أشاد العلامة د.يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بموقف الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون إسرائيل. وأشار إلى أن 8 آلاف فلسطيني وعربي يعانون في سجون إسرائيل من سوء العذاب. وطالب العرب والمسلمين والشرفاء والأحرار في العالم بأن يغضبوا لهؤلاء الأسرى الجائعين. وقال: «إنهم إخوتنا ومنا ونحن منهم». وحيا مواقف الأسرى الذين «احتجوا على ظلم إسرائيل وأضربوا عن الطعام». وخص الأسير سامر العيساوي بإشادة خاصة؛ لأنه تخطى المئة الثالثة في الإضراب عن الطعام. وتحدث الشيخ القرضاوي عن قضية المسلمين الأولى «قضية فلسطين». ووصفها بأنها أعدل قضية لأناس أخرجوا من ديارهم دون وجه حق، أخرجهم الصهاينة من ديارهم التي ورثوها من آبائهم، وشردوهم وعاشوا مكانهم. وانتقد ما قامت به إسرائيل من اقتطاع %85 من مقبرة «مأمن الله» في القدس التي تؤوي جثث صحابة وتابعين وعلماء وشعراء وصالحين على مدى العصور. وأشار إلى أن ال%15 الباقية من المقبرة مهددة بالاجتياح لأنها لا تجد من يدافع عنها. واعتبر العدوان على المقبرة جريمة لا يجب السكوت عليها. وأبدى أسفه لسلبية الموقف العربي والإسلامي مما يجري في فلسطين، لافتا إلى أن الأمة مشغولة بما تعانيه في بلادها. وأعرب عن أسفه وحزنه لأن الأمة تمزقت وأصبحت كل منطقة صغيرة فيها دوله، والدول متضاربة المصالح. وقال: إن إسرائيل مازالت تحارب الفلسطينيين وتنتزع أرضهم السكنية والزراعية وتبني عليها المستوطنات لصالح المستوطنين اليهود. وذكر أن الأنبياء يبرؤون من الإسرائيليين ومن طغيانهم وإفسادهم في الأرض وإتيانهم للباطل. وأشار إلى أن إسرائيل لم تكن موجودة قبل عام 1948، وفرضت نفسها بالقوة والسلاح. واستعرض قصة قيام الدولة الصهيونية بدعم إنجليزي وتواطؤ واعتراف دولي أميركي وروسي وأوروبي. وندد بمقولة: «إسرائيل خلقت لتبقي» التي قال بها مؤيدوها. البطش في العراق وعلق الشيخ القرضاوي على ما يعاني منه إخواننا في العراق منتقداً «بطش ومكر المالكي ومن ورائه ومن يؤيدونه» الذين يعاملون الناس كالحيوانات التي لا حقوق لها. وذكر أن هناك ملاييناً من الناس في بلاد الإسلام السُنية لا يراد لهم أن يحيوا الحياة الكريمة. وعلق سريعاً على ما يجري في مصر وما ينتظرها من انتخابات، وقال: لابد أن تجري، لا يجوز أن تُرفض حتى يمكن تحديد ثقة الناس فيمن يريدون أن يحكمهم. ودعا للسوريين بالقوة بعد أن عزموا أمرهم، وأعطتهم الجامعة العربية عضويتها. وقال: إنه لابد للسوريين الشرفاء أن يمكنوا بالسلاح ويؤيدهم العالم بعد حرب سنتين يواجهون فيها الطغاة. ودعا الله عز وجل أن يجمع كلمة الأمة على الهدى والتقى وخير العمل. وقال الشيخ القرضاوي: إنه اعتاد في خطبة الجمعة على أن تكون خطبة إسلامية تعايش وتتناول الأمور التي يسأل الناس عنها ويبحثوا عما يجب أن يعرفوا، مؤكداً أن المسلمين أمة واحدة كما قال الله عز وجل: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ». ونبه إلى أن الآية تشمل كل المؤمنين والمؤمنات في سائر الدول لا في قطر وحدها. الأغنياء الفاسدون وواصل الشيخ القرضاوي حديثه في خطبة الجمعة عن موضوعات القرآن الكريم. وتوقف عند حديث القرآن الكريم عن الأغنياء، وفَرَّق بين الأغنياء الصالحين الطيبين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه مثل سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله والأنبياء الصالحين. وتحدث عن الأغنياء الفاسدين الذين غضب الله عنهم بسبب بعدهم عن الله وإعراضهم عنه. وذكر أن من أشهر الأغنياء في التاريخ الذين أفسدهم المال والنعم قارون، الذي قال القرآن عنه: إنه «كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ» وأصبح يضاف إلى أعداء موسى أمثال فرعون وهامان. وأوضح أن فرعون كان يمثل الملكية المتألهة المتجبرة. وأن هامان كان يمثل الوزارة والحكومة المعاونة للملك المستبد، وتساعده في الشر والبطش بالناس. ولفت إلى أن قارون كان يمثل الرأسمالية التي تأكل المال بالباطل، والمتعاونة مع الحكم المستبد، ولا تعترف بأن المال مال الله وأن الغني مستخلف عليه. مشيراً إلى قول قارون: «إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي»، مدعياً أنه جمع المال بذكائه ودهائه وتخطيطه ناسياً فضل الله تبارك وتعالى. واستعرض موقف الناس من حال قارون، مشيراً إلى أنهم انقسموا إلى فئتين: فئة ضعاف الناس الذين تمنوا ما كان عند قارون من مال كثير وقالوا «يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ». المال والحظ ونبه إلى أمر مهم يتعلق بقضية المال هي أنه ليس كل من لديه مال عنده حظ عظيم، فكم من غني محروم من نعم كثيرة، مثل: الأولاد والصحة والعقل والإيمان، مبيناً: أن المال في حال الحرمان لا قيمة له. وعرض لموقف الفئة الثانية الذين أوتوا العلم والبصيرة والفهم والمعرفة قالوا لمن أصابهم العجب بمال قارون: «وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ». وأكد أن الثراء والمال ليس كل شيء، وأن ثواب الله خير من المال. وأورد قول نبي الله سليمان: «داود عليه السلام تسبيحه في صحيفة مؤمن خير مما أوتي ابن داود». وفسر ذلك بأن ملك سليمان الذي امتد شرقاً وغرباً يزول ويفنى، فيما تبقى التسابيح في ميزان المؤمن غلى يوم القيامة. ونصح الذين ينظرون إلى بهجة الدنيا وحدها زيرون أنها كل شيء، ودعاهم لأن يراجعوا أنفسهم، مبيناً أنهم مخطؤون. وانتهى في قصة قارون إلى أنه احتكر المال لنفسه، واعتبر أن ما أنعم الله به عليه من مال حق له وحده ولا حق لأحد معه، وكانت عاقبته أن خسف الله به وبداره وخزائنه وكنوزه الأرض، ولم ينفعه ماله وثروته التي كان تعجز العصبة من الناس الأولياء عن حمل مفاتيحها. وأشار إلى أن الله عندما يريد أن يزيل نعمة أنعمها على ظالم أو متبطر أو طاغية فإنما أمره «إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون». واستدل من القصة على أن الله عز وجل جعل قارون وأمثاله عبرة للناس. وأوضح أنه ليس من الضروري أن يخسف الله بالأغنياء في زماننا، ويكفي أن يتركهم للمصائب التي تزلزلهم كالأمراض واللصوص والأعداء.