تحقيق منة عصام: بعد نجاح شخصية «البلطجى» بكل ملامحه الشكلية والأخلاقية فى فيلم «الألمانى»، وما تبعه من نجاح لفيلم «عبده موتة» فى مدة قصيرة على مستوى إيرادات شباك التذاكر الذى اقترب من 15 مليون جنيه، بدأ يتبادر إلى الأذهان تساؤل مهم: هل ما تركه هذا النموذج من تأثير ورواج سيؤدى لعودة البطل الشعبى «شجيع السيما» بكل متناقضاته الشخصية؟ وهل هذا سيشجع منتجى السينما ومؤلفيها على كتابة مزيد من تلك الشخصيات.. أم أن هذا النجاح مؤقت ولن يتبعه مزيد من الإنتاجات لهذه الشخصية؟.. تساؤلات طرحتها «الشروق». المخرج والمؤلف علاء الشريف صاحب فيلم «الألمانى» يقول إن نجاح فيلمه ومن بعده «عبده موتة» هو بالفعل خطوة وتمهيد لهوجة من الأفلام الشعبية التى تتخذ من الحارة والبطل الشعبى والأفراح الشعبية موضوعات رئيسية لها فى الفترة المقبلة، كاشفا عن أن كثيرا من المنتجين والمؤلفين تسبب نجاح «عبده موتة» وقدرته على حصد كل تلك الإيرادات فى إغرائهم بكتابة موضوعات عن الأحياء الشعبية. وبالرغم من ذلك فإن الشريف قال: «الجمهور المصرى لا يمكن خداعه أو الضحك عليه، والجمهور ليس لديه الولاء لنجم معين بقدر ولائه لنفسه ومزاجه فقط، لأنه فى النهاية يختار العمل الممتع المشوق بصرف النظر عن نجمه أو موضوعه، وإذا لم يكن عبده موتة مشوقا وممتعا لما أقبل عليه المشاهدون». وأضاف: «المنتجون اكتشفوا نوعية وشريحة جديدة من الجمهور، ويرغبون فى الفترة المقبلة أن يقدموا لها ما تريده ولكن إذا لم يكن ممتعا فلن ينجح إطلاقا، وسأضرب مثلا على ذلك، فعندما نجح مكى فى تقديم سينما البارودى الساخرة من الأشياء المحيطة بها قدمها ثانية فى فيلم (سيما على بابا) الذى لم يلقَ قبولا لدى الجمهور بشكل كبير»، وأكد أن أهم شىء بالنسبة لأى فيلم هو الأيام الأولى لطرحه فى السوق، والتى تقرر مصيره بنسبة كبيرة للغاية. وقال إن شخصية البطل الشعبى قد لا تحقق إقبالا رغم نية الكثيرين تقديمها فى الفترة المقبلة عليها، وفى النهاية الشىء الممتع المكتوب بجودة هو المهم، وضرب مثلا على ذلك بفيلمى «إكس لارج» الذى حقق أكثر من 20 مليون جنيه و«المصلحة»، وكلاهما ليس لبطل شعبى. أما المؤلف عباس أبوالحسن صاحب فيلم «إبراهيم الأبيض» فكان له رأى آخر، شرحه قائلا: «فى أوقات الأزمات تكثر الأعمال الفنية دون المستوى، مثلما حدث فى الفترة التى أعقبت نكسة يونيو عندما انتشرت الأفلام غير الهادفة والتى توصف فى بعض الأحيان بالرديئة، وللأسف نحن الآن فى فترة أزمة كبيرة أعتقد أنها ستستمر لمدة طويلة وخير دليل على ذلك فيلم شارع الهرم الذى حصد إيرادات كبيرة جدا لأن الناس احتاجت للخلطة التى توافرت فيه من رقصة وأغنية وشجيع سيما». وأضاف: «بناء على ذلك فإنى لا أتوقع أن يرتفع مد أفلام (شجيع السيما) أو تلك التى تتخذ من البلطجية أبطالا لها إلا قليلا فى الفترة المقبلة، ومع الأسف المنتجون يستغلون الإقبال