رجع البرقع، الذي يرتبط بالذاكرة الشعبية، والذي يصارع الحداثة التي يعرفها المجتمع ليبقى متداولا في الأماكن العامة، مع فعاليات مهرجان قصر الحصن، الذي امتد على مدار 9 أيام، وتخللته عدة فعاليات بمناسبة مرور 250 سنة على تأسيسه، إذ منح المهرجان فرصة التعرف على هذا الموروث، من خلال عرضه وارتدائه من قبل السيدات الإماراتيات كبيرات السن، وكذلك إدخاله في جانب تقاليد العرس المحلي من خلال العروس التي ظلت تلبسه طوال فترة المهرجان، وأتاحت للجمهور فرصة التعرف عن قرب على هذا الجانب من التراث المحلي، كما حفزت فضولهم لطرح أسئلة حول أنواعه، وهل هناك فروق بين السيدات والفتيات في وقت ارتدائه. عادة لا تدين تقول الباحثة الدكتورة ريم المتولي، في كتابها «سلطاني - تقاليد متجددة»، والمتخصص في عالم الأزياء التقليدية متتبعة فصول ثباتها وتغيرها، إن ارتداء البرقع عادة ولا يرتبط بالتدين، مؤكدة أنه يصنع من قماش، ويزين عند الأغنياء وخلال المناسبات بالذهب الخالص. وتوضح أن السيدة لا ترفع البرقع إلا خلال الصلاة والحج وملاقاة زوجها، لافتة إلى أن الفتاة في الإمارات إلى عهد قريب كانت مجبرة على ارتدائه بمجرد ظهور علامات البلوغ عليها، وهذه العادة باتت تتراجع نظرا لظروف الحداثة وخروج البنات للدراسة والعمل. وتضيف «البُرْقع هو اسم غطاء الوجه التقليدي للمرأة في الإمارات، والجمع براقع، ويسمى البَطُّولة أيضاً». وحول الأجزاء التي يتكون منها البُرْقع، تقول المتولي إنه يتكون من «خط الحاجب وهو الجزء العلوي من البُرْقع. وكرظة العين وهما فتحتا العينين الموجودتان في البُرْقع. والخدود وهي المنطقة التي تغطي عظمتي الخدين. والكظب وهو جزء صلب يغطي الأنف ويتم تقويته بقطعة أو جبيرة من سعف النخيل. والمساطر ومفردها مسطرة وتعرف أيضاً باسم العْواد ومفردها عود، وهي دعامة رفيعة لينة يتم إدخالها في جانبي البُرْقع لدعم صلابته عند الطرفين ولمنحه شكلاً متماسكاً واضحاً. وكرظة الثم (الفم بالفصحى)، وهي الجزء الأسفل من البُرْقع وتغطي منحنى الفك والفم». وتتوقع الباحثة أن يصبح البُرْقع الإماراتي في المستقبل القريب جزءاً من التقاليد القديمة التي يتم إحياؤها فقط في المناسبات التراثية. وتوضح المتولي أن لبس البرقع واجب على الفتاة في التقاليد وليس تدينا، فبمجرد ظهور أولى علامات البلوغ عليها أن تضعه، مؤكدة أنه يتم رفعه عند الرأس خلال الوضوء ثم يرخى ثانية بعد الانتهاء، ويرفع عند الصلاة، ويرتدى في الأماكن العامة والمناسبات ما عدا أوقات الصلاة والحج، وكذلك عند لقاء السيدة بزوجها وأثناء الأكل والشرب، حيث ترفع المرأة حاشية البرقع عند الشفة السفلى عند خط الوسط الصلب باستخدام إبهام وسبابة يدها اليسرى، وتثبت إبهامها عند حاشية فمها تحت الشفة السفلى لترفع البرقع برأس سبابتها وتستخدم اليد اليمنى لوضع الطعام في فمها، وبعد ذلك تزيح الأصابع لإعادة البرقع إلى الوضع العادي، وتمضغ الطعام وفمها مغطى تماما، أما في أوقات عدم وضع البرقع فتثنيه من الوسط وتلفه في منديل ورقي وتحمله برفق من أعلى القضب لتتأكد من عدم شسفه (عدم كسره). ... المزيد