تقاوم (أم عمر - 35 عاماً)، على طريقتها في جبل التركمان شمال سورية، عن طريق تحضير كميات هائلة من الطعام يومياً لمقاتلي المعارضة في المنطقة. وتقول لوكالة «فرانس برس» وهي تخرج قطعاً صغيرة من البطاطا من قدر يغلي فيه الزيت على النار: «كل صباح، استيقظ قرابة الخامسة من اجل تحضير الطعام لهم. لم أتخلف يوماً واحداً منذ سنة تقريباً». وامضت (أم عمر) كل فترة قبل الظهر وهي تقشر البطاطا وتقطعها. ويقول (أسعد)، وهو مقاتل من جبل التركمان الواقع في محافظة اللاذقية (غرب) التي تتحدر منها عائلة الرئيس السوري بشار الأسد: «تحت الثلج، تحت المطر، واحياناً تحت وابل من القذائف، لم تتوقف عن تحضير الطعام لنا». ويقول (أبوخالد)، وهو قناص في احدى الكتائب المقاتلة، انها «أم وأخت لكل المقاتلين». ويتابع «تبذل المستحيل لنحصل على كل ما نطلبه. طلب منها شاب يوماً ان تعد لنا الارز بالحليب، وبذلت مجهوداً جباراً لتحصل على كل مكونات طبق الحلوى هذا، وفي اليوم التالي، أكلنا الأرز بالحليب». ويتابع وهو يقدم لعدد من المقاتلين حصة من طبق البطاطا مع الارز الذي أعدته (أم عمر): «الذين لا يجرؤون على القول إنها تعد طعاماً افضل من طعام أمهاتهم، يقولون على الاقل إن الطعام يملك النكهة الطيبة نفسها لطعام أمي». وتشرح (أم عمر) ان «إطعام المقاتلين طريقة للمشاركة في الثورة. هذا يلهيني ويمنعني من الغرق في اليأس كلما شاهدت القصف والاذلال الذي نعانيه من النظام». وتنهي (أم عمر) كل جملها بعبارة «الله يلعن بشار». وتوضح أنها كانت تقيم في مدينة اللاذقية قبل ان تقرر الانتقال الى الجبل للقيام بهذه المهمة. وتتابع (أم عمر): «أقسمت انني لن أنزل من الجبل الا يوم يسقط الطاغية. عندها نعود منتصرين الى منازلنا». وتروي «في البداية، لم يفقه أولادي سبب قراري، لكنني شرحت لهم دوافعي. حتى (أبوعمر) - زوجها - بات الآن موافقاً على وجودي هنا». وتضيف وهي تنتقل من قدر الى آخر، هنا تضع بعض الملح وهناك تراقب النار، «في أي حال، القرار لي، أنا أفعل ما أريد».وتتمتع (أم عمر) بكثير من الحيوية. وتقول ل«فرانس برس»: «كل يوم أصلي الفجر، أتناول قهوتي وأبدأ يومي. أقوم بزيارات الى الجيران، وكل عائلة تقدم لي شيئاً ما لأحضر الغداء. ثم أوزع الطعام الذي أعده على المقاتلين وعلى السكان في المحيط». في حديقة قريبة لعائلة تركمانية، تقوم (أم عمر) بقص النعناع والبقدونس والخس، قبل ان تعود الى مطبخها، وهو عبارة عن بضعة احجار من الاسمنت متراصة الواحد فوق الاخر، وشادر مشدود على شكل خيمة. وتشير الى أن المقاتلين المعارضين يزودونها بالمواد الاساسية لإعداد الطعام. وترتدي (أم عمر) بدلاً من اللباس الابيض التقليدي للطباخين، بزة عسكرية حصلت عليها من المقاتلين. وتقول إنها، بعملها هذا، تقوم بمقاومتهما على الارض. وتضيف «في المنزل، كنت أطبخ على الغاز. هنا، تعلمت ان أطبخ على موقد من الخشب». وتتابع ضاحكة بحماسة ظاهرة «هذه الثورة جعلتني صلبة جداً كالرجال».