أحمد الحسني كنا نسمع ونحن صغار، أن معدل الانتحار في "السويد" هو الأعلى بين دول العالم وكان يقال لنا إن السبب في ذلك هو الوفرة الاقتصادية وضعف الوازع الديني وعلينا أن نحمد الله على نعمة الإسلام. بالأمس انتحر اثنان في اليمن ويرقد آخر في المستشفى في حالة حرجة وخلال الستة الأشهر الأولى من هذا العام سجلت الإحصائيات الرسمية 120 حالة انتحار، فإذا أضفنا إليها ما لم يتم التبليغ عنه والعمليات الانتحارية فهذا يجعلنا على رأس القائمة، متفوقين على السويد وغيرها، ولكن هل هذا مؤشر على الوفرة الاقتصادية ونجاح السياسات المالية لحكومة الوفاق وسخاء المانحين من رعاة المبادرة وشهودها. المنتحرون لدينا شاب عاطل ووالد لم يستطع أن يوفر لأطفاله اللحم في عيد الأضحى وفتاة أكرهت على الزواج ممن تكره، وطفل أبوه مغترب غير شرعي في المملكة لم يحصل على كسوة العيد رغم الجباية المستمرة للجمعيات الخيرية في الداخل والخارج، ما يعني أن الفقر وتردي الظروف المعيشية هي أسباب الانتحار والعمليات الانتحارية وليس الوفرة الاقتصادية كما قيل لنا. إن التسابق على بناء المساجد والمراكز الدينية والحوزات وجامعات الإيمان والقرآن والحديث وانتشار فروعها ونموها المطرد والصحوة الإسلامية، صاحبه ضعف في الوازع الديني وتردٍّ قيمي خصوصاً في ظل دفاع بعض المشايخ عن العمليات الانتحارية وسكوت البعض عن تجريمها. انتحار 19 طفلاً بسبب اليتم والفقر في ستة أشهر يجعلنا نتساءل عن ربع الجمعيات الخيرية ومواسمها لجمع التبرعات تحت اسم كفالة اليتيم وكسوة وأضحية العيد والحقيبة المدرسية. أليس من المثير للسخرية إرسال الإغاثات إلى غزة وأطفالنا ينتحرون بؤساً في الحديدة ، كما أن التفاوت الكبير في معدل الانتحار بين المحافظات يجعلنا أمام ضرورة إعادة النظر في السياسة التنموية وحصص المحافظات وبرامج الضمان الاجتماعي حتى لا يكون قدرنا أن نقضي منتحرين أو في عملية انتحارية. *اليمن اليوم