ناظم المسباح إن الله لا يملّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يمل حتى تملوا» هل تنسب لله تعالى صفة الملل؟ أفتونا مأجورين. * الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله، وبعد: هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة فقال: «من هذه»؟ قالت: فلانة تذكر من صلاتها، قال: مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا، وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه (الفتح 1/110). استدل بعض العلماء بهذا الحديث على إثبات صفة الملل لله تعالى، ولكن ملل الله سبحانه ليس كملل الخلق، إذ ان مللهم قصور، لأنه بسبب الضجر والسآمة واستثقال الأمر وهذا محال في حق الله تعالى بالاتفاق. قال القاضي أبو يعلى الفراء: «اعلم أنه غير ممتنع إطلاق وصفه تعالى بالملل لا على معنى السآمة والاستثقال ونفور النفس عنه، كما جاء وصفه بالغضب لا على وجه النفور وكذلك الكراهة والسخط والعداوة»، كتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات بتحقيق للشيخ محمد الحمود). ومن العلماء من قال: معناه لا يعاملكم معاملة المال فيقطع عنكم ثوابه وجزاءه وبسط فضله ورحمته حتى تقطعوا عملكم، نقل النووي ذلك عن بعض المحققين (شرح مسلم 3/439). وعلى هذا فيكون المراد بالملل لازم الملل. ومن العلماء من قال إن الحديث لا يدل على صفة الملل لله تعالى إطلاقا. قال صديق حسن خان: وجنح بعضهم إلى تأويلها فقيل: معناه لا يمل الله إذا مللتم، وهو مستعمل في كلام العرب يقولون لا أفعل كذا حتى يبيض القار أو حتى يشيب الغراب (عون الباري 1/153). الخلاصة: الذي يجب علينا أن نعتقده في حق الله تعالى أن الله منزه عن كل صفة نقص من الملل وغيره، وإذا ثبت أن هذا الحديث شاهد على صفة الملل لله تعالى، فالمراد به ملل لا يشبهه ملل المخلوقين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.