منذ استقلال عام 1967م لم تنكب مدينة عدن بمحافظ يتولى أمرها كجال نكبتها اليوم .. لم تكن يوما تسير أمورها عبر محافظ ومحافظ ظل .. وحتى اسوأ المحافظين السابقين تعصبا لأحزابهم كانوا يضعون في الاعتبار أنهم محافظين لعدن لا محافظين لأحزابهم . رغم صدور قرار جمهوري في مارس الماضي بتعيين وحيد علي رشيد محافظاً لعدن إلا أن الرجل لم ينسى أبداً أنه لا يزال عضوا في المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح بعدن وأن لهذا الحزب رئيس مسؤول عليه في عدن ولهذا فإنه لا يتصرف كمحافظ لعدن بقدر تصرفه كمحافظ لحزب الإصلاح . أخرج وحيد رشيد كامل الترسانة العسكرية في عدن يوم الخميس الماضي لمجابهة تظاهرة سلمية كان جميع أفرادها من العزل المعترضين على تزوير ارادتهم واستقدام جماهير حزب الاصلاح من الشمال للاحتفال في ساحة العروض بعدن التي اعتاد الحراك الجنوبي على اقامة مليونياته فيها ، انتشرت العربات والمجنزرات منذ الصباح الباكر وراح الجيش يضرب بمضاد الطيران ويوجه الرصاص الحي الى صدور العزل من أنصار الحراك الجنوبي في رسالة أراد من خلالها محافظ حزب الاصلاح في عدن تكرار مشهد تعميد الوحدة بالدم وأعاد الى الواجهة تحالف حرب صيف 1994 المشؤومة .. ثم زعموا أن الحراك كان مسلحا وهم يعرفون أنه لم يسقط جريح واحد من متظاهري حزب الاصلاح في أحداث الخميس . يعمد وحيد رشيد وقيادات حزب الاصلاح التي تحركه في عدن إلى جر الرئيس هادي إلى معركتهم وعداءهم المستفحل مع الحراك الجنوبي ويسعون جاهدين الى الوقيعة بينه وبين الحراك ، حتى أنهم صوروا اعتراض الحراك الجنوبي على مهزلة حزب الاصلاح في ساحة العروض بأنها رفض للحراك على الاحتفال بيوم تنصيب الرئيس هادي .. في حين أنه ليست بين الحراك الجنوبي والرئيس هادي مشكلة شخصية كما أن الحراك ليس ضد هادي بقدر ما هو ضد شرعنة بقاءه في هذه الحالة السياسية المزرية وضد تزوير ارادته عبر استجلاب آلاف الوافدين من الشمال للتحدث باسمه وتقديمهم للعالم على أنهم جنوبيين مؤيدين للوحدة في أسوأ تضليل اعلامي يستهدف القضية الجنوبية عبر بعض المراسلين من صنعاء والذين تخلوا عن كافة أخلاقيات العمل الصحفي في تعاملهم مع القضية الجنوبية – إلا من رحم الله – حتى أن مراسلا لوسيلة اعلامية عربية مرموقة بصنعاء قال لي : " يلعن أبوها مهنية إذا كانت ستؤدي إلى فصل الجنوب " . خمسة شهداء وما يزيد عن خمسة وأربعين جريحا حصيلة أحداث الخميس الاسود في عدن ، ويوم أمس السبت قتل شخصين وجرح آخرين برصاص ذات القوات في المنصورة وقبله بأشهر في يونيو الماضي كان عشرات الشهداء والجرحى قد قدمهم وحيد رشيد ارضاء لنزوات حزب الاصلاح لدى اقتحامه ساحة الحراك في المنصورة . يحاول حزب الإصلاح ووسائل اعلامه إيهام القارئ وإيهام جماهير الحراك أن الرئيس عبدربه منصور هادي يقف شخصيا خلف الجرائم التي تنفذ في عدن ، كما تحاول إيهام الرئيس هادي بان الحراك الجنوبي يقف ضده ويسعى لعرقلته في حين أن كل الاجراءات التي تتم في عدن تهدف لتمكين حزب الاصلاح في عدن وعرقلة هادي الذي يسعى لانجاح مؤتمر الحوار في حين يقوم حزب الاصلاح عبر محافظهم في عدن بزرع الألغام في طريقه وطريق من رضي بالمشاركة من الجنوبيين بتوتير الأجواء واعتقال النشطاء وعسكرة الحياة المدنية كما يجري حاليا في عدن . يبقى السؤال عن صمت الرئيس هادي عما يجري في عدن والجنوب وهو يدرك بأن الورقة الجنوبية كانت ابرز مؤهلاته لتوافق الفرقاء في صنعاء عليه وترشيحه رئيسا توافقيا وليس من صالحه بتاتا التفريط بهذه الورقة إلا أنه سيسخرها ويخسر تأثيره في الجنوب اذا استمر صمته أكثر على سفك الدماء في عدن .