تناقش دول مجموعة بريكس التي يجتمع قادتهاالسياسيون في مدينة ديربان غدا وبعد غد إقامة بنك تنموي. وإذا ما تمت هذه الخطوة سيكون لها دلالات وآثار بالغة الأهمية، وستعدُّ تجسيداً على تغير نظام التمويل والاقتصاد العالمي. وسيكون الدور الأساسي والجليّ لبنك تنموي لمجموعة دول بريكس توفير رأس المال للمشاريع طويلة الأمد في قطاعات البنية التحتية، وبخاصة تلك التي تقام بالاشتراك بين دول المجموعة، وربما دعم الجهود المتواصلة لتعزيز الروابط المالية والتجارية فيما بينها. ويقام الاجتماع على خلفية تحسن نسبي في المعنويات حيال الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يعود بشكل أساسي إلى الولاياتالمتحدة، رغم كون اقتصاديات دول بريكس تواجه منفردة تحديات أكبر من السابق. وفيما تواجه كل منها تحدياً مختلفاً إلى أن ما يجمعها كون تلك التحديات مهمة ومؤثرة في نموها الاقتصادي مستقبلاً. وجهات نظر يعتقد البعض بأن مبدأ وفكرة مجموعة بريكس لاقت تقديراً مبالغاً فيه. ويرى جيم أونيل، رئيس مجلس إدارة غولدمان ساكس لإدارة الأصول أن اقتصاديات دول بريكس قد تباطأت مقارنة بالنمو المتسارع الذي شهدته بين عامي 2001 و2010. وهي الفترة التي حققت خلالها نمواً بمعدل 8.1%. فقد كان نموها خلال العامين الأولين من العقد الحالي موافقاً للتوقعات. وكان نمو دول المجموعة بين عامي 2001 و 2010 أعلى بكثير من المتوقع، مما يعني أنه من البديهي أن تتباطأ معدلات نموها خلال العقد الحالي. أهمية الصين من الواضح أن الاقتصاد الصيني بشكل خاص سيتباطأ في نموه، الأمر الذي لا يقتصر سببه على كون السلطات الصينية ستسعى إلى تحقيق معدلات نمو أبطأ وأكثر توازناً. ولا يمكن أبداً المبالغة بتقدير أهمية الصين في مختلف الجوانب، بما في ذلك أهميتها ضمن سياق مجموعة دول بريكس. فحجم اقتصادها الحالي الذي بلغ 8.2 تريليونات دولار أميركي في نهاية العام 2012 يعادل اقتصاد بقية دول المجموعة، بما فيها الاقتصاد المتواضع بقيمة 400 مليار دولار أميركي في جنوب إفريقيا. ومنذ عام 2010، حققت الصين زيادة قدرها 2.3 تريليون دولار، أي ما يفوق الحجم الفعلي للاقتصاد الهندي. وإلى جانب كون حجم اقتصادها حقق نمواً بحجم الاقتصاد اليوناني بكامله مرة كل 13 أسبوعاً عام 2011، فقد كانت البلاد تضاهي في نموها حجم اقتصاد جنوب إفريقيا مرة كل أربعة أسابيع. وبالحديث عن معدلات النمو للصين، والتي بلغت 7.5% خلال العقد الحالي، فلا تزال النتائج مفاجئة بشكل إيجابي، حيث حققت نمواً بمعدل 8.5% في أول عامين من العقد. ويعني ذلك، إلى جانب العديد من الدلالات الأخرى، أن للصين تأثيراً هاماً على دول مجموعة بريكس، وهو أمر ربما يكون صحيحاً عند الحديث عن إقامة بنك لدول المجموعة ومناقشة شكله ومضمونه، وتبدو روسيا أقل اهتماماً بالبنك، بل إنها تبدو كما لو كانت تتساءل عن مدى الحاجة إلى البنك. وفي الوقت الذي تتزعم فيه الصين دول المجموعة اقتصادياً، فلا يمكن التغاضي عن حجم الدول الأخرى. فكل من البرازيل والهند وروسيا تقع ضمن أكبر 10 اقتصاديات في العالم، كما أن الزيادة المركبة في حجم اقتصاديات تلك الدول، والتي بلغت 2.3 تريليون دولار أميركي عام 2011، كانت تعادل إقامة إيطاليا من جديد في ذلك العام. وبينما ساهمت الصين بأكثر من نصف ذلك النمو فقد شاركت الدول الأخرى مجتمعة بنمو يضاهي تريليون مليار دولار. خيبة أمل من الإنصاف القول بأن كلاً من البرازيل والهند تشهدان خيبة أمل في العقد الحالي، وبخاصة في عام 2012 الذي اتسم بالركود الاقتصادي. وفي حالة البرازيل فالافتراض بأن معدلات نموها ستتسارع خلال العقد. وقد يعني ذلك أن تفكّر البرازيل بالمزيد من المبادرات التي تعزز نموها، بما في ذلك التحالف مع الدول الرئيسية الأخرى في المجموعة. الدور المحتمل تكمن أهمية البنوك التنموية الوطنية عادة في أنها تموّل المشاريع الاقتصادية طويلة الأمد التي تصب في مصلحة البلاد، وتتسم بكونها خارجة عن حدود إمكانات القطاع الخاص. وبالنظر إلى الآثار الباقية من الأزمة بعد عام 2008، جرت العديد من النقاشات حول مؤسسات من هذا النوع ضمن ما يسمى بدول العالم المتقدم. وتحدثت في عدة مناسبات عن الجدل المتوقع حول موقع المقر المحتمل لبنك دول بريكس، وقد تكون لندن خياراً جيداً، فالصحف البريطانية تتحدث بشكل موسع ومستمر عن إقامة بنك وطني في المملكة المتحدة، وهو أمر قد يقنع أصحاب القرار بالتركيز على البنية التحتية في البلاد بدلاً من غيرها.