على تلك النوعية التى أصفها ب«الرديئة» لكى يحققوا مكاسب مالية، ويراهنوا على محدودى الدخل والثقافة الذين تلفتهم تلك النوعية». وواصل عباس كلامه: «للأسف فترة الأزمة الراهنة أعتقد أنها ستستمر لفترة طويلة، فكل ما يرتفع المد الإسلامى سيرتفع معه تلك النوعية من الأفلام التى تتخذ شجيع السيما والأغانى الشعبية موضوعا لها وكل واحد سيقول (أنا حر فيما أقدمه)، وبالتالى سيظهر الصراع الوهمى على حرية الإبداع». «والله أنا لو عندى فيلم مثل عبده موتة والسيناريو الخاص به جاهز تماما، والممثلون موجودون وكذلك المخرج «والله معرفش أعمله».. بهذه الكلمات عبر المنتج السينمائى د.محمد العدل عن الحالة التى تسود حاليا السينما، قائلا: «السبكى له خلطته الخاصة به وأسلوبه الذى يجيد العمل به فى أفلامه وأقسم بالله أنى «معرفش أعمل النوعية دى لأن هذه مدرسته». وتعليقا على أن الفترة المقبلة ستشهد تصاعدا فى إنتاج مزيد من الشخصيات السينمائية المشابهة لعبده موتة، فاجأنا العدل بالقول: «الفترة المقبلة ليست فترة سينما أصلا، فكيف أنتج فيلما وأعجز عن تسويقه فى ظل تلك القنوات التى تسرق الأفلام (عينى عينك) والدولة غائبة عنها ولا رقيب يوقف هذه المهزلة، فمثلا فيلم (فاصل ونعود) إحدى القنوات الناشئة قامت بسرقته وعرضه قبل العيد بشهر فى حين كانت قناة روتانا سينما تنوه بإعلانات عن عرضه فى عيد الأضحى، لكن السرقة أثرت على العائد الإعلانى للقناة، فالقرصنة وصلت لأبعاد خطيرة يجب الوقوف أمامها بكل حزم». وقال العدل: «الحل مع هذه المهزلة أن نصنع أفلاما تستطيع حصد 15 مليونا فى أسبوع مثلما فعل عبده موتة حتى يستطيع المنتج تغطية التكاليف، وهذا طبعا مستحيل»، وأضاف: «لا ينتج أحد الآن سوى السبكى ونيو سنشرى، وكل منهما له سماته، ولو الصناعة مستمرة بشكل جيد وننتج حوالى 30 فيلما فى السنة، وقتها سيكون عبده موتة مجرد رقم فى عدد كبير، ولن يتوقف أحد عنده». وأكد قائلا: «للأسف نحن نعيش زمن الترامادول، والشعب يعانى من إحباط شديد، والمنتجون يستغلون هذا لتغييبه أكثر، فلو شاهدتى نوعية جمهور العيد هذا العام ستشعرين أنه جمهور فرح بلدى». وردا على أن بعض المنتجين اتفقوا على أن إنتاجهم الفترة المقبلة سيكون أغلبه على شاكلة عبده موتة ونوعية الأفلام الشعبية، قال العدل «أمتلك عقدا لمحمد رمضان يمنعه من العمل دون إذن منى، ولو كان نجاح عبده موتة مؤثر فى لهذه الدرجة كنت (جريت وراه)، لكنى أرى أن المسألة ليست مغرية بالشكل الكافى لأنه ليس شرطا أن نجاح فيلم معين سيعقبه نجاح كل النوعيات التى من نفس النوعية، فالكل لا يستطيع صنع خلطة السبكى». أما المنتج محمد حفظى فقد حسم أمره فى جملة قائلا: «حجم الإيرادات لا يهمنى وليس المشجع الرئيسى، والأهم بالنسبة لى هو دراما الفيلم، وعلى الرغم من ذلك أثق أن حجم إيرادات عبده موتة ممكن يؤدى لإنتاج مزيد من الأفلام على نفس النوعية».