براقش نت يومٌ بعد آخر يزداد اتساعاً وخطورة ملف الاتجار بالشباب وإرسالهم للقتال في سوريا، خصوصا مع دخول تركياوقطر بكل قوتها في هذه العملية بالتزامن مع صمت حكومي يمني، يعتبره محللون ضوءاً أخضر لإلقاء الشباب اليمنيين في جهنم سوريا. وبالتأكيد فإن الحديث عن الجهاد في سوريا ليس بجديد، لكن تطور الأمر لدرجة التغرير بالشباب واستدراجهم إلى قطر بخديعة التوظيف في الجيش الأميري ومن ثم إرسالهم إلى سوريا، دفع بعدد من الشباب العائدين من قطر إلى الاتصال بصحيفة "الجمهور" التي كانت السباقة في كشف هذا النوع من الاتجار وتسليط الضوء على كواليس رحلة (الجهاد) وطريقة الاستقطاب من اليمن إلى قطر.. وفي هذا الصدد التقت "الجمهور" الخميس المنصرم بشابين من أبناء محافظة الجوف وقعا مع (82) شاباً من نفس المحافظة ضحية لعبة إخوانية قطرية قذرة تصب في خدمة أمريكا وإسرائيل ومن والاهما. الشابان اللذان فضلا عدم ذكر اسميهما خوفاً على حياتهما من أية مخاطر قد يتعرضان لها نتيجة هذا التصريح، كشفا ل"الجمهور" عن زيارة سرية قام بها مسؤول في حكومة قطر أواخر ديسمبر 2012م إلى محافظة الجوفومأرب برفقة برلماني بارز في جماعة الإخوان المسلمين. وقال الشابان إن القيادي الإخواني أقنعهم مع عدد من الشباب الآخرين بالسفر إلى قطر بغرض التجنيد في القوات الاميرية مقابل 6 آلاف ريال قطري كراتب شهري- ما يوزاي 360 ألف ريال يمني- بالإضافة إلى وعود بالتجنيس بعد مضي العام الأول على تجنيدهم.. وأضاف الشابان: "استلمنا استمارات التجنيد وقمنا بتعبئتها وسلمناها للمسؤول القطري الذي غادر إلى الدوحة ثم عاد بعد عشرين يوماً وسلمنا فيز الدخول إلى قطر وأخبرنا بأن نذهب على شكل مجموعات". وبحسب الشابين فقد كان عدد الشباب الذين ذهبوا إلى قطر من محافظة الجوف وحدها 84 شابا. مشيرين إلى أنهم بمجرد أن وصلوا إلى قطر تم أخذهم إلى معسكر خارج العاصمة القطريةالدوحة، وفوجئوا هناك بالعشرات من الشباب من جنسيات عدة بينهم يمنيون من مأرب وحجة وخولان وتعز وأيضا من جنسيات أفريقية وليبية وتونسية. وأضاف الشابان في سياق حديثهما لصحيفة "الجمهور" قائلين: "بعد وصولنا إلى هذا المعسكر خارج الدوحة وكان الوقت مساءً جاء إلينا خمسة ضباط، وأمرونا بأن نرتاح من تعب السفر، وفي فجر اليوم التالي جاء إلينا الضباط أنفسهم برفقة ضابط يكبرهم رتبة وأمرونا بالاجتماع في ساحة المعسكر.. بعد ذلك- والكلام لا يزال للشابين- أخبرنا الضابط كبير الرتبة بواسطة مكبر للصوت أنه سيتم تدريبنا لمدة 28 يوماً وبعد ذلك سيقومون بنقلنا إلى معسكر آخر في تركيا لاستكمال التدريب على العمليات القتالية الصعبة، وسيستمر هذا التدريب لمدة شهر كامل، ثم أخبرونا بأنه سيتم اختبار قدراتنا العسكرية بعد ذلك كقوات حفظ سلام في سوريا". وأكد الشابان في حديثهما لصحيفة "الجمهور" أنهما بدآ مع عدد من زملائهم يشعرون بأنهم قد وقعوا ضحية خدعة متقنة التخطيط والتنفيذ. ويضيف الشابان انهما خلال فترة بقائهم في هذا المعسكر والتي لم تتجاوز عشرة أيام كانوا يتلقون تدريبات على يد ضباط من حماس وآخرين أمريكيين.. موضحين بأنهم تعرفوا على شباب من محافظة مأرب وأخبروهم بصريح العبارة أنه سيتم إرسالهم للجهاد في سوريا، وليس كما قيل لهم بأنهم سينتسبون للقوات الأميرية.. عندها بدأ الشابان اللذان ينتميان لأسرة واحدة بالتواصل مع أسرتهما في