بينما تستأنف إيران والسداسي الدولي المحادثات الثنائية حول البرنامج النووي الإيراني وسبل التحكم في شقه العسكري اليوم 5 إبريل في العاصمة الكازاخستانية آلماتا. وفيما تقود المحدثات باسم السداسي الدولي الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية كاثرين اشتون، التي أعلنت أمس عقب محادثات أجرتها في تركيا أنها تشعر بتفاؤل حذر تجاه فرص تسجيل تقدم في المفاوضات مع إيران. يتابع الدبلوماسيون في بروكسل مجددًا عن كثب تحركات آشتون، التي لم تتمكن عمليًا ورغم العديد من جولات التفاوض في إسطنبول وبغداد وآلماتا من انتزاع تنازلات جوهرية من الجانب الإيراني. ويقول الاتحاد الأوروبي رسميًا: إنه «لا يزال ينتهج سياسة المسار المزدوج في تعامله مع طهران، أي التلويح بالحوافز والامتيازات الممكن تقديمها لطهران في حالة استجابتها لمطالب السداسي الدولي من جهة، ومن جهة أخرى الاستمرار في نهج فرض التدابير القسرية التي تطول المسؤولين والمؤسسات الإيرانية ذات الصلة بالبرنامج النووي». ورغم التفاؤل الذي لوحت به آشتون، فإن مناخًا من التشكيك يسود الأوساط الدبلوماسية في بروكسل وغيرها من العواصم الغربية لعدة أسباب، أهمها الاعتقاد الراسخ لدى القيادة الإيرانية بأنه بالإمكان الاستمرار في كسب الوقت، وهو العامل الرئيس للسياسيين الإيرانيين منذ أكثر من عقد من الزمن في تعاملهم مع المفاوضات في الملف النووي. وتعتبر إيران تحكمها في الطاقة النووية للاستخدام المدني حقًا غير قابل للنقاش، لكن المسؤولين في بروكسل وحلف الناتو يعتقدون أن إيران تمتلك برنامجًا من شقين مدني وعسكري، وأنه طالما استمرت الشكوك حول الشق العسكري فإن الخلافات ستستمر مع طهران. وتوجد انقسامات واضحة داخل السداسي الدولي في التعامل مع إيران. حيث ترفض روسيا والصين لأسباب سياسية واستراتيجية واقتصادية توسيع رقعة العقوبات والتدابير القسرية حاليًا، وهو ما يشجع إيران على كسب الوقت. كما أن أهداف المفاوضين الأوروبيين والإيرانيين من خلال اللقاءات ليست متشابهة، حيث تريد إيران مجرد تجنب مزيد من العقوبات عبر التلويح بتنازلات محدودة، في حين يأمل الأوروبيون بقيادة آشتون الحصول على ضمانات يمكن التحقق منها بشان طبيعة البرنامج الإيراني. ووفق مصدر موثوق في بروكسل، فقد عرضت أشتون بالفعل حوافز خلال الجولة السابقة من المفاوضات على إيران، بما فيها تخفيف تدريجي للتدابير القسرية أو بعض مكنها مقابل أن يعود الوفد الإيراني برد صريح عن آلية التحقق من الأنشطة النووية. ويستبعد المراقبون حصول هذا الأمر حاليا، وذلك لسببين رئيسين، وهما اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو المقبل في إيران ورغبة مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي توجيه رسالة حازمة للطبقة السياسية الإيرانية ولأغراض داخلية. وثاني الإشكاليات هي رغبة إيران في انتزاع تنازلات في الملف السوري، وتردد الأوروبيين في الخوض في ذلك على الأقل ظاهريًا. ويريد الإيرانيون الإيحاء بتسجيل تقدم ولو طفيف كل مرة لتجنب مواجهة أو أزمة حادة والحفاظ على قيمة الريال، وهو أهم عنصر لهم من الناحية الاقتصادية وتجنب عملية عسكرية وهو أهم عنصر من الناحية الأمنية. أما اشتون والدول الغربية فهي تردد أنها تنتهج الدبلوماسية السلسة، وترفض التعنت وتعتبر أن العقوبات الاقتصادية والمالية تظل كافية.