GMT 0:00 2013 السبت 6 أبريل GMT 2:10 2013 السبت 6 أبريل :آخر تحديث مواضيع ذات صلة محمد عبيد حسناً فعل المجلس الأعلى لمشيخة الأزهر عندما صدّ محاولات جماعة "الإخوان المسلمين" التدخل مباشرة في شؤونه، وتسييس مسألة تسمم مئات الطلاب في جامعة الأزهر، رغم كونها إنسانية وإدارية بالدرجة الأولى، وكانت خطوته إقالة رئيس الجامعة وإعلان إجراء انتخابات عاجلة لاختيار خلف له، والإجراءات الإدارية، وإحالة المسؤولين عن القضية إلى التحقيق، وعزل آخرين، خطوة في الاتجاه الصحيح . الأزهر بوصفه مؤسسة دينية لا تخص مصر وحدها بالتأكيد، فهي مركز لكل طلاب العلم من العالم الإسلامي، والمفترض أن تكون منارة إشعاع حضاري، ينشر قيم الدين الإسلامي، ويدافع عنها في وجه كل من يحاولون تشويهها، سواء في الدول الإسلامية أو الغربية، ومن هذا المنطلق، بدت محاولة جماعة "الإخوان المسلمين" استغلال حادثة التسمم وتوظيفها لأغراض سياسية، محاولة مكشوفة للتغلغل في هذه المؤسسة التي يفترض فيها الاستقلال الكامل، من جهة، وفرصة لإطاحة رئيس المؤسسة، الذي حصنه الدستور الجديد . الحادثة تضع أمام العيان مؤشراً لتطور الأوضاع في مصر، على المستوى السياسي . فالجماعة تدرك ما تفعل، وتدرك أيضاً أنها شارفت على بسط نفوذها على مختلف مفاصل الدولة . ومثل ما كانت الخطوة التي اتخذها الأزهر في الاتجاه الصحيح، ليحصّن نفسه من محاولات التسييس والاختراق الحزبي، كانت الخطوة أيضاً مؤشراً على تطور نوعي في المؤسسة على صعيد المساءلة والمحاسبة . ولعل لطلبة جامعة الأزهر الدور الأهم بالدفع في هذا الاتجاه، فالطلبة لم يوفروا الوقت أو الجهد، للضغط باتجاه كشف مكامن الخلل، ومحاسبة المسؤولين عن الاستهتار بأرواحهم، وفي الوقت ذاته، كانوا واعين لمحاولات التسييس التي تقوم بها الجماعة، فخرجت فعالياتهم الاحتجاجية في ظل وعي عالٍ بمحاذير الوضع ومتطلباته، ورفعوا شعارات تنم عن هذا الوعي، منها ما قدم المطالب، ومنها ما رفض أي تدخل في الأزهر أو محاولة لتسييس الحادثة . "الإخوان المسلمون" في مصر، يجهدون ويستغلون كل سانحة لتدعيم مشروعهم ومخططهم لإقامة نظامهم الخاص في البلاد، ويحاولون الإسراع في إنجاز الأمر، ليقينهم أن عامين من التجربة السياسية كانا كفيلين بكشف أجندة الجماعة، وبخسارتها جزءاً كبيراً من التأييد الشعبي، الأمر الذي يدفع إلى انتهاج مقاربة مغايرة للتسريع في إمساك مفاصل الحكم والدولة، قبل الانتخابات البرلمانية، التي ستحمل جديداً بكل تأكيد إلى المشهد السياسي المصري . هذا الجديد المتوقع لن يسرّ الجماعة وتيارات الإسلام السياسي بشكل عام، وقد لا يسر المعارضة أيضاً، ذلك أن قطاعات كبيرة من الشعب المصري بالأساس غير مسيسة ولا ناشطة انتخابياً، والدليل حجم المشاركة الشعبية في الانتخابات على اختلافها، غداة ثورة الخامس والعشرين من يناير، وما يخشى أن ينضم كثيرون إلى هذه الأغلبية الصامتة في ظل فشل الأغلبية الحزبية الحاكمة، وقصور المعارضين عن مجاراة آمال الناس .