كل من عمل في مواقع المسؤولية في المؤسسات الإعلامية لابد وأنه قد تعامل في يوم من الأيام مع شكاوى المصورين الذين طردوا من أحد المجمعات التجارية أو منعوا من تصوير إحدى المناسبات العامة من قبل رجال الهيئة أو حتى بعض المواطنين العاديين خشية من أن تلتقط عدسات الكاميرا صورا للنساء المتواجدات في المكان حتى وإن كن لا يمانعن في ذلك. هذه الحساسية مفهومة وطبيعية جدا في بلد محافظ ولكن غير المفهوم أن يقوم بعض المجهولين الجهلة الذين يسمون أنفسهم ب( المحتسبين ) بتصوير النساء بغير إرادتهن في صالات ومداخل الفندق المخصص لضيوف معرض الكتاب والتلويح بنشرها على مواقع الإنترنت وكأنهن ارتكبن جرما مشينا أو عملا مشينا، حدث ذلك رغم أن أغلب المستهدفات بالتصوير مدعوات بخطابات رسمية إلى نشاط ثقافي تقيمه الدولة أو إعلاميات جئن لتغطية المناسبة بتكليف من جهات عملهن أو ضيفات كريمات على هذا البلد المبارك جئن من الخارج بعد أن تمت دعوتهن رسميا لحضور واحدة من أهم فعالياتنا الثقافية فإذا بهن يفجعن بفلاشات أبي عكاشة و (زومات) أبي عكرمة!. كيف يرفض هؤلاء صورة المرأة حتى في بطاقة الهوية باعتبار أنها عورة لا يجوز تصويرها ويصورون امرأة بغير رغبتها بغرض التشهير بها وإقحامها في صراع لا يخصها؟!، أنا أشرح لكم هذا التناقض العجيب ...فالنظرية سهلة جدا ولا تحتاج إلى لوغاريتمات أوحسابات معقدة لفهمها، فهذا المحتسب اللطيف مؤمن تمام الإيمان بأنه المسلم الوحيد في هذه النقطة من العالم.. كل هؤلاء الذين حوله من موظفي وزارة الثقافة وأساتذة الجامعات ورجال الأمن والعاملين في الفندق والجالسين الغافلين لاحتساء القهوة ليسوا مسلمين حقيقيين، وحتى إذا أحسن الظن بهم فإنه سوف يعتبرهم مسلمين لم يفهموا الإسلام جيدا وهو يملك الوقت والاستعداد كي يفهمهم باللين أو بالشدة – إذا اقتضى الأمر – الإسلام الصحيح الذي لا يفهمه أحد سواه!. وبناء على هذه النظرية البسيطة فإن ما قام به من انتهاك لخصوصية المثقفات المدعوات لمعرض الكتاب عبر تصويرهن بغير رغبتهن ونشر صورهن بغير إذنهن هو عمل احتسابي يؤجر عليه فهو يقصد الخير، ومثل هذه الأعمال تبين للناس حقيقة الاختلاط الذي يريد فضحه وتحذير الناس من أهواله، أما لو قام مصور من أي صحيفة بتصوير هذه الضيفة بغرض إجراء حوار صحفي معها تتحدث فيه عن أعمالها التي دعيت على أساسها إلى هذه التظاهرة الثقافية فإن أبا عكاشة قد يكسر الكاميرا على رأس المصور المسكين – إذا كان المصور غير سعودي – وسيحاول منعه من التصوير بشتى الطرق إذا كان مصورا سعوديا، وطبعا كل ذلك بسبب إيمان أبي عكاشة أن ما يقوم به المصور إثم عظيم لأنه يصور امرأة (عورة) بغرض نشر هذه الصور في جريدة مرخصة فيرى القراء الرجال صورتها ويحدث الاختلاط في العين!. لا يمكن المقارنة بين فعل أبي عكاشة (تصوير امرأة رغما عنها ونشر الصور في موقع يسيء لها) وفعل مصور الجريدة (تصوير المرأة ذاتها بموافقتها ونشر الصور في جريدة مرخصة بغرض تعريف الناس بعطاءاتها)... مثل هذه المقارنات مضيعة للوقت لذلك أريحوا رؤوسكم من الصداع وأقنعوا أنفسكم بالنظرية البسيطة التي لا تحتاج إلى أي مجهود عقلي: أبو عكاشة مسلم غيور فعل ذلك بغرض الدفاع عن الإسلام، أما المصور فهو مسلم (لك عليه) فعل ذلك بغرض نشر الفاحشة في الأرض!. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة[email protected]