبحث عن افكار والاستماع. على الاقل هذا هو موقف صحيفة 'اندبندنت' البريطانية التي قالت ان سلسلة التفجيرات في دمشق يجب ان تؤكد اولويات جون كيري والذي سيصل الاثنين المقبل في بداية جولة له تشمل تسع دول اوروبية ومنطقة الشرق الاوسط. فزيارة جون كيري ولقاءاته مع مسؤولي هذه الدول هي الاولى له كوزير خارجية ولكنه يعرف من سيلقاهم ولا داعي لتقديمه اليهم او العكس. والزيارة كما تقول الصحيفة لن تكون بالضرورة للتعارف والموضوع السوري سيكون على قائمة اجندة المحادثات. فهل نتوقع شيئا او تغيرا في الموقف الامريكي؟ تجيب الصحيفة ان جون كيري يأتي بخبرة 28 عاما في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الامريكي وكان مرشحا سابقا في الانتخابات الرئاسية الامريكية (2004) خسرها امام جورج بوش الابن، واصبحت مهمته في ظل ادارة اوباما الاولى حل المشاكل وسفيرا لمناطق النزاع في الباكستان وافغانستان والسودان ومن هنا فهو يأتي للخارجية محملا بخبرة وروح جديدة تختلف عن سابقيه. فوزارة الخارجية هي المنصب الذي رغب دائما بتوليه وهو الرجل الانسب لها. ولكن وصول كيري الى الخارجية جاء وسط تكهنات حول مستقبل وزيرة الخارجية السابقة هيلاي كلينتون السياسي ولهذا دخل كيري الوزارة بهدوء ولم يلق اي خطاب او تصريح كبير له منذ توليه المنصب قبل 3 اسابيع سوى التأكيد على اهمية الحفاظ على مشاريع الدعم الامريكية على الرغم من خطط تخفيضها. سفير للرئيس وسيكون كيري في منصبه الجديد مثلما كانت كلينتون 'مسوقا' لقرارات البيت الابيض لان السياسة الخارجية يتم تشكيلها الان وتقرر وجهتهتها في داخل البيت الابيض. ومع ذلك فاختياراته تعطي فكرة عن ميوله واهتماماته. فتفضيله الحوار والقوة الناعمة على استخدام القوة العسكرية نابعة من تجربته كجندي في حرب فيتنام. ومع ذلك فقد دعم زيادة عدد القوات الامريكية في افغانستان والحرب في ليبيا. وعليه فالسؤال المطروح هل ستتغير وجهة السياسة الخارجية الامريكية تجاه سورية؟ الاندبندنت تقول ان كيري سيعمل مثل اوباما على ابعاد بلاده عن التورط في سورية. لكن كيري يقول ان لديه خطة لسورية، ويخطط للقاء المعارضة في العاصمة الايطالية، روما الاسبوع المقبل كما سيلتقي مع سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي الذي باتت بلاده تدير الملف السوري وتحاول جمع المعارضة والنظام للاتفاق على تسوية وكما قال تغيير المعادلة الحالية والتوصل الى حل دبلوماسي بدون ان يظل الاسد في السلطة. وضمن جهوده فسيقابل مسؤولين في مصر ودول الخليج، ومن هنا فقرار اوباما ووزير خارجيته سيكون اما تسليح المعارضة والمخاطرة بصب الزيت على نار الحرب الاهلية المشتعلة وتوسيع حمام الدم او مراقبة نزيف الدم واحتراق البلاد. لا ينكر المراقبون ان اوباما في انتظاره الطويل اوتدخله السريع يعيش معضلة اسمها سورية. فمع ان له الان مطلق الحرية ولا يخشى على مستقبله السياسي وخسارته البيت الابيض الا انه لا يزال مترددا ويبدو كرجل يبحث عن اعذار لتجنب التورط في سورية. واختياراته الاخيرة، اي الخارجية والدفاع وحتى المخابرات (سي اي ايه) تظهر انتصارا للتيار الرافض لدور كبير في الحرب وتسليح المعارضة وبالنظر في التركيبة الجديدة للادارة فان تغيرا في الموقف الامريكي من سورية ليس قريبا، خاصة ان الذين دعموا تسليح المعارضة وبرنامج ديفيد بترايوس، مدير الاستخبارات المستقيل هم خارج السلطة، اي كلينتون، وليو بانيتا وزير الدفاع. وقد لقيت الخطة التي قدمت صيف العام الماضي معارضة من مستشار الامن القومي توماس دونيلون ونائب الرئيس جوزيف بايدن، واللذين قرر اوباما اخذ رأيهما. وكما اشرنا فاوباما نفسه اليوم وبعد ثلاثة اشهر من انتخابه ليس متأكدا من الطريق الذي يجب ان يسلكه لسورية، فحديثه لمجلة 'نيوريبابلك' يظهر هذا فهو وازن بين عشرات الالاف من الذين قتلوا في الكونغو بمثل الذين يقتلون في سورية. ويتساءل محللون في حالة عدم نجاح كيري في مهمته الدبلوماسية، خاصة ان الاسد يعتقد انه قادر على الصمود اكثر من معارضيه او تفكيك بلاده الى كيانات متفرقة. وهنا لا يستبعد المحللون ظهور انقسام جديد داخل الادارة. وعلى خلاف الانقسام السابق الذي حكمته