تعرّض الجعبري لمحاولات إسرائيلية عديدة "ما دام الصهاينة يحتلّون أرضنا؛ فليس لهم سوى الموت أو الرحيل عن الأراضي الفلسطينيةالمحتلة".. كان هذا آخر تصريح صحفي ل"أبو محمد" القائد العسكري أحمد الجعبري -القائد الميداني لكتائب القسّام الجناح العسكري لحركة حماس- وهو التصريح الذي قذف في قلوب الإسرائيليين الرعب؛ فقرّروا وضعه على قائمة المطلوبين للاغتيال، وحرّكوا مساء اليوم (الأربعاء) أقوى طائراتهم العسكرية صوب غزة لتطلق صواريخها على سيارة كان يستقلّها؛ فتُدمِّرها ويستشهد الجعبري بصحبة مرافقه الشهيد محمد الهمص. خطّط "أبو محمد" وشارك في تنفيذ عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وكان مهندس صفقة تبادله مع أسرى فلسطينيين، والتي أُطلقت عليها "صفقة الأحرار"؛ فأطلق عليه قادة الاحتلال الإسرائيلي "رئيس أركان حرب حركة حماس" و"الشبح"، واتّهموه بأنه المدبّر والمخطّط لكل العمليات العسكرية التي استهدفت الاحتلال، وجعلوه على رأس قائمة المطلوبين. وُلِد الجعبري عام 1960، ودرس في الجامعة الإسلامية بغزة حتى حصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ، واستهلّ حياته النضالية في صفوف حركة "فتح"، واعْتُقل مع بداية عقد الثمانينيات على يد قوات الاحتلال وأمضى 13 عاما؛ بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة لفتح خططت لعملية فدائية ضد الاحتلال عام 1982. وخلال وجوده في السجون الإسرائيلية؛ أنهى الجعبري علاقته بحركة "فتح" وانتمى ل"حماس"، وعَمِل بمكتب القيادة السياسية لها، وتأثّر بعدد من قادتها ومؤسّسيها الأوائل؛ وكان أبرزهم: الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد إسماعيل أبو شنب، والشهيد نزار الريان، والشهيد إبراهيم المقادمة، ومؤسّس أول ذراع عسكري للحركة الشيخ الشهيد صلاح شحادة. واشتدّ نضاله في صفوف كتائب القسّام، إلى أن أصبح أحد قادة مجلسها العسكري، حتى أصبح القائد الفعلي لكتائب القسام إلى جانب "الضيف" القائد العام للكتائب في فلسطين. وتعرّض رجل "صفقة الأحرار" لمحاولات اغتيال إسرائيلية عديدة؛ كان أبرزها تلك التي نجا منها بعد إصابته بجروح خفيفة عام 2004، بينما استشهد ابنه البكر محمد، وشقيقه و3 من أقاربه، باستهداف طائرات الاحتلال الحربية منزله في حي الشجاعية. وما وجد الاحتلال سبيلا لاغتيال الجعبري؛ فقرّروا تحريك القوات الجوية الإسرائيلية نحو غزة، ليقتلوه بدم بارد بإطلاق صاروخ على سيارته، لتدمّرها، ليلقى ربه شهيدا بعد أيام قليلة من عودته من أداء فريضة الحج.