أكد عدد من خبراء علم الاجتماع أن الزواج التقليدي رغم كل الانتقادات الموجهة إليه إلا أنه واقعيًا هو الأطول عمراً فيما تصدمنا الإحصائيات الاجتماعية بارتفاع معدلات الطلاق المبكر بين المتزوجين حديثاً بسبب العديد من الأسباب يتصدرها سوء الاختيار. التناقض بين التقليدية في اختيار شريك الحياة اعتمادًا على خبرة الأمهات في اختيار زوجة المستقبل، وبين عدم ملائمة هذا النوع من الزواج مع الاختيارات العصرية للشباب أثار العديد من التساؤلات حول أسباب نجاح الزواج التقليدي، وفتح جدل واسع بين الشباب وخبراء علم الاجتماع حول أسباب عودة الزواج التقليدي والذي بات يلجأ إليه الكثير من خريجي الجامعات، وبعض من تلقى تعليمه بالخارج. يؤكد الخبراء والمختصون أن اختيارالشباب للزواج التقليدي يعود إلى تمسكهم بالعادات والتقاليد بالإضافة إلى أنه الأنجح والأطول عمرًا إذا توفرت الصراحة والوضوح والتأني وعدم العجلة في إتمامه، فضلًا على أنه الأنسب والأصل لأنه يتم في إطار مباركة العائلة، ولا يتحمل الزوج والزوجة وحدهما تلك المسؤولية، منوهين أن التجمل والزيف والتزوير وراء قصر عمر الزيجات الحالية التي غالبًا ما تنتهي بالطلاق. وأشاروا أن إقبال الشباب على الزواج العصري يعكس تفتح المجتمع على الثقافات وخروج الفتيات للتعليم والعمل، فضلًا عن انتشار وسائل التلاقي والاتصال التكنولوجية الحديثة بشكل كبير ومن بينها الهواتف النقالة والشبكة العنكبوتية التي لا حدود لها. الراية حاورت مجموعة من الشباب واستطلعت آراءهم حول كيفة اختيار شريكة المستقبل. في البداية يقول حسن صالح : أفضّل التعرف على شريكة حياتي قبل الزواج وفقًا لحدود الشرع، وبعد ذلك أقرر الزواج منها أم لا، لأني لا أحب الزواج التقليدي، والذي من وجهة نظري مثل زواج الطيور؛ لأنه يحبس الزوجين في قفص. ويضيف : الزواج عن طريق الأهل يسبب العديد من المشكلات والخلافات التي لا حصر لها، موضحًا أن الزواج التقليدي لا يتم الآن إلا في بعض الأسر المغلقة على نفسها. ويقول حمد المري : معايير الزواج التقليدي تضمن له الاستمرارية لأنه يعتمد على اختيارات الآباء والأمهات بالتركيز على حسن خلق الفتيات والشباب، والأصل الطيب، ولذلك تستمر تلك الزيجات سنوات طويلة لأنها تتم وفق معايير التراث القطري الأصيل، أما الزواج العصري فيغلب عليه المظهرية ومعايير مادية مثل راتب الزوجة، ودرجة تعليمها، وحجم ثروة المعرس، ولذلك فهو زواج تجمعه المصالح وينتهي بسرعة وفي السنوات الأولى من الزواج ، ولذلك عاد الزواج التقليدي من جديد خلاال السنوات القليلة الماضية ليتصدر المشهد. ويقول أحمد الأنصاري : أفضل الزواج العصري بناء على معاييري الخاصة بحيث يتسنى لي التعرف على شريكة العمر المحتملة لضمان حياة سعيدة. وأضاف : الطرق التقليدية في الزواج أصبحت محدودة في الوقت الحالي، وذلك لأنه مع انتشار التكنولوجيا مثل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الشباب لديهم حرية الاختيار عن طريق المواقع الألكترونية وهذه تعتبر- في رأيي- من طرق الزواج الناجح. ويؤكد فهد الشمري أهمية تقديم فرصة وفترة معقولة لتعارف الزوجين حتى يتسنى لكل منهما معرفة مبادئ الآخر وطريقة تفكيره، إلا أنه يرفض أن تكون هذه الفترة "هي ما يسمى بقصة حب وعشق"، بل ركز أن تكون فترة بمعرفة وإشراف الأهل ، فإذا توافر القبول بين الشخصين فمن الممكن أن ينجح هذا الزواج بنسبة كبيرة تفوق أحيانًا الزواج بعد قصة حب منوها إلى ضرورة دعم الأسرة في مباركة قرار الزواج العصري بقبول زواج الطرفين. ويقول جاسم الكوراي : أفضل الارتباط التقليدي لأنه يكون أكثر أمانًا وأكثر عقلانية، فحينما يأتي الزواج من خلال الأطر الشرعية؛ أولًا يكون الإنسان أكثر التزامًا بالمبادئ والقيم، ثانيًا الذي يأتي لي بمواصفات تلك الإنسانة، ينقلها بأمانة من دون تكلف وتزييف، فأحاول أن أزن تلك المواصفات، ومعرفة ما إذا كانت تتماشى معي ومع قيمي ومبادئي من عدمه. ويتفق عبد الله الأحمد مع الرأي السابق في أن الاختيار عن طريق الأهل أفضل، وذلك لعدم وجود وقت للبحث عن زوجة، مع تسارع وتيرة الحياة وكثرة المسؤوليات في العمل، لذلك فإنه يحدد المواصفات المطلوبة، في الزوجة والأهل يقومون بالترشيح له للاختيار الأنسب والأفضل. ويقول إبراهيم المهندي : أفضل أن يتولى أهلي مسؤولية إيجاد بنت الحلال لي، فأنا لا أختلط كثيرًا بالفتيات وفقًا لطبيعتي وتواجدي على مدار الساعة في مكان عمل أبي الذي لا ألتقي فيه بفتيات. ويضيف: والدتي اختارت لأشقائي من قبلي زوجاتهم، والحمد لله ها هم ينعمون بالاستقرار الأسري، لذا وضعت هذه المهمة على عاتق الوالدة أطال الله عمرها، لتختار لي من بين معارفها بنت الحلال التي سأكمل معها نصف ديني وباقي حياتي إن شاء العلي القدير. أما مهدي الجميعي فيؤكد أن الزواج التقليدي هو الأفضل من عدة نواحي، فعلى الصعيد الديني يذكر الجميعي بجواز النظرة الشرعية التي تكفل للشاب حقه في اختيار الشكل، أما فيما يخص الأخلاق والطباع والسمعة فيمكن لوالدة الشاب أو أخته تقصي هذه الأمور بشكل مباشر قبل الخوض في تفاصل الزواج والبت فيها. ويقول: توجد أمور أساسية يمكن معرفتها عن طريق الأهل دون الحاجة لإقامة علاقة قبل الزواج، فدين الفتاة وخلقها وسمعتها أمور لا تخفى على من يسأل عنها ويستعلمها من المقربين منها، هذا عدى الأمور الظاهرة على الملء كحشمتها في اللبس على سبيل المثال، ومن ثم يمكن لأي اثنين ينويان الارتباط التعارف خلال فترة الخطوبة بما يتناسب مع الأصول دون عوائق. يقول علي عبد الله حنزاب : الزواج العصري: لو أنا نويت الزواج بإحدى قريباتي فسأكون على دراية مسبقًا بأصلها وفصلها وكل تفاصيل أفراد عائلتها والبيئة التي تربت فيها، وفي حال كانت غريبة عن العائلة فأيضًا سيتم التركيز بديهيا على اكتشاف كل تلك التفاصيل الدقيقة في البيت الذي ينوي الشاب مصاهرته، بل وتصبح تلك التفاصيل شغل الأهل الشاغل لضمان اختيار سليم موفق لابنهم، وهذا ما لا يحدث بين مقيمي العلاقات العاطفية ممن تحجب عواطفهم أساسيات في غاية الأهمية لإقامة علاقة زوجية ناجحة. يقول د.عبد الناصرصالح اليافعي أستاذ علم الاجتماع : زيجات الماضي التقليدية زيجات معمرة، تدوم طويلًا إلى أن يلقى الله أحد الطرفين ، رغم أن هؤلاء الأزواج والزوجات لم يعرفوا مسبقًا بعضهم البعض ولكن تزوجوا عن طريق الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران، إضافة إلى أنهم لم تكن لهم قبل الدخول أية تجارب من أي نوع بل كانوا يتزوجون ويتناسلون على الفطرة، تلك الفطرة التي تحارب في زماننا هذا بكل الطرق المباشرة وغير المباشرة، ويتم القضاء عليها باعتبارها تخلفًا ورجعية وجهلًا في رأي بعض الأشخاص الذين يريدون أن يشيع الفجور والانحطاط بدعوى الحرية والانفتاح والعولمة وغير ذلك من أمور ما أنزل الله بها من سلطان. ويضيف : زيجات اليوم عمرها قصير رغم اختيار كل منهما للآخر بكامل إرادته ودون الالتفات إلى نصائح وتجارب من هم أكبر سنا وأكثر خبرة هذا الاختيار الذي غالبًا ما يكون خطأ وغير واضح الملامح أثناء فترة الخطبة، حيث يصدم ويفاجأ كل منهما بالآخر بعد الزواج بإنسان أو إنسانة أخرى لم يعرفها من قبل بسبب التجمل والزيف والتزوير الذي يمارسه البعض، فتبدأ المعارك والصراعات التي غالبًا ما تنتهي بالطلاق فتنهار الأسرة ويضيع ويتشتت على أثر ذلك الأبناء. ويشير إلى أن الزواج التقليدي هو الأنجح والأطول عمرًا إذا توفرت الصراحة والوضوح والتأني وعدم العجلة في إتمام الزواج إلا بعد فترة كافية للتعرف على أصل وطبع الطرف الآخر بدون خجل أو خوف أو وضع أي أمور أخرى في الاعتبار سواء كانت أمورا عائلية أو اعتبارات خاصة بالوسيط مهما كانت درجة قرابته، موضحًا أن الزواج التقليدي مضمون من حيث النسب والأصل، فالعائلتان تعرفان بعضهما البعض جيدًا، ولا حاجة فيه إلى السؤال عن الأهل، وبذلك يقضي على الخوف الموجود من أصل ونشأة العائلة.. فضلا على الرأي الصواب القائم على المشاركة بين جميع أفراد العائلة في الزواج التقليدي، لأن نجاح هذا الزواج الذي تم في إطار مباركة العائلة، ولا يتحمل الزوج والزوجة وحدهما تلك المسؤولية. تقول الخبير النفسية د.أمينة الهيل: إن افتقاد الحب في الأسرة يدفع الشباب للجوء إلى الزواج التقليدي، فضلا عن تأثير التجارب الفاشلة للزيجات العصرية التي لا تستمر طويلا ويعتمد على معايير مادية مثل راتب الشاب أو الفتاة ومستقبله الوظيفي، إلا أن المعيار الأصلي في دوام الزيجات واستمرارها هو التفاهم بين الأزواج والتقارب النفسي والاجتماعي. ويضيف : الطلاق المبكر يرجع إلى عدم تؤهل الشباب لمسؤوليات الزواج، وعدم التكافوء الاجتماعي، وتدخل الأهل في الخلافات بين الأزواج وهو ما يجب علاجه فضلا عن اختيار الشباب لشريك العمر وفقًا لمعايير عملية وشرعية ومنها حسن الخلق والأصل الطيب وهي معايير الزواج التقليدي، فضلا عن معايير الزواج العصري مثل الثقافة المتكافئة والتفاهم والقبول النفسي. الاستشارية الأسرية أمل عبدالله البلوشي تقول إن الإعلام نجح إلى حد كبير في تشويه صورة الزواج العصري عند بعض الشباب، خصوصًا عن طريق التلفزيون من خلال المسلسلات والأفلام التي تقدم نوعية من الدراما تصور معيار اختيار زوجة المستقبل عن طريق الأسرة على أنه الأصح والأقرب للدين والعادات والتقاليد. وتضيف: لاننكر أن هناك إقبالاً من الشباب على الزواج العصري بسبب خروج المرأة إلى العمل واختلاط الشباب بالفتيات في الجامعة ساهم بشكل كبير في اختيار زوجة المستقبل عن طرق الزواج العصري بدلاً من الزواج التقليدي فضلاً عن المشاكل الأسرية المترتبة عن الزواج التقليدي الذي يكون آخره الطلاق.