الحملات الانتخابية فقد لا يجد اوباما مفرا هذه المرة من التدخل حالة فشل الحل السياسي. ويقترح مقال كتبه دويل ماكمانوس، في صحيفة 'لوس انجليس تايمز' قبل يومين على الادارة ما قدمه فردريك هوف، الذي كان مسؤول الملف السوري في الخارجية قبل ان يتركها العام الماضي، ويقوم اقتراحه على البحث عن جماعة معتدلة داخل المعارضة السورية المسلحة والوصول اليها سريعا. ونقل ماكمانوس عن هوف قوله ان الدعم قد لا يتطلب من واشنطن ارسال اسلحة، وربما وجدت ان هذا الفصيل او الجماعات تحتاج الى امور اخرى من مثل المعدات العسكرية والتدريب والمشاركة في المعلومات الامنية. ويرى هوف ان واشنطن بحاجة لاقامة علاقة وثيقة مع من سيصلون للسلطة وعدم السماح للقوى المتطرفة الاستئثار بها. ويعتقد هوف ان بناء علاقة جيدة مع الجماعات المعتدلة في المعارضة المسلحة هو خيار لا يحمل الكثير من المخاطر. وفي الوقت الذي لا يتوقع ان يقوم تشاك هاغل وزير الدفاع الذي عارض افغانستان. وهنا يشير الى وجه اخر من دبلوماسية كيري الذي لا يمانع دعم المعارضة وان اقتضى الامر تسليحها. والكاتب يحيلنا هنا على مقابلة اجرتها مجلة 'فورين بوليسي' مع كيري في ايار (مايو) العام الماضي والتي قال فيها ان الدعم الامريكي للمعارضة يجب ان يزيد ولم يستبعد ان يشمل هذا 'تدريبات عسكرية' و'ان كان بامكاننا تعزيز الوحدة داخل المعارضة فعندها سنفكر بالاسلحة القتالية' الفتاكة. مؤكدا على اهمية تغيير الدينامية للازمة اي ترجيح كفة على اخرى. وبناء عليه فتوجه الادارة نحو سورية يلخصه الكاتب بالتالي: سيقوم كيري بجولته، ويدعو الاسد للتفاوض ويناشد روسيا وقف دعمها له، ولن تثمر هذه الدعوات ثمارها. وعندها سيعود كيري للبيت الابيض ويقول للرئيس ان الوقت قد حان لاحياء مبادرة كلينتون بترايوس لتسليح المعارضة. وسيجد اوباما نفسه مرة اخرى في مأزق، لكن في الوضع الحالي لن يخشى على مستقبله السياسي بل خشيته ستكون من الحرب السورية التي تنتقل عدواها الى الدول الجارة. وفي هذا الوضع سيجد اوباما صعوبة في الرفض. ومع ذلك فمعضلته لن تنتهي فموافقته على التدخل ستضعه امام استحقاق لتوضيح اسباب انتظاره وتردده في دعم المعارضة ولمدة سبعة اشهر، حيث ازداد الوضع سوءا ومات سوريون كثر. الرجل في موضوع مختلف، لفت ظهور رجل سوري في التقارير الاعلامية للتلفاز الرسمي انتباه المراقبين للتغطية الرسمية للتفجيرات التي تحدث في العاصمة، ففي العادة يخرج رجل اصبح مظهره عاديا من بين حشد من الناس ويبدأ بالصراخ ويقول 'نحن الشعب السوري' ويلقي اللوم على جبهة النصرة والجماعات التفكيرية، والارهابيين الوهابيين السعوديين الذين تسلحوا وتدربوا في تركيا. ولان وجه الرجل بات مألوفا فقد سجل المراقبون له 18 ظهورا، حيث ظهر في مشهد التفجير الذي استهدف مقر حزب البعث يوم الخميس، وظهر وهو يشير الى ان التفجير استهدف مواقع مدنية، مسجد ومدرسة ابتدائية وبيوت لمدنيين. وفي ظهوره فهو يؤكد الرواية الرسمية عن 'الارهابيين'. ولاحظت مدونة 'ليد' في صحيفة 'نيويورك تايمز' ان الرجل ظهر في يوم واحد مرتين في تقريرين عن التظاهرات المؤيدة للنظام في دمشق. وقام ناشطون بجمع لقطات للرجل من 18 تقريرا ووضعها على الانترنت من اجل السخرية من النظام واعلامه الذي يقوم بتدوير او اعادة انتاج نفس الصور. واشار شريط اخر وضع على 'اليوتيوب' قبل 13 الى ان الرجل ظهر في خلفية تقريرين للبي بي سي، وهو بالزي العسكري. واشارت الصحيفة الى نفس الظاهرة في ايران بعد التظاهرات التي اندلعت احتجاجا على تزوير الانتخابات عام 2009، حيث ظهر رجل متحمس ومؤيد للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد. وتذكر الصحيفة بما نشرته صحيفة 'الغارديان' العام الماضي من رسائل الكترونية متبادلة للاسد ومساعديه سربتها المعارضة، ومنها رسالة من نصيحة من مدير مكتب التلفزيون الايراني في دمشق، حيث اشتكى الصحافي من عدم استماع المسؤولين لنصائح ايران وحزب الله حول الطريقة التي يجب التعامل فيها مع التفجيرات ومن يتحمل مسؤوليتها، فليس من مصلحة النظام القاء التهمة على القاعدة في كل تفجير لان تصريحات كهذه تعفي الادارة الامريكية والمعارضة من المسؤولية.