باريس - أ ف ب تزيد الفضائح التي تطال شخصيات سياسية واقتصادية في انعدام ثقة المواطنين الأوروبيين في نخبهم وخصوصاً في بلدان تخضع لسياسات تقشف مثل إيطاليا حيث تتنامى التيارات المتطرفة. وفي فرنسا يخشى الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية إيدي فوجييه من أن تعزز قضية التهريب الضريبي التي تورط فيها وزير الموازنة جيروم كاهوزاك «الرأي السائد والرافض للنخب السياسية والمنتشر في مختلف أنحاء أوروبا»، مؤكداً أن «كل ذلك يصبّ في مصلحة النظريات المتطرفة، وخصوصاً نظرية (كلهم فاسدون)». وتساءلت صحيفة «لوموند» يوم الخميس الماضي «كيف لا يشمئز أو لا يغضب المواطنون عندما يرون أن أكبر مسئول مالي في الدولة تنصل ببرودة من التقشف والجهود التي يطلبها منهم؟». وفي حين يقاس هذا الغضب في فرنسا حتى الآن عبر وسائل الإعلام والاستطلاعات، فقد وجد في بلدان جنوب أوروبا التي تعاني من تقشف أشد بكثير منذ سنوات، انعكاساً في صناديق الاقتراع والشارع. وفي إيطاليا تعتبر قضايا الاحتيال أمراً عادياً على غرار المحاكمات بحق سيلفيو برلوسكوني أو الغرامة الكبيرة التي فرضت هذا الأسبوع على مصممي أزياء دولتشي غابانا (343 مليون يورو). ولم يتأن الإيطاليون في الرد؛ إذ فازت حركة الخمسة نجوم لبيبي غريلو الذي يستوعب أصوات الغاضبين من الفساد والتقشف، بنحو 25 في المئة من أصوات الناخبين. واعتبر أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة روما الثالثة، جياكومو ماراماو «لا يجب أن يراود شك أي حزب، حتى وإن لم تتصرف جميعها بالطريقة نفسها، فإنها تواجه كلها غضباً شديداً». وفي شبه الجزيرة الأيبيرية تثير الفضائح المتتالية الاشمئزاز حتى أصبحت صورة الظرف الذي يفترض أن أموال الفساد تودع فيه، والذي يرفعه المتظاهرون في الشارع أو يرسموه على الانترنت، رمز القرف والاشمئزاز. وقال أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة كومبلوتنسي بمدريد المحلل، إيميليو دي دييغو، إن «في إسبانيا لم يغفر الناس أبداً لأحد أن يستحوذ على الأموال العامة وخاصة إذا تزامن ذلك مع أزمة شاملة، إن ذلك يثير مشاعر عدائية رهيبة». واهتز الحزب الشعبي الحاكم بتحقيقين يتناول الأول حسابات سرية في الحزب يشتبه أن قيادته استفادت منها بمن فيهم رئيس الحكومة ماريانو راخوي، والثاني الذي أطلق عليه اسم «قضية غورتل» ينغص حياة اليمين منذ العام 2009 ويتعلق بشركات قريبة من الحزب الشعبي يشتبه في أنها دفعت رشا وهدايا من أجل الحصول على عقود في القطاع العام. وتطال الفضائح أيضاً العائلة الملكية منذ أن فتح أحد القضاة تحقيقا بشأن تحويل عدة ملايين من اليوروهات من الأموال العامة يلاحق فيها إينياكي أودنغارين زوج ابنة الملك الصغيرة كريستينا التي استدعيت هي شخصياً للمثول أمام القضاء قريباً. وفي اليونان؛ إذ ممارسة التهريب الضريبي تجري على نطاق واسع عبر شركات أوف شور - كما أكد تحقيق دولي ينشر في عدة وسائل إعلام منذ الخميس الماضي - يندد آلاف المتظاهرين أمام البرلمان في كل تظاهرة مناهضة للتقشف «باللصوص»، وتورطت ثلاث حكومات متهمة بالجمود في «لائحة لاغارد» التي تحتوي على ألفي اسم ليونانيين لديهم حسابات مصرفية في فرع سويسري من بنك إتش إس بي سي. واتهم الصحافي الذي كشف القضية كوستاس فاكسيفانيس بانتهاك معطيات شخصية بينما اتهم وزير المالية السابق يورغوس باباكونستانتينو بتزوير اللائحة المذكورة وسحب اسمي اثنتين من قريباته. ولم تنج بلدان شمال أوروبا. ففي بلجيكا اعتبر إنشاء الملكة فابلولا (84 سنة) «مؤسسة خاصة» نهاية العام 2012، طريقة لتفادي دفع حقوق الإرث، وقد تراجعت الملكة من حينها وقلصت الحكومة حصتها السنوية من 1,4 مليون يورو إلى نحو 925 ألف يورو. صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3866 - الإثنين 08 أبريل 2013م الموافق 27 جمادى الأولى 1434ه