خلال ثاني عروض «الدوحة للأفلام» ل «حكايات خليجية» ضمن ثاني العروض السينمائية التي تقدمها مؤسسة الدوحة للأفلام في إطار برنامج «حكايات خليجية» بمتحف الفن الإسلامي، كان لمحبي الشاشة الفضية موعد يومي الخميس والجمعة الماضيين مع العرض الأول لفيلم «وجدة» للمخرجة السعودية هيفاء المنصور التي حضرت عرض هذا الفيلم الذي صور بالكامل في العاصمة السعودية الرياض. وتدور أحداث الفيلم حول فتاة اسمها وجدة (لعبت دورها وعد محمد)، التي تنتمي لعائلة من الطبقة المتوسطة، والدها موظف غائب طيلة الوقت، ووالدتها (ريم عبدالله) موظفة تعاني يوميا من سائقها الباكستاني، وتحمل مخاوف ذهاب زوجها إلى امرأة أخرى، حيث تحلم وجدة بامتلاك دراجة معروضة في أحد متاجر الألعاب، رغم أن ركوب الدراجات محظور على الفتيات، كي تتسابق مع ابن جيرانها الطفل (عبدالرحمن الجهني) في شوارع الحارة، إلا أنها تخطط لتوفير مبلغ من المال يكفي لشراء تلك الدراجة، وذلك عبر بيع بعض الأغراض الخاصة بها، لكن خطتها تنكشف، وتجد نفسها أمام سبيل وحيد وهو المشاركة في مسابقة لتحفيظ القرآن والفوز بها من أجل تحقيق حلمها بامتلاك الدراجة. بعد أن طلبت منها مديرة المدرسة (عهد كامل) أن ترتدي العباءة وتغطي وجهها وتغير حذاءها إلى آخر أكثر رصانة، ورفض حلمها بامتلاك الدراجة الذي تعرض لرفض شديد من المحيطين بها، ومعاناة والدتها مع والدها ومع السائق جعلها تدرك أن قضيتها أكبر من مجرد الحصول على دراجة؛ حيث كان حلم الدراجة سببا في نمو وعيها بقضايا المرأة، رغم أن المخرجة وضعت نهاية للفيلم حصلت فيها وجدة على دراجتها فيما رحل أبوها نحو أحضان الزوجة الثانية تاركا أمها تغرق في وحدتها لتخرج بدراجتها إلى الشارع متطلعة نحو السيارات، وكأن حلمها يتجاوز امتلاك الدراجة إلى التفكير في شيء أكبر منها، رغم أن هيفاء المنصور أكدت في نهاية الفيلم أن «وجدة» لن يكون له جزء ثان وتفضل ترك نهاية الفيلم مفتوحة على كل التأويلات. وخلال الجلسة الحوارية التي أعقبت عرض الفيلم الذي عرض لأول مرة في مهرجان دبي السينمائي ومهرجان فينيسيا الإيطالي، أكدت المخرجة السعودية هيفاء المنصور أن «وجدة» لم يكن الغرض منه مناصرة طرف على طرف آخر وإنما كان بمثابة تجسيد للواقع الذي قدمته من خلال الفيلم الذي ينقل بعضا من واقع المجتمع السعودي ولم يكن تحديا للأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع السعودي بقدر ما كان لوحة معبرة عن فئة من فئات المجتمع، مشيرة إلى أن الفيلم سيتم عرضه في عدد من الدول العربية، لأن التوزيع السينمائي في منطقة الخليج ليس أمرا سهلا، ولكن مع شركة «روتانا» التي شاركت في إنتاجه، كما سيعرض الفيلم في الخليج وفي لبنان، وسيتم عرضه على شاشات التلفزة بعد انتهاء العروض السينمائية. وعن عرض الفيلم في المملكة العربية السعودية قالت: إنه لم يتم عرضه في المملكة بعد، وإنما قدم في عدد من المهرجانات وكانت البداية في مهرجان دبي السينمائي، وكانت متوترة أثناء عودتها للسعودية لتعرف كيف تلقى الجمهور السعودي الفيلم الذي يتحدث عن مجتمعهم، ولكنها فوجئت أنه حظي بتقدير كبير من جانب المواطن السعودي. وعن الرسالة التي حرصت على تقديمها، قالت المنصور: استطعت أن أقدم مقاربة واقعية وسأنتظر مزيدا من ردود الأفعال بعد عرضه في السينما. وعن خططها المستقبلية لتقديم أعمال مماثلة قالت: بالطبع أود أن أعود للمملكة وأصور أفلامي هناك فأنا أرغب دائما في أن أقدم قصصا حقيقية وواقعية تعكس واقع المجتمع الذي أتفاعل معه وأنقل واقعه الفعلي، مشيرة إلى أن «وجدة» تعد من القصص الحقيقية لبعض أقاربها، فيما نفت أن تكون بطلة الفيلم تجسيدا لشخصيتها لكونها أكثر جرأة منها. وفي ردها حول سؤال يتعلق بالصعوبات التي واجهت فريق العمل أثناء التصوير قالت المنصور: التصوير لم يكن سهلا، فقد تعاملنا مع تصوير الفيلم معاملة تصوير المسلسلات لكون المجتمع محافظ والسعودية بلد غير مختلط، ولم نسع من خلال العمل لتحدي التقاليد والأعراف السائدة، وكنت أصور من خلال أجهزة في سيارة ورغم صعوبة الابتعاد عن موقع التصوير نجحنا، وكنا نتدرب على المشهد الواحد كثيرا والعمل كان صعبا ومغامرة في حد ذاتها، فبعض الأحياء المحافظة رفضت التصوير وبعض الأحياء الأخرى تقبلت الوضع ببساطة. ولم تخف المخرجة السعودية أن النهاية التي وضعتها للفيلم تريد من خلالها التأكيد على طموح المرأة السعودية ولكن لن تكون هناك أجزاء لاحقة من الفيلم تقود فيها وجدة السيارة أو الطائرة، لكون الرهان في العمل ليس التحدي ولكن نقل الواقع لكونها لم ترغب في توجيه اتهام لأحد.