دور النشر مثلها مثل بقية المؤسسات العلمية والتعليمية والإعلامية والصحية والغذائية، لها من الأهمية والحساسية ما يجعلها مؤسسات أسمى من أن تكون مجرد مصدر لتنمية الثروات، فروح التجارة وحب تنمية الأرباح متى دخلت دور النشر قضت على الدور السامي المسند إليها أداؤه، لأن الركض وراء الربح يعمي البصيرة في بعض الأحيان. دور النشر كغيرها من المؤسسات هي غالبا تتفاوت فيما بينها في الأهداف، فمنها ما يهمها نقل المعرفة والحرص على الجودة، ومنها ما يهمها زيادة نسبة الربح قبل أي شيء آخر، وفي سبيل ذلك لا تبالي إن هي وظفت كل ما يمكنها من الأساليب والطرق التي تعود عليها بمزيد من الأرباح حتى وإن تعارضت في بعض المرات مع الجانب الأخلاقي لمفهوم الدور الذي تقوم به. وإذا كان هناك دور نشر تتسم بالرزانة والعمق في منشوراتها، فلا تنشر الغث والهزيل من سقط المؤلفات وبإمكان الباحث عن الإصدارات الجيدة أن يتجه إليها مباشرة وهو مطمئن إلى أن ما تعرضه من إصداراتها لن يندم يوما على اقتناء شيء منه، فإن هناك دور نشر أخرى تقدم تحقيق الربح قبل الجودة فيما تنشره، فتختار للنشر ما تتوقع له الرواج السريع مثل مذكرات بعض المشاهير وكتب الفضائح والمغامرات مع الجن والسحر وكتب التنبؤات الغيبية والروايات الغرامية والجرائم وما شابهها مما لا قيمة له فكرية أو علمية أو أدبية. وهناك أيضا دور نشر تبحث عن مجرد البقاء على قيد الحياة، فتنشر كل ما يصل إليها، حسن أو ساء، طالما أن صاحب الكتاب سيدفع الثمن بما يضمن استمرار تدفق أنفاس الحياة في أوصالها، وهذه بالنسبة لها غاية بالغة الأهمية لذلك هي تقبل نشر كل شيء لا يعنيها فحص مضمون ما تقبل نشره أو التدقيق في مستوى جودته، فتنشر لناشئة ما زالوا يتهجون الحروف كتبا مملوءة بالأخطاء الإملائية والنحوية، وكتبا ساذجة في الفكرة والتعبير، وكتبا مسروقة من أخرى وغير ذلك من صور رداءة المنتج التي تفيض بها المكتبات. في آخر أيام معرض الكتاب المقام في مدينة الرياض، أشار نائب وزير الثقافة والإعلام أثناء حديثه مع المثقفين، إلى أهمية تصنيف دور النشر إلى فئات وأن هذا التصنيف يساعد الوزارة على تنظيم العمل في المعرض بصورة أفضل، ووجه اللوم في عدم وضع تصنيف لتلك الدور إلى جمعية الناشرين السعوديين، التي يراها مقصرة تجاه إنجاز هذه المهمة.ولكن رغم أننا ندرك أن جمعية الناشرين السعوديين لا تختلف كثيرا عن هيئة الصحفيين أو جمعية حماية المستهلك وأمثالها من الجمعيات والهيئات التي تعشق ارتداء طاقية الاخفاء فترى الناس من حيث لا يرونها، إلا أن هذا لا يعني أن تتخلي وزارة الثقافة عن مسؤوليتها تجاه إعداد تصنيف للناشرين وفق معايير معتمدة دوليا، فما الذي يجعل الوزارة لا تتولى إنجاز هذه المهمة فتسهل على الناس معرفة دور النشر الموثوقة، وتدعم سطوع الدور الجيدة بما يهمش ما هو سواها. فاكس 4555382-1للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة