الدوحة - الراية: نظّم مكتب الهلال الأحمر القطري بالنيجر حفلاً بمناسبة انتهاء مشروع مكافحة العمى الذي يستفيد منه 86216 طالباً موزعين على 229 مدرسة بإقليم مرادي بالنيجر، وذلك بالتعاون مع مؤسسة البصر الخيرية العالمية، وبحضور ممثلين عن وزارت الصحة والتربية الوطنية والتخطيط وحاكم إقليم مرادي. نُظم الاحتفال تحت رعاية سيدة النيجر الأولى الدكتورة مليكة إيسوفو محمادو رئيسة منظمة تتالي إيالي وهي إحدى المنظمات الداعمة لهذا المشروع.. ونجح المشروع الذي نفذ على مدار عام كامل في تحقيق نتائج ملموسة، حيث تم تدريب 367 معلماً على بعض الطرق والمفاهيم حول كيفية تحديد عيوب البصر والتعرف على أمراض العيون الأكثر انتشاراً .. ونجح المشروع في فحص 86216 طالباً في المدارس من أصل 92651 طالباً، كما تم توزيع 2091 نظارة تصحيح للبصر، وتم توزيع 2881 علبة دواء قطرة العيون، وإجراء العملية الجراحية ل 84 طالباً، كما شمل المشروع تنفيذ برنامج التوعية الصحية الموجه للتلاميذ وأوليائهم حول الوقاية من أمراض العيون الأكثر انتشاراً وكيفية استعمال النظارات الطبية. وحرص الهلال القطري ومؤسسة البصر عند الاتفاق على تنفيذ المشروع على توجيهه وتنفيذه لصالح شريحة التلاميذ ذوي الفئة العمرية من 6 إلى 15 سنة والتي تمثل 42% من ساكني النيجر، رغم أن انتشار العمى أقل لدى الأطفال بحوالي عشر مرات مما هو عليه لدى الكبار، فالتركيز على الأطفال من خلال هذا المشروع كان ضرورة ملحة لتسهيل المسيرة الدراسية في وجه هؤلاء التلاميذ بمكافحة أمراض العيون في الوسط المدرسي، وبالتالي تخفيف العبء الحاصل على أرباب الأسر المحتاجة ورعاية الطفولة المحرومة بالمجتمع النيجري الأكثر فقراً. تبلغ موازنة المشروع 295.848 دولار أمريكي، قام الهلال الأحمر القطري بتوفير مبلغ 217.200 دولار أمريكي في حين قامت منظمة البصر العالمية بتوفير مبلغ 78.648 دولار أمريكي.. ويتكون الفريق الذي أشرف على تنفيذ المشروع من عدد من المتخصصين في مجال أمراض العيون، حيث كان هناك مدير طبي للمشروع وهو طبيب جراح في أمراض العيون، إضافة إلى 4 فنيين في مجال البصريات ومشرفين على المشروع ومراقبة عامة للمشروع، كما يضم الفريق موظفين تابعين لكل من منظمة البصر العالمية والهلال الأحمر القطري. يأتي تدخل الهلال الأحمر القطري في تنفيذ هذا المشروع في إطار المبادرة العالمية "رؤية 2020 والحق في الإبصار" والتي تسعى للحد من العمى في حدود عام 2020، وتم إطلاق هذه المبادرة بتاريخ عام 1999 من قبل منظمة الصحة العالمية وعدد من المنظمات الدولية المنخرطة في مجال الوقاية من العمى والمنضوية تحت لواء الوكالة الدولية للوقاية من العمى، وهي ترمي إلى الحد من العوامل المسببة للعمى كإحدى مشاكل الصحة العمومية في أفق سنة 2020. وتعتبر دولة النيجر ذات التعداد السكاني البالغ أكثر من 15 مليون نسمة حسب إحصائيات سنة 2010 من الدول التي تعرف نسباً مرتفعةً في معدلات العمى، ويعزى ذلك إلى طبيعة البيئة الصحراوية المعروفة بالرياح والغبار، وهو ما يسهل انتشار أمراض العيون بين السكان، إضافة إلى غياب الوعي الصحي وعشوائية استعمال الصرف الصحي وما يسببه الذباب باعتباره العامل الناقل للعديد من الأمراض المعدية. ومن بين الحالات المؤثرة التي صادفها فريق المشروع، حالة طفل أصيب بالعمى كلياً وأدخل للمدرسة لتعلم القراءة على طريقة العمي "برايل"، وخلال عمليات الفحص التي يقوم بها الفريق الفني بمختلف المدارس تم تقديم التلميذ من باب عرض حالته والكل يائس من إمكانية علاجه، ولكن المفاجأة كانت أن أكّد الطبيب أن نسبة إعادة إبصار التلميذ قائمة إذا أجريت له عملية جراحية، فاستبشر زملاؤه ومدرسوه خيراً، وأجريت له العملية .. وفي إطار الإجراءات الإدارية تم طلب توقيع والده وموافقته، لكن جد التلميذ عارض إجراء العملية بشدة، بدعوى أن ما أصاب حفيده هو مس من الجن وأن جنياً يأتي عند أمه في الحلم ويخبرها أن بإمكان ولدها الإبصار مرة ثانية ولكن يجب ألا يؤخذ عند الطبيب، فكانت معارضته شديدة جداً. عرض الموضوع على مسؤولي الهلال الأحمر القطري، فتم الاتفاق على أن يتم اصطحاب أحد الدعاة من أجل إقناع الجد وبصعوبة بالغة قبل وعلى مضض أن تجرى العملية لحفيده، ويوم العملية كان الكل ينتظر النتيجة بعد أيام من إجرائها عند إماطة الضمادات.. سأل الطبيب التلميذ كم عدد أصابع يدي فأجاب جواباً خطأ فأغمي على المخرج التلفزيوني الذي وثق لمختلف مراحل إجراء العملية اعتقاداً منه أن العملية فشلت، خاصة أنه شارك بفعالية مع الداعية في إقناع الجد، وعادت الحياة للجميع عندما زالت الغشاوة عن عيني الصبي وبدأ يصيح أنا أنظر أنا أراكم فكان أن أبكى المشهد الحاضرين. يذكر أنه سبق للهلال الأحمر أن نفذ مشروعاً مماثلاً بالعاصمة السودانية الخرطوم قبل عدة سنوات.