■ بقيت وفية لتلفزيون الكويت والمكان الذي حفرت اسمها فيه، اخلصت له بالرغم من الاغراءات التي قدمت اليها، لم تسع وراء المال، كان همها السمعة الطيبة، يكفيها ان المذيعات والقياديين الذين مروا على تلفزيون الكويت منذ منتصف الستينات والى اليوم يحبونها ويحترمونها، وهي لذلك كانت «وجها في الاحداث». ■ 44 سنة وهي تعمل في التلفزيون كانت من اوائل الذين عينوا في قسم المكياج من السيدات ايام عبدالعزيز المنصور رئيس القسم ومؤسسه، ثم وضحة الغضبان اللذين تناوبا على هذا القسم منذ عام 1968، وهي التي استمرت منذ ذلك العام ولغاية 2012 مسؤولة عن مكياج مذيعات البرامج والمنوعات بالقناة الاولى. ■ عندما جاءت نوما نظير مسعد الكويت لظروف خاصة عملت في صالون نسائي، وكانت تذهب للتلفزيون بين وقت وآخر للاستعانة بها كسيدة لتقوم بعمل التجميل الى ان طلب منها التفرغ للتلفزيون وبتزكية من مذيعات المنوعات والفقرات امثال، امينة الشراح وليلى شقير ونداء النابلسي وهدى المهتدي الريس ونادية اديب وباسمة سليمان وماما انيسة وهيا الغصين ومنى طالب. ■ انتسبت الى تلفزيون الكويت في عصره الذهبي ايام الابيض والاسود، وكان ينافس اهم المحطات العربية ببرامجه وضيوفه، وما يقدمه غالباً ما يتعرض للتقليد، وفي عهد الاستاذ محمد السنعوسي اعطاها التقدير وشجعها على الاستمرار. ■ لن تجد وجها في المذيعات افضل من امينة الشراح، فعندما كان الجمهور ينظر اليها كنت تسمع عبارة «يا سبحان الخالق»، فالتلفزيون لم ينتج احسن منها خلقاً واداء وشكلاً، ولذلك تعتبرها من الاسماء الخالدة في تاريخ المذيعات، فمن كانت تطلع على الشاشة في ذلك الوقت تعتبر مغامرة. ■ تدين بالفضل لاستاذها د. عبدالعزيز المنصور الذي اخذ بيدها وادخلها في دورات تخصصية بعد ان درست في لبنان، ونالت شهادة الدبلوم لتمارس عملاً احبته فأبدعت فيه، لا سيما ان اساسيات التجميل لوجوه المذيعات والمذيعين بالتلفزيون تختلف كلياً عن المكياج لسهرة او مناسبة خاصة. فلكل حالة مستلزماتها وخصوصياتها، المهم هنا ان تكون ملمة باساسيات المكياج التي لم يؤثر فيها او عليها التقنيات الحديثة في عالم الكاميرا والاضاءة. ■ قد تكون الوحيدة من الجيل الذي عمل في التلفزيون منذ عام 1968. والذين انتسبوا إلى هذه المؤسسة الإعلامية في السبعينات لم يبق منهم أحد، فقد عاصرت وزراء الإعلام من أيام المرحوم الشيخ جابر العلي والى الآن، وعملت مع مديري التلفزيون في عهد الاستاذ محمد السنعوسي إلى رضا الفيلي وعبدالوهاب سلطان وسالم الفهد وبدر المضف وعلي الريس وصولا للشيخ فهد المبارك الصباح. ■ تعمل على أساس أن اهمية المكياج تكمن ببساطته، والمذيعة كلما كانت طلعتها متواضعة بعيدة عن التبرج كانت أجمل وأوقع، لأن الهدف أن يتجه المشاهد الى سماع المضمون والكلام وليس إلى ملامح الوجه وإبهاره بالاطار العام «فالشيء الذي يزيد عن حده ينقلب ضده». ■ ارتبطت بعلاقة إنسانية وتقدير مع الوزير المرحوم الشيخ سعود الناصر الصباح الذي أعطاها حقها، وكان المذيع اللبناني مارسيل غانم شاهدا على ذلك عندما جاء الى الكويت يجري حديثا مع الوزير ويدخل في حوار مع السيدة نوما مسعد ودعوتها للعمل في تلفزيون LBC فكانت اجابتها: «لن أترك تلفزيون الكويت، لأن حياتي وعمري هنا...»