تعتبر الندوة العلمية الثالثة «منهج الاعتدال السعودي.. رؤية عالمية» ثمرة من ثمرات مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لترسيخ الوسطية والاعتدال ونشر ثقافة الحوار بين أتباع الأديان وترسيخ قيم التعايش والاحترام وصون كرامة الإنسان، كما أن المملكة دولة محورية في رسالتها وإنجازاتها ومكانتها الإقليمية والدولية وتتعامل مع القضايا الداخلية منها والخارجية بالحكمة والعقلانية، وتحتاج الدولة إلى توثيق كل البحوث والدراسات العلمية القيّمة والرصينة حول منهج الاعتدال السعودي في مختلف محاوره، لتصبح مرجعًا علميًا موثقًا للتطبيق العملي والتخطيط المستقبلي، وبرنامج ثقافي، ومنهج دراسي يمكن تنفيذه في برامج التعليم العام والعالي لتأصيل ثقافة الاعتدال، وأهمية توافق التوجيه الديني مع التعليمي والإعلامي والثقافي. هذا ما ذكره ل «المدينة» مستشار خادم الحرمين الشريفين والأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، فحول منهج الاعتدال السعودي كان حوارنا معه.. * ما رؤيتكم العامة لندوة «منهج الاعتدال السعودي.. رؤية عالمية» التي ستنطلق اليوم في مدريد؟. - هذه الندوة ضمن كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال وهو مشروع متميز ومشكور لسموه الكريم كثمرة من ثمرات مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- لترسيخ الوسطية والاعتدال ونشر ثقافة الحوار بين أتباع الأديان وترسيخ قيم التعايش والاحترام وصون كرامة الإنسان، آملًا استمرارية مثل هذه اللقاءات التي لها الأثر الكبير في تعزيز السلام والعدل العالميين وتجنُّب الصدام والكراهية؛ وعبر بحوثه ودراساته وسلسلة اللقاءات الدولية التي يعقدها يأتي هذا اللقاء الدولي الثالث بمثابة نقلة من مرحلة البحث في ملامح الوسطية الإسلامية في النص والواقع إلى مرحلة متقدمة يطرح فيها علماء الأمةِ ومفكروها منطلقات وأساليب الإسهام الإسلامي في صياغة الحضارة الإنسانية العالمية المنشودة، وذلك من خلال إبراز الجهد العلمي الجاد والمنفتح للعلماء السعوديين في المجالات الحضارية المتعددة، وبيان الدور العلمي للحضارة الإسلامية وأثرها في الحضارة الإنسانية، والدور المستقبلي المأمول للمسلمين في التقدم الإنساني وإبراز رسالة الإسلام ومنجزات حضارته في شتى مجالات العلوم والمعارف. * تهدف الندوة إلى الاستفادة من آراء العلماء والمفكرين في العالم والمعاصرين لمنهج الاعتدال السعودي، فما هي أفضل الطرق لنجاح هذا الهدف؟. - علماء الأمة ومفكروها في العالم والمعاصرون شهود عدول على منهج التأصيل العلمي لمنهج الاعتدال السعودي من خلال مناقشاتهم للشواهد والمواقف التي سجلها هذا المنهج السعودي عبر امتداده التاريخي منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز وحتى عصرنا الزاهر في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأعتقد أن حضور بعض من هذه النخبة من جميع أنحاء العالم هي خير شهادة لتأصيل هذا المنهج وتعزيزه. * ما العقبات التي تواجه نشر منهج الاعتدال السعودي، وكيف يمكن التغلب عليها؟.. وما مدى مساهمة كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي في حلها؟. - التحديات التي واجهت منهج الاعتدال السعودي كثيرة ولم تتوقف، إذ بدأت مع إرهاصات التنمية والتحولات الكبيرة في المجتمع السعودي قبل التأسيس وبعده، ثم توالى بعد ذلك مشروع التحديث والتطوير وظهور بعض المقاومة والرفض لما يحدث ودائمًا وأبدًا يصبح الإنسان عدو ما يجهل كما يقولون، ولكن منهج «الاعتدال السعودي» استطاع أن يفرض نفسه على الرافضين ما دام في هذا تطوير للمجتمع والتزام بالثوابت الشرعية والوطنية، وهنا تكون المواءمة بين الأصالة والمعاصرة والموازنة بين التمسك بأهداب الدين والقيم الإسلامية من جهة والاستفادة من المكتسبات العلمية الحضارية، وكرسي الأمير خالد الفيصل في التأصيل العلمي لمنهج الاعتدال السعودي له إسهاماته المتميزة تعزيزًا للتمسك بمنهجنا الإسلامي الوسطي وتوطيد الوحدة الوطنية. * تشاركون في هذه الندوة بورقة تستعرض إسهامات المملكة في دعم الحوار في العالم، هل لنا أن نعرف أبرز محاور هذه الورقة، وأسباب اختياركم لها؟. - تستعرض ورقتي إسهامات المملكة في دعم الحوار في العالم وقد أشرت في بدايتها إلى أصول الجذور التاريخية والفلسفية لحقوق الإنسان في الأديان والحضارات والثقافات المختلفة ودور الحضارة الإسلامية التي فجَّر ينابيعها الوحي الإلهي وجسَّدها حقيقةً ملموسةً الأنبياء والرسل وخاتمهم النبي الأمين محمد بن عبدالله، عليهم السلام، كما تتحدث عن تشريف الله تعالى للمملكة العربية السعودية بنزول آخر الديانات السماوية، التي تكرِّم الإنسان دونما النظر إلى دينه أو جنسه أو لونه أو لغته، والاختلاف بين البشر، وسيرها على نهج هذه الحضارة الإنسانية الإسلامية، فأصبحت منذ تأسيسها دولة محورية في رسالتها وإنجازاتها ومكانتها الإقليمية والدولية وتتعامل المملكة مع القضايا الداخلية منها والخارجية بالحكمة والعقلانية والعمل على تمتين علاقاتها بالمؤسسات الدولية والدول والحضارات عبر محاور دينية ودبلوماسية وسياسية واقتصادية وإنسانية والعلاقات الدولية القائمة على الوسطية والعدل وبُعد النظر على الصُّعد كافة، وأيضًا رصدت الورقة وتتبعتْ مسيرة المملكة في الحوار بين أتباع الأديان والحضارات منذ عهد الملك عبدالعزيز مرورًا بالحوارات مع الفاتيكان بتوجيه من الملك فيصل بن عبدالعزيز -طيَّب الله ثراه- مرورًا بغيرها من الحوارات الحضارية والثقافية وانتهاءً بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإطلاق مبادرته الإنسانية في هذا الخصوص عبر مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. * هل هناك تعاون ما بين كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات؟. - يخطط مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات كونه مؤسسة دولية، للتعاون مع جميع المؤسسات العالمية والمشروعات التي تهدف إلى نشر الوسطية والاعتدال، وخاصة كرسي الأمير خالد الفيصل الذي تتناغم أهدافه مع أهداف المركز.