اليمن وإخبارهم بالحقيقة فما كان من أسرتهما سوى التوجه نحو القيادي الإخواني والضغط عليه وتهديده ليقوم بالتواصل مع المسؤول القطري وإخباره بضرورة السماح لهذين الشابين بالعودة إلى ديارهم. من جهة أخرى أكد شيخ قبلي بارز بمحافظة الجوف في اتصال مع صحيفة "الجمهور" أن عملية استقطاب الشباب وإرسالهم إلى قطروتركيا ومن ثم للقتال في سوريا قائمة حاليا على قدم وساق، بالإضافة إلى أن الأمر لم يعد مقتصراً على الشباب اليمنيين وإنما توسع ليشمل مرتزقة من الصومال وأثيوبيا. وقال المصدر الذي تحتفظ الصحيفة باسمه "خلال شهر فبراير المنصرم تم إرسال ثلاث دفع من الشباب من مأربوالجوف وعدد قليل تم تجميعهم من عمران وخولان وهمدان وتعز". وأضاف: "كل مجموعة يتراوح عدد أفرادها ما بين ثمانين إلى مائة وعشرين شابا".. وبالنسبة للمرتزقة الأفارقة قال المصدر: "يتم تجميعهم في معسكرات قريبة من الشريط الحدودي ويتم اختبار لياقتهم بتمارين بسيطة مثل الكونغفو قبل ترحيلهم إلى قطر أو تركيا".. ورجح المصدر تورط المملكة العربية السعودية في هذه العملية. وحذر المصدر من استمرار صمت السلطات اليمنية تجاه هذه الأعمال الإجرامية.. مؤكداً بأن هذا الصمت شجع هؤلاء على الاستمرار في تصدير الشباب بكثرة إلى سوريا. وكشف المصدر في سياق حديثه مع صحيفة "الجمهور" عن قيام السلطات الأمنية في محافظة مأرب مطلع شهر مارس الجاري بضبط شخص وبحوزته أموال واستمارات تختص بتجنيد الشباب فيما يسمى ب"الجيش الحر" السوري. موضحاً بأن أجهزة الأمن أفرجت عن الشخص بعد ذلك دون اتخاذ أي إجراءات قانونية في حقه، وهذا- بحسب كلامه- يثير الشبهات والاتهامات حول تورط مسؤولين بحكومة الوفاق في هذه الأعمال. وفي ذات السياق قال المصدر إن عدداً من الأسر في محافظة مأرب تلقت مؤخراً أخبار مقتل أبنائها في سوريا.. مشيراً إلى أن قيادات إصلاحية هي من تتولى عملية إبلاغ أسر الشباب بأمر مقتلهم، وتقوم هذه القيادات بإقناع الأسر أن أبناءهم شهداء في الجنة ويسلمون لكل أسرة قتل ابنها مبلغ 20 ألف دولار. وأفاد ذات المصدر بأن هناك حالياً مكاتب سرية في العاصمة صنعاء لتسجيل الشباب وإرسالهم للقتال في سوريا.. موضحاً بأنه تم مؤخراً إرسال 12 شاباً من منطقة سعوان إلى قطر بحجة التجنيد في القوات الأميرية.. وتفيد التقديرات أن 10آلاف شاب يمني تم إرسالهم للقتال في سوريا حتى الآن معظمهم انضموا إلى صفوف ما تسمى ب"جبهة النصرة" الإرهابية والآخرين إلى "الجيش الحر".. وكانت صحيفة "الجمهور" هي السباقة في كشف قضية بورصة الجهاد في سوريا، وذلك في عددها الصادر بتاريخ 15 سبتمبر 2012م، كما كشفت في عددها الصادر بتاريخ 9 فبراير 2013م قيام قطر بفتح معسكرات لتدريب الشباب اليمنيين وإرسالهم للقتال في سوريا. كما أجرت مؤخراً لقاء مع القيادي في أحزاب اللقاء المشترك نائف القانص اتهم فيه قيادات في جماعة الإخوان المسلمين بينهم الحاصلة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان وبرلمانيون في حزب الإصلاح بالاتجار بالشباب وإرسالهم للقتال في سوريا. وقال القانص وهو الأمين العام المساعد لحزب البعث في اليمن إن عضو البرلمان والقيادي في حركة إخوان اليمن محمد الحزمي وآخرين يتواجدون في سوريا منذ أشهر، وإن حزب الإصلاح فتح معسكرات في أكثر من منطقة لتجنيد وتدريب المقاتلين والشباب وتسفيرهم للقتال في سوريا.