د. محمود إبراهيم الدوعان جدة عروس البحر الأحمر , وأجمل المدن - على الإطلاق- الواقعة على ساحليه الشرقي والغربي، وبها معظم مقومات الجذب السياحي الذي تضاهي به أجمل المدن السياحية في العالم. وقد حصلت هذه المدينة من منظمة المدن العربية في الثمانينيات الميلادية على جائزة النظافة لأجمل المدن العربية، حيث كانت النظافة عنوانها فهي نظيفة مشرقة أينما ذهبت. اليوم جدة تعاني من قلة النظافة خاصة في شوارعها الجانبية وأمام المحلات التجارية، والتموينات، وبقية الأنشطة الخدمية، فقد تصطدم بعلب البيبسي، والعصير، والأوراق، والزجاج عند دخولك أو خروجك من بعض المحلات وأثناء سيرك، وهو منظر غير حضاري لمدينة يصرف عليها مليارات الريالات من أجل نظافة شوارعها، وأحيائها ما تباعد منها وما تقارب. إنك لتعجب من أداء شركات النظافة المتعاقبة على هذه المدينة، التي تفوز بعقود نظافتها وتحصد الملايين ولا تقوم بأداء مهامها المنوطة بها كما يجب، فهذه الشركات تكسب في كلتا الحالتين عند توقيع عقودها مع الأمانة وبأرقام فلكية، ومن خلال تعاقداتها مع شركات أخرى خارجية أو داخلية تعمل في نفس المجال (الخردة)، حيث يعاد تصنيف المواد المجمعة من النفايات وتباع بعشرات الملايين من الريالات لجهات خدمية أخرى للاستفادة منها، علما بأن جمع ونقل النفايات في دول مجاورة يقدم مجانا للمستهلكين من قبل تجار يعملون في هذه المهنة، ولا يجرؤ أحد أن يجتاز مواقعهم، ولهم مراكز قوى في المناطق التي يجمعون النفايات منها، ولا يسمحون لغيرهم بمشاركتهم في هذه المهنة . إن نظافة مدينة جدة مسؤولية مشتركة بين جميع فئات المجتمع، فقضية الإصحاح البيئي مهمة ومطلب أساس في خدمة صحة الإنسان، حيث إن هذه المخلّفات لها تأثير سلبي على البيئة المجتمعية المحيطة. فالأمانة أدت دورها في الحفاظ على نظافة الشارع العام، وكلّفت بذلك شركات عاملة على مدار العام لجمع المخلّفات من الشوارع، والأحياء، والمصانع، وغيرها، ومن ثمّ يأتي دور الأفراد وهو مهم أيضا، ويتمثل في وضع النفايات في أماكنها المخصصة، وعدم إلقائها في الشارع العام، كما أن مسؤولية أصحاب المحلات والتموينات وغيرهم من مراكز الخدمات العامة مضاعفة، حيث يجب أن يلتزموا بنظافة المكان أمام محلاتهم وحولها، ولا بد أن يكون هناك متابعة وبصفة مستمرة من قبل البلديات الفرعية لمتابعة أصحاب المحلات والحرص على نظافة المكان، والتنبيه على الجميع قبل تطبيق الغرامات، أو الجزاءات، أو الإغلاق إذا لزم الأمر. يجب أن يكون هناك تنسيق بين الجهات ذات العلاقة بنظافة جدة بشكل عام ونظافة الشوارع الفرعية وأمام المحلات بشكل خاص، كما أن هناك ملحوظة عامة يجب أن نشير إليها في هذا المقال وهي: إساءة سائقي الليموزين وغيرهم للشارع العام، وخدش مشاعر الناس بفتح باب السيارة والبصق على الأرض دون مراعاة لمستخدمي الطريق، وهذه والله طريقة مرفوضة في كل المجتمعات الحضرية، ولا يشاهدها الإنسان إلا في بيئتنا الجامعة لألوف الوافدين القادمين من بيئات متباينة الثقافات، وهنا يجب أن يعمم على جميع شركات الليموزين - على الأخص - بالتنبيه على سائقيها بعدم الإساءة لمشاعر الناس بتصرفاتهم اللاأخلاقية في شوارعنا التي يرتادها الألوف من السائحين من مختلف دول العالم كحجاج، ومعتمرين، وزوار، وسائحين. نحن ننادي بالمسؤولية المجتمعية المشتركة،وإنكار الذات، وتصحيح المفهوم الخاطئ بأن الحكومة تفعل كل شيء، وأنها مسؤولية الأمانة وحدها في تحمل تجاوزات الآخرين، ولذا لا يمكن أن تصبح مدينة جدة نظيفة في ظل غياب الوعي البيئي بأهمية النظافة وهي شعبة من شعب الإيمان، لقوله صلى الله عليه وسلم: « الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق»، ولا يمكن أن يكون لدينا مدينة نظيفة وخالية من المخلّفات في ظل غياب المتابعة والرقابة اللصيقة من قبل البلديات لأصحاب المنشآت الخدمية العامة، والاستعانة بوسائل الإعلام المختلفة في رفع درجة الوعي البيئي لدى جميع فئات المجتمع مواطنين، ومقيمين، وعمالة وافدة ( من مجهولي الهوية)، بالالتزام بالآداب العامة في نظافة الطريق. إذا لم يكن هناك شعور عام بأن هذه مدينتنا ويجب أن نحافظ على نظافتها لتكون في أجمل وأبهى صورة، فلن نبرح مكاننا وسنظل ندفع المليارات لشركات النظافة المقصرة في أداء مهامها، والتي لم تفِ بواجباتها حسب العقود المبرمة معها على نظافة جدة، ونقل مخلّفاتها، وعدم تركها في الشوارع أو الأحياء كما نلاحظه الآن. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (37) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain