فتحت لجنة التحقيق التابعة للنيابة العامة الروسية أمس قضية جنائية ضد سيرجي أودالتسوف منسق حركة "الجبهة اليسارية" وأحد قادة المعارضة الروسية وناشطين آخرين، بتهمة التهيئة لإثارة اضطرابات واسعة النطاق في البلاد. وبعد استجوابه من قبل السلطات الروسية أعطى أودالتسوف تعهدا خطيا بعدم المغادرة كشرط للإفراج عنه. وبعد تفتيش منازل أودالتسوف والناشطين قسطنطين ليبيديف وليونيد رازفوزجايف واستجوابهم، تم اعتقال ليبيديف الذي يعمل مساعدا لأودالتسوف لمدة 48 ساعة بعد ذلك. ومن المرجح أن يتم تمديد فترة اعتقاله لاحقا. وقررت اللجنة فتح ملف جنائي بعد التدقيق في المعلومات التي جاءت في فيلم وثائقي بثته قناة "إن تي في" الموالية للسلطة حول القائمين على تنظيم الاحتجاجات الحاشدة في روسيا التي اندلعت موجتها ديسمبر الماضي. وجاء في الحلقة الثانية من الفيلم الذي يحمل عنوان "تشريح الاحتجاج" أن أودالتسوف وليبيديف ورازفوزجايف التقوا في يونيو الماضي في مدينة مينسك مع السياسي الجورجي غيفي تارغامادزه، وبحثوا معه خططهم لإثارة اضطرابات في روسيا. ويضم الفيلم شريط فيديو للقاء تم تصوريه خلسة. ويشير الفيلم إلى أن أودالتسوف بحث مع السياسي الجورجي أيضا مسألة تمويل المعارضة الروسية. وأعلنت لجنة التحقيق أنها درست الشريط وتوصلت إلى استنتاج مفاده أن أحد أصوات المشاركين في اللقاء يعود لأودالتسوف. وكان أودالتسوف وتارغامادزه قد نفيا في وقت سابق أنهما يعرفان بعضهما البعض. لكن فلاديمير ماركسن المتحدث باسم لجنة التحقيق قال في وقت لاحق أن أودالتسوف اعترف بأنه التقى الصيف الماضي مواطنا جورجيا كان يطلق عليه "غيورغي فاسيلييفيتش". وفي حال إدانة أودالتسوف بالتهمة الموجهة إليه، سيواجه عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 4 و10 سنوات. لكن اللجنة لم تستبعد توجيه تهم جديدة إلى المتهمين، مضيفة أنها تحقق ليس مع أودالتسوف ومساعده ليبيديف ورازفوزجايف -وهو مساعد للنائب المعارض إيليا بونوماريوف- بل مع أشخاص آخرين لم تكشف عن أسمائهم بعد. ويقول القائمون على إنتاج الفيلم المثير للضجة، أن المعارضة الروسية تستعد للاستيلاء على السلطة في روسيا بالقوة، واعتمادا على الأموال التي تحصل عليها من الخارج. ولذلك لجأ أودالتسوف، حسب الفيلم، إلى مساعدة تارغامادزه الذي كان يترأس آنذاك لجنة الدفاع والأمن في البرلمان الجورجي، والذي له خبرة في إعداد "الثورات الملونة" في جورجيا وأوكرانيا والاضطرابات التي جرت في بيلاروسيا. واعتبر معظم المعارضين والنشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أن الدعوى المرفوعة ضد أودالتسوف سياسية بحتة. حيث أشار ليف بونوماريوف زعيم حركة "من أجل حقوق الإنسان" إلى أن الاتهامات ضد أودالتسوف سياسية ومصطنعة. وأوضح أنه إذا كانت الدولة تسعى لاعتقال إرهابي، فإنها تجري أولا تحقيقا وتعتقل هذا الشخص وبعد ذلك فقط تعلن عن اعتقاله علنا. أما هنا فحاولت السلطات عبر عرض هذا الفيلم تهيئة المجتمع كي يقبل باعتقال الزعيم المعارض. وتجدر الإشارة إلى أن أودالتسوف وهو زعيم المنظمة الشيوعية الشبابية "طليعة الشبيبة الحمراء" ومنسق حركة "الجبهة اليسارية" التي تدعو إلى تبني الاشتراكية، ويعتبر أحد أنشط القائمين على الاحتجاجات المناهضة للسلطة في روسيا. وفي ديسمبر الماضي، بعد فوز حزب "روسيا الموحدة" الحاكم في الانتخابات البرلمانية وسط الاتهامات بتزوير النتائج، تمكنت القوى اليسارية واليمينية والقوميين من توحيد صفوفها وتنظيم سلسلة احتجاجات حاشدة للمطالبة بانتخابات نزيهة ورحيل رئيس الوزراء فلاديمير بوتين الذي أصبح لاحقا رئيسا للدولة مرة أخرى.