تواصل مستغانمي في روايتها الجديدة «الأسود يليق بك» منظومة الصراع بين الأنثى والرجل كما عودتنا في رواياتها السابقة ذاكرة جسد وفوضى الحواس وعابر سرير.. الأنثى هذه المرة فتاة جزائرية هربت من أتون الحرب الدموية في الجزائر في الثمانينات متحدية الإرهاب بالغناء، ولما كان المرء يقتل لشبهة أقل من هذه بكثير في تلك الآونة فقد فرت بها أمها إلى لبنانمسقط رأسها.. لا تنسى مستغانمي في هذه الرواية كما عودتنا أن تعود بنا لتلك الفترة من تاريخ الجزائر التي كان الصراع محتدماً فيها بين الجيش والإرهابيين من ناحية، والإرهابيين والمجتمع من ناحية أخرى. اختارت مستغانمي للرواية (الأسود يليق بك) تلك العبارة المبهمة التي أوقعت تلك الفتاة الباحثة عن الحب في براثن رجل يملك كل شيء ويملك الذكاء والخبرة الحياتية التي تجعله يوقعها في حبه. مستغانمي تجيد العزف بالكلمات في أسلوب أدبي يقترب من الشعر رقة وعذوبة، وأبطالها دوماً يتمتعون بهذه المقدرة على التلاعب بالكلمات. رواية مستغانمي قد تكون صورة للصراع بين الشرقي والغربي، بين الغرب المادي الذي يمثله الرجل ذو الأصول الشرقية الذي يسعى للوصول لأهدافه بحنكة ومهارة وبين الفتاة الشرقية التي تغلبها العاطفة وتبحث عن الحب لكنها تصطدم بما يجعلها تختار كرامتها في نهاية تبدو مثالية للكثير من القراء، حيث تتخلص البطلة من الأسود الذي كانت تعتبره رمزاً لهذا الحب وتنجح في تحقيق التوازن النفسي وتحقيق نجاحها الشخصي بعيداً عن هذا المحب الذي ظن أنه يملك كل شيء. على طريقة الفلاش باك تبدأ مستغانمي روايتها من نقطة ما بعد انتهاء الأحداث لتعود بنا للأحداث السابقة قبل هذه اللحظة، وهي هنا تكرر ما فعلته في ذاكرة الجسد أو عابر سرير، لكن اللافت هنا أن الراوي للأحداث ليس واحدا بل جعلتها هي الراوية مرة أو هو الراوي مرة، وأحياناً تتدخل أحلام لتكمل السرد بأسلوب الراوي العليم. أهي محاولة لتصوير الصراع الطبقي بين الأغنياء والفقراء والانتصار للفقراء أم دعوة للتفاؤل وقهر اليأس كما تقول في الإهداء، أم لمحة وفاء لأصولها الجزائرية بالإشارة لتاريخ بلدها، ربما تحتمل الرواية قراءات أخرى لكنها في النهاية تبقى عملاً إبداعياً متميزاً ومتألقاً وأنصح الجميع بقراءتها.