نساء سورية سبايا أم حرائر؟.. وباسم يوسف مضاد حيوي لفيروس العبوس في توقيت متقارب ظهر على شاشة التلفزيون المعارضان السوريان هيثم مناع ومعاذ الخطيب ليقولا كلاماً منطقياً إنسانياً ووطنياً. والحق يقال أن مناع يتسم بهذه الصفات طوال ظهوره على الشاشات منذ الأزمة السورية وحتى قبلها. أما الخطيب وفي ظهوره مع مواطنته زينة اليازجي في برنامج 'الشارع العربي' من قناة دبي، كان غير ذاك الخطيب الذي عايناه في القمة العربية في الدوحة. كان 'خطيباً' يقر وبعد فوات الآوان 'هناك مؤامرة على سوريا'. سوريا دمرت عن بكرة أبيها عندما اكتشف الخطيب مؤامرة تدور في أفق هذا المال المنهمر كما الشتاء على المعارضة. قرر الخطيب أن يناظر بشار الأسد. ولطالما نادى عقلاء سوريا بضرورة الحوار ولم تكن هناك آذان تسمع. في لقائه مع غسان بن جدو على قناة الميادين وجدت في هيثم منّاع ذلك الإنسان الذي يعتصر دماً على آلام شعبه. رب حاسد لهيثم مناع إقامته الباريسية، ومع ذلك نشدد على أن الرجل وطوال الأزمة السورية يعلي صوت العقل على صوت القتل سواء من قبل النظام أو المعارضة المسلحة. حكى بهموم الناس في هجرتهم إلى دول الجوار الأمر الذي سلب منهم كل شروط الحياة البشرية. لم يقو على هضم وتقبل الخبر اليومي 'قضى اليوم 100 أو 130 سوريا'، أو خبر 'انتحار نازحة سورية في مخيم الزعتري' ، أو خبر 'بيع طفلة لجسدها كي تؤمن قوت اخوتها'. كلمة حق قالها مناع 'الطرف الأساسي في المجتمع السوري مغيب ومسحوق بين أنصار الحل العسكري..لدينا فائض من السلاح في سوريا.. يكفي قتلاً'. هل من يسمع هذا النداء؟ هل من يهب لإنقاذ من تبقى من نساء وأطفال سوريا؟ أم هو نداء في وادٍ في ظل قنبلة مناع بالقول بوجود 'سوريا غيت'؟ وبحسبه في سوريا جهات تقاتل وموازناتها أكبر بكثير من موازنات بعض الدول، وهي ترى مصلحتها في استمرار القتال الى ما شاء الله. هل سيكون لممولي الحرب على سوريا الأسخياء فوق العادة أن ينظروا إلى عذابات الشعب السوري المقتول في وطنه، المهجر في أرضه وخارجها؟ أليس كافياً كل هذا الموت وكل هذا الدمار؟ وبالنهاية سيأخذ الحوار دوره. فلماذا ليس الآن رحمة بمن تبقى؟ نساء سوريا سبايا أم حرائر؟ أفتى الشيخ الأردني السلفي ياسر العجلوني بأن نساء الطائفة العلوية في سوريا هنّ سبايا عندما يأسرهن الجيش الحر! حمل برنامج 'العد العكسي' من قناة الميادين هذا القول إلى المرجع الديني محمود عاشور الوكيل السابق للأزهر الشريف فكان هناك توصيف وشرح لمعنى الكلمة. فالسبية هي المرأة التي يمكن وطأها من دون زواج. ويقول عاشور بأن السبايا كنّ في عصر الرق، وعندما جاء الإسلام حول النساء إلى حرائر. وفي وصفه لهذه الفتاوى قال عاشور: هناك تحوير لما جاء في الدين لأهداف خاصة.. نساء سوريا حرائر ويستحققن أن نقف على شؤونهن.. السبي لا ينطبق عل نساء سوريا.. سوريا ليست دار كفر.. في سوريا قوم يحاربون بعضهم بعضاَ وهذه آفة الأمة الاسلامية.. هذه فتاوى تخرج عن شرع الله وتشجع على الفساد والضياع.. نساء سوريا حرائر يقام عليهن ما يقام على الحرائر في كل بلاد الله. أليس لهؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم صفة مشايخ ويمطرون الناس بفتاويهم المدمرة أن يقوموا بدور إنساني في مثل هذه الأزمة الطاحنة في سوريا؟ كأن يحصنوا الصغيرات السوريات، أو يقوموا على تلبية حاجات الأسر البديهية على الأقل، من قوت ومأوى وحفظ كرامة، بدل بذل جهودهم للخروج بفتاوى مدمرة للإسلام وللشعب السوري برمته. أليس لحبل هذه الفتاوى التي تطالعنا من هنا وهناك من نهاية؟ أليس من قائم يقوم على هؤلاء الشيوخ المزروعين على الفضائيات ويعملون لجعل الإسلام ديناً مناهضاً للمرأة وكيانها وحريتها. ساعة بجعلها سبية، وساعة يدعون مراهقات تونس للسفر إلى سوريا تنفيذاً لما أطلق عليه جهاد المناكحة. باسم يوسف مضاد حيوي للعبوس لو تقدم الرئيس المصري محمد مرسي باستقالته وترشح باسم يوسف بين المرشحين الكثر لهذا المنصب لمن المؤكد أن الفوز سيكون من نصيبه، وبنسبة تصويت محترمة، وليست هزيلة كتلك التي كانت في الانتخابات الأخيرة. بعد خضوعه للتحقيق بات الشعب المصري بأغلبيته يهتف 'كلنا باسم يوسف'. قدم باسم يوسف 19 حلقة من برنامج 'البرنامج' وحصد فقط 29 دعوى قضائية بتهمة إهانة الرئيس وازدراء الأديان، لكنه خرج بكفالة. باسم يوسف الطبيب الذي يداوي القلوب أخذ على عاتقه مداواة الأيام الداكنة للشعب المصري بسلاح السخرية والضحك. رجل بدأ الظهور على الناس عبر اليوتيوب وأنتقل لاحقاً إلى شاشة التلفزيون. ومنذ وصوله إلى قناة CBC والرئيس مرسي ضيفه الدائم رغم تعدد ضيوفه. سريعاً تحول إلى حديث الناس، وباتت فقرات برنامجه تتناقل عبر الأفواه، ليس في مصر وحسب بل كذلك في كل أنحاء العالم. وعندما عبر النظام القائم في مصر عن غبائه المطلق باستدعاء باسم يوسف للتحقيق، فهو أسدى له خدمة العمر. بين ليلة وضحاها تحول إلى حدث اعلامي عالمي. ظهر في كبريات صحف العالم: لوموند، غارديان، نيويورك تايمز وغيرها. كذلك ظهر على قنوات CNN و BBC، ولم تهمل القنوات اللبنانية دورها، فأفردت له ضمن نشرات الأخبار مساحة يستحقها. بمواجهة باسم يوسف المضاد للكآبة لم يجد النائب العام المصري من يسانده. وجد نفسه وحيداً بمواجهة يوسف. حتى أن بعض مقدمي البلاغات بحق يوسف سارعوا للقول بأنهم سوف يسحبونها. ومن بين هؤلاء المتحدث باسم محامي مصر الذي برر فعلته بالقول 'لأن المحامين لن يكونوا وسيلة للنيل من الإعلامي الساخر'. أما المحامون الذين أحاطوا بيوسف خلال مثوله أمام النائب العام، فكانوا بمجملهم من الاسلاميين، وذلك رغم تعدد الدعاوى التي تقول بازدرائه للدين. فمن قال بأن من اشتكوا على باسم هم مسلمون أكثر منه؟ باسم يوسف الذي جمع المصريين في المقاهي والحارات أمام شاشة التلفزيون، تماماً كما كانوا يفعلون أيام مباريات الزمالك والأهلي، شكل في حياتهم محطة بهجة اسبوعية، في مواجهة ذاك العبوس الذي انتشر بعد حرف الثورة المصرية عن مسارها. بات باسم يوسف ضحكاً بمواجهة العبوس. حركة بمواجهة الأجساد المتخشبة. والوجوه المجمدة التعبير، والشفاه التي لفحتها رياح الخماسين. وعندما أراد مرسي تعميم عبوسه على كل الشعب المصري كان له بالمرصاد باسم يوسف، مذيع محنك لحق بهفواته خطوة خطوة. وهكذا كسر هيبة كرسي الرئاسة المصرية، وأسقط بالضربة القاضية محاكم التفتيش الاخوانية. فلم يكن باسم يوسف يحلم بفرصة كتلك التي منحه إياها حكم الاخوان في مصر. هم الذين تميزوا بالصدور الضيقة والأفق المحدود. وأثبتوا سريعاً فشلهم في امتحان السلطة. حيث لا صبر لهم ولا حنكة سياسية ولا حتى اقتصادية. وفوق هذا جميعه يريدون تعميم العبوس. وكأن الضحك في قاموسهم معصية. وهكذا جاء باسم يوسف ليكون ثورة ضمن الثورة. جاء كحركة تصحيحية يؤيدها كل الشعب. فهل ستقدم محاكم التفتيش على محاكمة باسم يوسف أو سجنه؟ إن فعلت فهذا سيكون ضرباً موفقاً جداً في فنون الغباء. فلكلور مصر الرائع بصوت الممثلة المسرحية والمؤدية المصرية دنيا مسعود سمعنا صنوفاً من الفلولكلور المصري الرائع. كانت في ضيافة زاهي وهبي في 'بيت القصيد' من تلفزيون الميادين. صبية تتسلح بالكلمة تقولها حيث يجب. متعمقة في حرفتها الفنية، بل هي تسري في دمها. صبية كانت جزءاً اساسياً من ثورة شباب مصر، إلى أن طالعتها الصدمة الكبرى: قضايا النساء ليست أولوية الثورة. قول لم يأت من الإخوان فقط بل حتى من رفاق الدرب والفكر. ولهذا كانت الصدمة أكبر. ولأن دنيا مسعود ممثلة مسرحية كانت لها قدرة فائقة في أن تعكس الأجواء الدرامية على الفلكلور المصري الذي لا حدود له. غنت بدون موسيقى، وكان لصوتها وقع السحر لشدة ما يحمله من تعبير. بصوتها وصلتنا مجموعة جميلة جداً من تراث مصر الغنائي الغني. دنيا مسعود فنانة حقيقية. صحافية من لبنان