يعتبر معدل استهلاك المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة واحداً من أعلى المعدلات في العالم، وهو أمر يدق ناقوس الخطر، ولاسيما في ظل ندرة موارد المياه الطبيعية في المنطقة والطلب المتزايد على المياه. فكما نعلم، فإن الموارد المائية تُعَدُّ ثروة من الثروات الطبيعية للوطن، وكما أن للجيل الحالي حق الانتفاع بها، فإن مسؤولية المحافظة عليها وواجب حمايتها من الهدر والاستنزاف تقع على عاتقه؛ لضمان حق الأجيال القادمة فيها، ولن يكون ذلك إلا من خلال ترشيد استهلاك المياه. وفي إطار المسؤولية المجتمعية لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وجهوده المستمرة في هذا الشأن، من: تنظيم المؤتمرات والمحاضرات والندوات المتعلقة بأمن المياه، مروراً بإصدارات المركز في هذا المجال. من هذا المنطلق، وجَّه سعادة الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام (مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية)، إدارة استطلاعات الرأي في المركز بإجراء استطلاع للرأي لتقييم مستوى الوعي المجتمعي بأهمية ترشيد استخدام المياه بين مواطني الدولة؛ للوقوف على أبعاد هذه القضية ودرجة الوعي المجتمعي بها، تمهيداً لوضع الخطط والتوصيات اللازمة التي تضمن الحفاظ على مواردنا المائية وحمايتها من الهدر والاستنزاف. وقد طُبِّق الاستطلاع ميدانياً على عينة قوامها 1000 فرد من المواطنين الإماراتيين، ومَثلت العينة مناطق دولة الإمارات العربية المتحدة كافة. وكانت نسبة الاستجابة 91.6%، بهامش خطأ أقل من 5.3%، عند درجة ثقة بالنتائج 95.0%. وتمثلت الأهداف الرئيسية للاستطلاع في التعرف إلى نسبة من يعتقد أن هناك هدراً في استخدام المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتعرف إلى مدى استخدام المواطنين لوسائل وطرق ترشيد استهلاك المياه، والتعرف إلى مدى الرضا عن السبل المتبعة في الدولة للتوعية بترشيد استخدام المياه. وأظهرت النتائج وجود اعتقاد واسع بين المواطنين، بأن هناك بالفعل هدراً في استخدام الموارد المائية في الدولة، حيث أعرب 84.5% من المواطنين عن اعتقادهم بأن هناك هدراً في استخدام المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت نسبة الذين عبروا عن هذا الرأي لدى الإناث أكبر منها لدى الذكور، حيث بلغت النسبة لدى الإناث 86.4% مقابل 82.5% عند الذكور. وكان واضحاً أنه كلما ارتفع المؤهل الدراسي زاد الاعتقاد وتَعزَّز بأن هناك هدراً في استخدام المياه، حيث أظهرت النتائج أن 88.9% من حملة شهادات الدراسات العليا يعتقدون ذلك، بينما بلغت النسبة عند من يحملون مؤهلاً دراسياً "أقل من الثانوية" 67.9%. وعلى صعيد المناطق السكنية، تصدرت منطقة أبوظبي القائمة بنسبة 93.8% من الذين يعتقدون أن هناك هدراً في استهلاك المياه، بينما حلت إمارة أم القيوين في ذيل القائمة بنسبة 57.9%. وفيما يتعلق بوسائل وطرق ترشيد استهلاك المياه، أظهرت النتائج أن نسبة المستطلعَة آراؤهم الذين يقومون دائماً بإقفال صنبور المياه أثناء غسل الوجه، وتنظيف الأسنان والحلاقة هي 34.9%، بينما بلغت نسبة المواطنين الذين يرشّدون استهلاك المياه بشكل دائم أثناء الاستحمام 58.4%. وصرح 32.8% من