يهود أمريكا يطالبون نتنياهو بالإقدام على تنازلات موجعة عن الأراضي بهدف التوصل لسلام مع الفلسطينيينالناصرة 'القدس العربي' كشفت مصادر مطلعة جدا في الولاياتالمتحدة أمس الخميس النقاب لمراسل صحيفة 'هآرتس' العبرية في العاصمة واشنطن، حيمي شاليف، أنه عشية زيارة وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، للمنطقة تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رسالة موقعة من قيادات بارزة في الجالية اليهودية في أمريكا تدعوه للعمل سوية مع كيري، بهدف الوصول إلى ما أسموه بالمبادرات العملية والتي تتمثل في استعداد الدولة العبرية لتقديم تضحيات وتنازلات مؤلمة عن أراضٍ من أجل التوصل إلى سلامٍ مع الفلسطينيين، على حد تعبيرهم. وتابع المراسل الإسرائيلي قائلا في تقريره الحصري إن الرسالة المذكورة، التي تم تسليمها الأربعاء، إلى ديوان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي والى سفارة تل أبيب في واشنطن، دعت إلى استثمار زيارة اوباما لإسرائيل واتخاذ خطوات محددة لبناء الثقة يؤكد على التزام إسرائيل بمبدأ حل الدولتين لشعبين. ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن الرسالة خلت من أي انتقاد لسياسة نتنياهو، لا بل يثني كاتبوها على قدرته القيادية التي أبداها في المصالحة مع تركيا، وبالإضافة إلى ذلك، وجهوا له دعوة لإبداء قدرة قيادية مشابهة تعيد الطرف الفلسطيني إلى طاولة المفاوضات. وبحسب المصادر عينها، فإن من ويقف وراء الرسالة بشكل أساسي هي منظمة IPF ووقع عليها شخصيات بارزة في الجالية اليهودية في الماضي والحاضر، يحسب غالبيتهم ينتمون لمعسكر الوسط أو اليسار، بينهم وزير الدفاع الأسبق دوف زاكهايم وتشارلز برونفمان وداني ابرامز ومدير عام (ايباك) السابق توم دايان ومدير الحركة الإصلاحية ريك جيكوبس والباحثة في شؤون الهولوكوست إبان الحرب العالمية الثانية، البروفسور دفورا ليفستدت، ورئيس الوكالة اليهودية الأسبق ريتشارد بارلسون، والعديد من كبار رجال الأعمال والمنظمات اليهودية في أمريكا. وجاءت هذه الرسالة بعد أقل من شهر على اختتام أعمال المؤتمر السنوي لرؤساء المنظمات اليهودية في أمريكا، وشارك فيه أكثر من ألف شخصية، حيث عبر العديد من المتحدثين عن قلقهم الجدي من العلاقات بين اليهود الأمريكيين والدولة العبرية، مشددين على ظاهرة ابتعاد أوساط واسعة من الجيل الشاب من يهود أمريكا عن اليهودية، وبحسبهم فإن مرد ذلك يعود إلى اختلاطهم بالزواج من غير اليهود، وضياع الهوية اليهودية لليهود المهاجرين من إسرائيل، الذين يبلغ عددهم، مليون يهودي منذ قيام دولة الاحتلال في العام 1948 على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني. وركز المؤتمر هذا العام على مشكلة يهودية اليهود خارج إسرائيل، حيث تبدي حكومة بنيامين نتنياهو اهتماما غير عادي بها يمكن اعتباره ثورة، كما قال المصادر في تل أبيب، وحسب معطيات المؤتمر، بلغت نسبة الشباب اليهودي من العلمانيين في الولاياتالمتحدة الذين تزوجوا من غير يهوديات 80 بالمئة، وهناك تراجع عن الشعور بالعلاقة للشباب اليهودي الأمريكي بدولة الاحتلال، كما أن هناك قسما، الذي هجروا الدولة العبرية خلال الستين عاما الأخيرة، ولم يعودوا يرتبطوا بإسرائيل ولا يزورونها، وهناك ضعف يصيب المنظمات اليهودية ونشاطها. ولفت المصادر عينها إلى أن الباحث في (معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي) في تل أبيب، البروفسور دوف ميمون، أكد في كلمة ألقاها أمام المؤتمر على أن هناك مظاهر مقلقة في علاقات اليهود الأمريكيين واليهود الإسرائيليين، وخلافات كثيرة في قضايا كثيرة، وكلما جرى الحديث عن مجموعات جيل أصغر تتعمق أكثر هذه الخلافات، على حد قوله. من ناحيته قال غدعون مئير، المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية إن قسما كبيرا من مفاهيم القربى بين إسرائيل واليهود في العالم بدأت تضمحل، فقط اليهود الأغنياء في الولاياتالمتحدة يقومون بإرسال أولادهم لمدارس تعلم القيم اليهودي، وتابع قائلا علينا أن نجد طريقة لجذب هؤلاء اليهود لزيارة إسرائيل، والمكوث فيها سنة أو أكثر، حتى يعززوا الروابط بها، ويدركوا أنها دولة لجميع اليهود في العالم، فالغالبية الساحقة جدَا منهم لم يزوروها بعد، على حد قوله. كما طرح المؤتمر مسألة اغتراب الأجيال اليهودية الناشئة عن إسرائيل والأطر اليهودية والصهيونية، ذلك أن الاغتراب وعدم الانخراط في المؤسسات اليهودية في أوطان اليهود المختلفة، يقللان إلى درجة كلية احتمالات أن يهاجر هؤلاء لإسرائيل، ولأن هذه الظاهرة آخذة بالتزايد، فإن القلق بات تجاه الأجيال التي ستأتي بعد هؤلاء، ممن لا يشعرون بانتماء لإسرائيل والأطر اليهودية، التي بغالبيتها الساحقة تبادر لإقامتها الوكالة اليهودية. بالإضافة إلى ذلك، قال الموقع إن المؤتمر قام بالتركيز على ما أسماه الجانب الإبداعي والثقافي لأبناء الديانة اليهودية في أوطانهم، رغم ظهور لهجة قلق من توجهات الأمريكيين اليهود، حيث أن لدى الكثير من القادة الشباب منهم، باتت أسئلة العدالة الاجتماعية ثاقبة أكثر، بشكل خاص حينما ينتقد هؤلاء السياسة الصهيونية.