... بعدها التقى مارسيل بالوزير ليبلغه «عندكم سيدة وفية».. وكانت لفتة إنسانية من الشيخ سعود نحوها قائلا «تعيشي بأصلك». ■ مسماها الوظيفي «فني اول مكياج» لكنها لا تتوقف عند المسميات فعملها هو الرصيد الذي تتكئ عليه، والاستاذ علي الريس احد المديرين الذين استعانوا بها في عمل البرامج والمسلسلات والمهرجانات السينمائية حتى باتت تطلب بالاسم من معظم الفنانات والفنانين الكويتيين والعرب. ■ «ستايل نوما» هذا ما يتم تداوله بين المذيعات والضيوف، وهو ما يمكن ترجمته بأن لها بصمة خاصة في المكياج تتميز بالبساطة والنعومة والجمال، وعندها ان الألوان الترابية احلى ما يمكن ان تنصح به وتعمل فيه، خصوصاً للوجوه التي تخرج على شاشة التلفزيون، فقد اصبحت تملك فراسة بعلم الوجوه، تعرف ماذا يحتاج هذا الوجه. ■ شركة إيف سان لوران كافأتها بشهادة تقدير، بعد أن افرغت مخازن الشركة وخلال ثلاثة أيام من أقلام جديدة نزلت السوق يطلق عليها «لمسة مشرقة»، قامت بالتعريف عنها في محاضرة منقولة على الهواء، فما كان من السيدات الا ان اتجهن الى اقرب محل لشرائها... لسبب بسيط وهو ان «نوما مسعد» اعجبت بها وتحدثت عنها.. ■ الإبداع جزء أساسي من العمل الذي تمارسه، والتجميل بات بحراً من العلوم، يجري تدريسه في الجامعات، وهناك العشرات من الذين عملوا في التلفزيون، من خريجي معاهد وكليات، لكن يبقى عندها، ان الممارسة اليومية بحب لا بد أن يصاحبها الإبداع. ■ مخلصة لعملها، ولتلفزيون الكويت الذي لم تفارقه لحظة، منذ ان كان المبنى على البحر قرب ميس الغانم القديم، وان تستذكر سيدات عملت معهن بكثير من الوفاء، أمثال منى طالب وأمينة الشراح وهدى المهتدي وليلى شقير. ■ يداك تلتفتان بالحرير يا نوما... جملة تتردد على مسامعها من أشهر الفنانات والمذيعات اللواتي مررن على تلفزيون الكويت، وكلما التقت بإحداهن بادرتها بالقول: «لسِّه منتذكر لمساتك على وجوهنا وشعرنا»، أو كما وصفتها الزميلة ليلى أحمد مرة «ربنا يسعدك يا بنت مسعد». ■ ساهمت في تأسيس غرفة الماكياج بتلفزيون الصباح من باب الخبرات التي تملكها، لكنها أصرت على البقاء في تلفزيون الكويت، لأنها أحبت المكان والناس وهذا بالنسبة إليها يكفي، فالمال لا يغريها، فرصيدها من التقدير والحب والاحترام يعطيها الشعور بالطمأنينة والرضا عن النفس وعندما يذكر اسم «أم رامي» يقولون: والنعم فيها. ■ تزوجت في الكويت وأنجبت ولدها الوحيد رامي، بقيت هي في التلفزيون واختار زوجها الاستقرار في مصر، لتسترجع شريطاً من الذكريات مملوء بالحكايا والمشاهد، وبما يؤهلها أن تضعها في كتاب يروي قصة التلفزيون. ■ عرفت أسماء لامعة في دنيا الفن والتمثيل بدءاً من سعاد عبدالله وحياة الفهد، مروراً بأصالة وماجدة الرومي، وصولاً لغادة عبدالرازق وصفاء أبوالسعود، ومع كل واحدة قصة إنسانية جميلة وان كانت تبدي استحساناً بوجه أصالة... على سبيل المثال. http://hamzaolayan.maktoobblog.com