المواطنين بأنهم يرشّدون استهلاك المياه بشكل دائم في المطبخ. كما أظهرت النتائج أن نسبة ترشيد المياه عبر استخدام أقل كمية من المياه عند غسل السيارة هي 31.8%، فيما بلغت نسبة استخدام وسائل ترشيد المياه في أحواض السباحة المنزلية 22.1%. أما نسبة المواطنين الذين يستخدمون التقنيات والأجهزة الحديثة الموفرة للمياه فقد بلغت 24.1%. وحول مستوى الرضا عن السبل المتبعة في الدولة للتوعية بترشيد استخدام المياه، سُجلت أعلى نسبة للرضا في أم القيوين 43.9%، بينما كانت أقل نسبة في عجمان 14.1%. وكانت نسبة الرضا لدى الإناث أعلى منها لدى الذكور، حيث بلغت نسبة الإناث الراضيات جداً عن السبل المتبعة في الدولة للتوعية بترشيد استخدام المياه 21.9%، مقابل 16.9% عند الذكور. وطبقاً لمؤشر الفئات العمرية، عبر 22.2% من المواطنين في الفئة العمرية "20 فأقل" عن رضاهم التام عن السبل المتبعة في الدولة للتوعية بترشيد استهلاك المياه، فيما قال .011% ممن يبلغون (31-40) عاماً أنهم غير راضين تماماً عنها. كما اختلفت معدلات الرضا بحسب المستوى التعليمي، وكانت أقل نسبة رضا تام عند حملة شهادات الدراسات العليا، حيث بلغت 16.7%، فيما بلغت أعلاها عند حملة شهادات "الثانوية" بنسبة 24.3%. في المقابل بلغت أعلى نسبة عدم الرضا تماماً 16.7% عند حملة شهادات الدراسات العليا، وأقلها عند حملة شهادات "الثانوية" بنسبة 6.0%. وفي ضوء هذه النتائج، خلصت الدراسة إلى تقديم عدد من التوصيات المهمة التي يمكن أن تسهم في تعزيز التوعية بترشيد استهلاك المياه وتقليل معدلات الهدر والاستنزاف، من أبرزها: 1. ضرورة تفعيل دور الإعلام ومسؤوليته تجاه التوعية بترشيد المياه، وتكثيف الحملات الإعلامية لدى طلاب المدارس والجامعات في هذا الشأن؛ لغرس هذا السلوك لديهم. 2. إصدار بروشورات خاصة بتعليمات ترشيد المياه، وذلك باللغات العربية والإنجليزية واللغات الأخرى المتداولة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتوزيعها على سكان الدولة في جهات العمل والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة، والمعارض بشكل عام، ومنافذ الدولة جميعها والمطارات، والمدارس الحكومية والخاصة، وأخيراً المنازل، بالإضافة إلى تكثيف الحملات الإعلانية عن التقنيات الحديثة الموفِّرة للمياه، وتعريف الجمهور بها وبمبادرات الدولة في هذا الشأن. 3. تفعيل المسؤولية المجتمعية وتعزيزها لجهات العمل والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة بشأن الحفاظ على الموارد المائية من خلال إشراكها في حملات ترشيد المياه. 4. إلزام جهات العمل والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة، وجميع المرافق الخدمية ومراكز التسوق، وأصحاب البنايات والمنازل بتركيب الوسائل الموفرة للمياه، وفرض غرامات عليهم في حال عدم الالتزام، وعدم ترخيص البنايات التجارية والفنادق ومراكز التسوق والمحلات التجارية الحديثة ما لم تتوافر فيها أفضل الوسائل الموفرة للمياه، وعدم تجديد الرخص التجارية للقديم منها. 5. إقامة معارض خاصة بمنتجات ترشيد استهلاك المياه والكهرباء. 6. وضع نظام تسعير لاستهلاك المياه، بحيث إذا تم تجاوز المعدل المتوسط للاستهلاك تتم مضاعفة سعر الوحدة.