منحت وكالة «كابيتال ستاندردز»، الكويت تصنيفاً سيادياً طويل المدى بالعملة المحلية والأجنبية عند درجة «AA»، مع نظرة مستقبلية مستقرة، متوقعة أن تظل الكويت دائناً صافياً على المدى الطويل. ويعكس التصنيف السيادي للكويت حجم احتياطيات النفط الهائلة للدولة، ومتانة الوضع المالي ومستوى دخل الفرد، بالإضافة إلى فوائض الميزانية التي تراكمت عبر السنوات ال 13 الماضية دون انقطاع. وأشارت الوكالة إلى أن ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية، ساعد الكويت على تحقيق إيرادات وفوائض مالية، كما أن الفائض الهائل في الحساب الجاري يمثل تأميناً ضد التباطؤ الاقتصادي العالمي أو أي صراع جيوسياسي في المنطقة، لافتة إلى أن التصنيف تقيد إلى حد ما ببطء المضي في مشاريع التنمية وحالة عدم الاستقرار السياسي التي سادت خلال فترة حل مجلس الأمة، علاوة على تباطؤ النمو في القطاع غير النفطي وتحقيق تنوع نوعي في الاقتصاد الوطني، كما أن اعتماد الاقتصاد بشكل كبير على احتياطيات النفط والغاز يعرض الكويت لمخاطر تقلبات سوق النفط العالمي. وبينت «كابيتال ستاندردز» أن النمو الاقتصادي للكويت يعتمد بدرجة أساسية على احتياطيات النفط الضخمة التي تتمتع بها البلاد والتي تبلغ نسبتها 6 في المئة من احتياطيات النفط المثبتة على مستوى العالم. وتعد الكويت إحدى أكبر 10 دول مصدرة للنفط في العالم، ووفقا لبيانات صندوق النقد الدولي تعتبر الكويت ثاني أكبر اقتصاد خلال العام 2011 بين دول مجلس التعاون الخليجي. ويعتمد اقتصاد الكويت بدرجة عالية على القطاع النفطي الذي ساهم بنسبة بلغت 49.23 في المئة بالناتج المحلي الإجمالي كما في عام 2010. كما ساهم القطاع النفطي بنسبة 93.74 في المئة من إجمالي إيرادات الدولة، ولكن هذا الأمر يجعل المصدر الرئيسي لإيرادات الكويت عرضة لمخاطر تقلب أسعار النفط، إلا أن «كابيتال ستاندردز» تقدر أن المرونة المالية الكبيرة التي تتمتع بها الكويت، وكذلك ضخامة فوائض الميزانية تمثل احتياطياً وقائياً ضد تقلب أسعار النفط. ورأت «كابيتال ستاندردز» أن الاعتماد الكبير على دخل النفط في الوقت الحالي يعد سببا رئيسيا للعمل على نمو القطاع غير النفطي من أجل المساهمة في النمو الاقتصادي على المدى الطويل. ويعد الارتفاع في أسعار النفط خلال السنوات العديدة الماضية أحد العوامل الأكثر أهمية التي ساهمت في تحقيق فوائض الميزانية للبلاد. وتقدر الحكومة إيراداتها النفطية على أساس 65 دولاراً للبرميل، وهو ما يقل بنسبة كبيرة عن أسعار النفط العالمية المسجلة خلال العامين الماضيين. وقد أتاح ارتفاع أسعار النفط تسجيل فوائض في الميزانية خلال السنوات الماضية دون انقطاع. كما أن تراكم الفوائض قد عزز الميزانية العمومية للبلاد ودعم الحكومة في السيطرة على دَينها. وأشارت الوكالة إلى أن متوسط صادرات النفط بلغ 92.78 في المئة من إجمالي الصادرات للسنوات الخمس الماضية وذلك كما في عام 2011. ويتم استثمار إيرادات الحكومة من قطاع النفط من خلال الذراع الاستثمارية المتمثلة في الهيئة العامة للاستثمار. ويستثمر نحو 48 في المئة من المحفظة الاستثمارية لدولة الكويت في دول مجلس التعاون الخليجي بحسب إفادة صندوق النقد الدولي، إلا أن نسبة الاستثمار الإجمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي يغلب عليها اتجاه للانخفاض منذ عام 2007 ويرجع ذلك في المقام الأول إلى النمو المرتفع في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالاستثمارات، بالإضافة إلى ذلك، فإن نسبة كبيرة من استثمارات الحكومة موجودة في أسواق ترتبط في ما بينها بعلاقات تجارة بينية. وبحسب صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي لدولة الكويت نمواً بنسبة 6.35 في المئة خلال عام 2012، وذلك بدعم من الزيادة في الطلب والزيادة المتوقعة في إنتاج النفط. ويرجع التباطؤ الطفيف في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2012 مقارنة بعام 2011 بشكل أساسي إلى التوتر السياسي الذي مرت به الدولة خلال عام 2012، بالإضافة إلى تأخر تنفيذ مشاريع خطة التنمية التي تبلغ مدتها أربع سنوات، في حين توقعت «كابيتال ستاندردز» أن يستمر اعتماد اقتصاد الكويت على إيرادات النفط في السنوات المقبلة. وقد ظل إجمالي الدين العام لدولة الكويت منخفضاً بين نظيراتها من دول مجلس التعاون الخليجي وذلك عند نسبة 8.06 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي كما في عام 2011. وقالت الوكالة «في ضوء الوضع المالي المتين للدولة، لا يُتوقع أن يرتفع دين دولة الكويت على المدى القريب إلى المتوسط»، مشيرة إلى أن القطاع المصرفي الكويتي يتمتع بقيمة سوقية عالية (بلغت القيمة السوقية 38.08 مليار دولار خلال عام 2012) كما أنه يتمتع بالاستقرار بفضل ضوابط ورقابة البنك المركزي، إلا أن الكويت تتبنى سياسة نقدية حرة، وقد أدى ذلك إلى استمرار تخفيض سعر الخصم خلال السنوات الخمس الماضية. كما تم إجراء تخفيض آخر لسعر الخصم ليصل إلى 2 في المئة خلال عام 2012 وذلك لدعم وتعزيز توفير إقراض منخفض التكلفة في السوق ولتحسين بيئة الأعمال، وقد أدى ذلك إلى زيادة بلغت نسبتها 5 في المئة في إجمالي محفظة القروض للقطاع المصرفي خلال عام 2012. واعتبر التقرير أن ثمة جانباً إيجابياً آخر للاقتصاد الكويتي، يتعلق بصندوق الثروة السيادية الذي يعد أحد أكبر 10 صناديق في العالم. ونتج عن الجهود المستمرة التي تبذلها الكويت لتنويع الاقتصاد وضع خطة تنمية طموحة للدولة. وتضم الخطة مشاريع عدة ضخمة مثل مدينة الحرير وميناء حاويات رئيسي وسكك حديدية ومترو، بالإضافة إلى الإنفاق الإضافي على البنية التحتية والخدمات، خصوصاً في قطاعي الصحة والتعليم. وقد تم إعداد وإقرار خطة تنمية الكويت لتنويع الاقتصاد بتحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي، إلا أن تنفيذ خطة تنمية الكويت مقيد في الوقت الحالي بسبب تعقد الإجراءات وطول المدة المستندية، بالإضافة إلى ذلك فإن الكويت محصنة ضد المخاطر الجيوسياسية في المنطقة العربية بسبب العلاقات الاستراتيجية لدولة الكويت مع الولاياتالمتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. كما أن الإطار المؤسسي لدولة الكويت يمر بمرحلة تطوير، ومن المتوقع أن يتحسن مع تحقق المزيد من الاستقرار في الموقف السياسي في البلاد، وإذا أظهرت الحكومة الحالية المنتخبة استقراراً، فإن تنفيذ خطة تنمية الكويت قد يبدأ في النشاط، الأمر الذي قد يساعد بدوره الاقتصاد على التنوع. ولا يمكن للقطاع غير النفطي أن يكتسب زخماً مرة أخرى، إلا إذا كانت هناك زيادة في الإنفاق الحكومي الرأسمالي على البنية التحتية وعلى مشروع تحويل الكويت إلى مركز مالي يتمتع بمرافق تجارية تتسم بالكفاءة. ومع ذلك، فإن النمو في القطاع غير النفطي قد لا يتحقق إذا اقتصر تركيز إنفاق الحكومة على الاستهلاك ورواتب القطاع العام. ويلعب قطاع الصناعة دوراً حيوياً في تطوير الاقتصاد وتعزيز القطاع الخاص، رغم أنه يعد أقل تطوراً مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وترى «كابيتال ستاندردز» أن أي تأجيل آخر في تنفيذ خطة تنمية الكويت قد يفرض تهديداً لمستقبل النمو الاقتصادي للقطاع غير النفطي. ويوزع إجمالي إنفاق الكويت بين النفقات الرأسمالية والنفقات الجارية التي تمثل 12.79 و87.20 في المئة على الترتيب، وما زالت أجور الموظفين تشهد اتجاهاً نحو الارتفاع منذ عام 2007، ما يعكس ارتفاع أجور القطاع العام. وتمثل نسبة الرواتب والأجور 26.68 في المئة من الإنفاق الجاري للكويت، وقد ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من الضعف في السنوات الست الماضية. وأشارت «كابيتال ستاندردز» إلى أن الاتجاه المرتفع للرواتب والأجور إذا استمر فقد يكون على حساب الإنفاق الحكومي الرأسمالي ذي العلاقة بخطة تنمية الكويت، بالإضافة إلى ذلك، يمثل إنفاق الحكومة على الدعم نسبة 55.75 في المئة من الإنفاق الجاري، وإذا تمكنت الحكومة من تحقيق توازن بين الإنفاق الجاري والرأسمالي في المستقبل، فإن التطوير الاقتصادي للقطاع غير النفطي قد يزدهر.